معتز عيسى برشم.. بطل أولمبي قطري لا يعترف بكلمة "المستحيل"

معتز عيسى برشم بطل أولمبي قطري لديه قصة ملهمة للعديد من الرياضيين في بلده أو الوطن العربي، سواء في رياضة ألعاب القوى أو غيرها من الرياضات الأخرى، إنه مثال يحتذى به في التفوق والإصرار والعزيمة والاجتهاد وعدم الاستسلام، وأولمبياد باريس 2024 كانت شاهدة على ذلك.

إنه "الصقر"، إنه البطل "الطائر" الذي لا يعترف بكلمة "المستحيل"، فالمستحيل ليس قطريًا، ولن يكون كذلك، وهذه العبارة يجسدها برشم بامتياز، والقصة لم تبدأ بتحديه الإصابة في تصفيات الوثب العالي بأولمبياد باريس، بل إن فصولها بدأت قبل ذلك بسنوات.

قصة بدأت منذ الطفولة بمرافقته لوالده في تدريبات العدو، وتواصلت حتى بلغ القمة، ليكون أول رياضي يصعد 4 مرات إلى منصة التتويج في منافسة الوثب العالي ضمن الأولمبياد، إنها قصة كفاح ونجاح.

معتز عيسى برشم أول رياضي في الوثب العالي يفوز بميداليات في 4 أولمبياد متتالية

وصلت قصة معتز عيسى برشم إلى مرحلة كبيرة من النجاح، حيث أصبح أول رياضي في الوثب العالي يفوز بـ 4 ميداليات في 4 نسخ متتالية من الألعاب الأولمبية الصيفية، وذلك في إنجاز كبير يُحسب للبطل الأولمبي القطري العملاق.

وبدأت قصة تقلد برشم للميداليات في الألعاب الأولمبية من أولمبياد لندن 2012، إذ كان حينها شابًا يافعًا لم يتجاوز الـ 21 عامًا، عندما نال الميدالية الفضية باحتلاله المركز الثاني في الوثب العالي بعد تجاوزه ارتفاع 2.29 متر، ليأتي خلف الأمريكي إيريك كينارد صاحب الميدالية الذهبية، وقبل الكندي ديريك دروين المتوج بالبرونز.

وظل البطل الأولمبي القطري يثابر ويعمل ويجتهد، وكان قريبًا من التتويج بالذهب الأولمبي في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016، ولكنه احتفظ في النهاية بالفضة بوثبة ارتفاعها 2.36 متر، متخلفًا بفارق 2 سنتمتر فقط عن صاحب الذهبية الكندي ديريك دروين، ومتفوقًا على الفائز بالبرونزية الأوكراني بوهدان بوندارينكو.

ولأن "الصقر" كان مصرًا على تقلد الذهب والفوز به، فقد كان له ذلك في أولمبياد طوكيو 2020 التي أجلت إلى عام 2021 بسبب جائحة كورونا، حيث نال البطل القطري الميدالية الذهبية الأولمبية لأول مرة في مسيرته ضمن الوثب العالي عقب انتزاعه للمركز الأول بوثبة ارتفاعها 2.37 متر، وبروح رياضية عالية، قرر برشم اقتسام الذهبية مع منافسه وصديقه الإيطالي جيانماركو تامبيري.

وفي سن 33 عامًا، لم يستسلم البطل الأولمبي القطري معتز عيسى برشم قط، ودخل المنافسة في أولمبياد باريس 2024، وعينه على الفوز بإحدى الميداليات، ورغم تعرضه لإصابة في ربلة ساقه اليسرى خلال التصفيات، كما تحداها، وتحامل على نفسه، ونجح بفضل إرادته الكبيرة في الوصول إلى النهائي.

وقاعدة برشم تقول إنه لا يمكنه التأهل إلى النهائي دون الفوز بإحدى الميداليات، وبالفعل ظفر البطل القطري بالميدالية البرونزية في باريس 2024 بتجاوزه ارتفاع 2.34 متر، بينما كان الذهب من نصيب النيوزيلندي هاميش كير، والفضة لصالح الأمريكي شيلبي مكوين.

معتز عيسى برشم تأثر بوالده.. والصبر منحه مفتاح النجاح 

طريق معتز عيسى برشم نحو النجاح لم يكن مفروشًا بالورود، بل جاء ثمرة للكثير من الصبر والاجتهاد. كيف أحب البطل الأولمبي القطري رياضة ألعاب القوى، البداية كانت من تأثره بوالده عيسى محمد برشم بالجري معه في منافسات العدو واختراق الضاحية.

الجري كان أول شيء يمارسه البطل الأولمبي القطري في رياضة ألعاب القوى مع نادي الريان؛ ولكنه لم يجد نفسه في هذا الاختصاص، ليقرر التحول إلى الوثب العالي الذي لم تكن بدايته معه مشجعة أيضًا، ولكن والده طالبه بالتحلي بالصبر، كما أن مدربه حينها حلمي أبو سلامة شجعه لمواصلة الطريق والمشوار.

وتلقى برشم ضربة موجعة برفقة أفراد عائلته برحيل جده لوالده عن الحياة، ولكن البطل القطري تحمل هذه الضربة، وحولها إلى حادث فارق تجاوز به أحزان والده، وهو الهدف الذي حققه بالفعل، عندما اجتاز ارتفاع المترين لأول مرة في سن 16 عامًا، لينضم بعدها إلى أكاديمية أسباير القطرية الشهيرة للتفوق الرياضي.

القطري معتز برشم يحرز برونزية الوثب العالي بأولمبياد باريس

اقرأ المزيد

وتخرج "الصقر" -مثلما يلقب- من أكاديمية أسباير حاملًا بين يديه شهادة الثانوية العامة، مع تلقيه للتعليم الجيد والتدريب الاحترافي مع أفضل مدربي ألعاب القوى في العالم، ليحدث بعدها اللقاء -عقب دخوله عالم الاحتراف- مع مدربه السويدي والذي يعتبره والده الثاني ستانيسلاف تشيشتيربا الذي حقق تحت قيادته الكثير من الألقاب والإنجازات.

ويملك معتز عيسى برشم سجلًا مرصعًا بالميداليات والألقاب، حيث نال 4 ميداليات أولمبية، 1 ذهبية و2 فضية و1 برونزية، كما أنه تُوج بطلًا للعالم في 3 مناسبات، مع نيله ميدالية فضية وأخرى برونزية، وفي بطولة العالم داخل القاعة، حصد البطل القطري الذي لا يعترف بكلمة "المستحيل" ميدالية ذهبية وأخرى فضية، ويملك "الصقر" ثاني أعلى قفزة في تاريخ الوثب العالي بارتفاع 2.43 متر، متخلفًا بفارق 2 سنتمتر فقط عن الرقم القياسي العالمي للكوبي خافيير سوتومايور 2.45 متر، والصامد منذ عام 1993.