مشاركة تاريخية للتحكيم العربي في مونديال قطر 2022
يشهد مونديال كأس العالم قطر 2022 مشاركة تاريخية للتحكيم العربي، بحضور 13 حكمًا عربيًا (3 للساحة و7 مساعدين و3 للفيديو)، في امتداد لمسيرة الحكام العرب الذين كانت لهم بصمات مميزة في النسخ السابقة.
وسيشارك في مونديال قطر حكام الساحة: القطري عبد الرحمن الجاسم، والإماراتي محمد عبد الله حسن، والجزائري مصطفى غربال، أمّا المساعدون فهم القطريان طالب المري، وسعود أحمد، والمصري محمود أبو الرجال، والإماراتيان محمد الحمادي وحسن المهري، والجزائريان مقران قوراري، وعبد الحق إيتشعلي، أما حكام تقنية الفيديو "VAR" فهم القطري عبد الله المري، والمغربيان رضوان جيد، وعادل زوراق.
وللمرة الأولى في تاريخ المونديال، ستشهد بطولة كأس العالم قطر 2022 مشاركة 6 سيدات في إدارة مباريات كأس العالم، منهن 3 حكمات ساحة، هن الفرنسية ستيفاني فرابار، والرواندية ساليما موكاسانغا، واليابانية يوشيمي ياماشيتا، و3 حكمات مساعدات، هن البرازيلية نويزا باك، والمكسيكية كارين دياز ميدينا، والأمريكية كاثرين نيسبيت.
وتحمل أوراق التاريخ الكثير من المشاركات العربية والتي يجري استعراضها منذ عام 1934 والذي شهد أول حضور عربي عبر المصري يوسف محمد.
مسيرة عربية تمتد 88 عامًا
خاض التحكيم العربي في كأس العالم على مدار تاريخه تجارب مشرفة خلال 88 عامًا منذ أول مشاركة له في النسخة الثانية من البطولة عام 1934 وصولًا إلى نسخة 2022 التي ستحتضنها قطر خلال الشهر الجاري.
وسجل التحكيم العربي مشاركته في كأس العالم بمونديال إيطاليا 1934، عندما شارك الحكم المصري يوسف محمد في إدارة مباراة تشيكوسلوفاكيا وسويسرا التي انتهت لصالح الأول بثلاثة أهداف لهدفين في الدور ربع النهائي حكم راية، ليكون أول حكم عربي يشارك في إدارة مباريات كأس العالم.
32 عامًا من الغياب
وبعد أول مشاركة للتحكيم العربي، غاب لمدة 32 عامًا، قبل العودة في نهائيات مونديال إنجلترا 1966، ولم يغيبوا عنها منذ ذلك الوقت. ويعد المصري علي قنديل، أول حكم ساحة عربي، عندما أدار مباراة كوريا الشمالية وتشيلي لحساب المجموعة الرابعة، وهي المباراة التي انتهت بالتعادل بهدف لمثله.
وعاد قنديل للمشاركة في نسخة 1970 في المكسيك، عندما أدار مباراة صاحب الأرض منتخب المكسيك مع منتخب السلفادور في المجموعة الأولى، وقد انتهت المباراة حينها بفوز منتخب المكسيك برباعية نظيفة.
واستمر الحضور المصري في مونديال ألمانيا عام 1974 عندما قاد محمود مصطفى كامل مواجهة ألمانيا الغربية وأستراليا أمام أكثر من 53 ألف متفرج في مدينة هامبورغ، وهي المباراة التي حسمها أصحاب الأرض بثلاثية نظيفة لحساب المجموعة الأولى.
وفي مونديال الأرجنتين عام 1978، أصبح السوري فاروق بوظو أول حكم عربي من القارة الآسيوية يدير مباراة في النهائيات، إذ أوكلت إليه مهمة إدارة المواجهة التي جمعت المنتخب الألماني حامل اللقب مع المكسيك في المجموعة الثانية، والتي انتهت بفوز عريض لمنتخب ألمانيا بستة أهداف دون رد.
وشهدت مرحلة الثمانينيات من القرن الماضي طفرةً للتحكيم العربي في المونديال؛ بمشاركة 3 حكام عرب في نسخة واحدة للمرة الأولى، وذلك في مونديال إسبانيا 1982 الذي شهد مشاركة الحكم البحريني إبراهيم الضوي والليبي يوسف الغول والجزائري بلعيد لاكارن.
وتولى إبراهيم الضوي إدارة مباراة المجر والسلفادور والتي انتهت بفوز المجر بنتيجة (10 -1) ضمن المجموعة الثالثة، بينما أدار يوسف الغول المباراة التي تغلّب فيها منتخب الاتحاد السوفيتي بثلاثية نظيفة على نيوزيلندا في المجموعة السادسة، وأدار بلعيد لاركان المباراة التي شهدت فوز الأرجنتين على المجر بنتيجة (4 -1) في المجموعة الثالثة.
يد مارادونا وأول حكم سعودي
شهد مونديال المكسيك 1986 ظهور أول حكم سعودي في المونديال، وهو فلاج الشنار، إلى جانب السوري جمال الشريف، والتونسي علي بن ناصر.
وأدار الشنار مباراة كوريا الجنوبية وبلغاريا التي أقيمت في دور المجموعات وانتهت بالتعادل بهدف لمثله، وأدار جمال الشريف لقاء المجر ضد كندا والذي انتهى بفوز المجر بهدفين نظيفين، ولقاء إنجلترا ضد الباراغواي الذي ذهبت نتيجته لصالح الأسود الثلاثة بنتيجة (3-0)، ليصبح أول حكم عربي يدير مباراتين في المونديال.
وأدار التونسي علي بن ناصر مباراة بولندا والبرتغال والتي انتهت بهدف نظيف للبولنديين في دور المجموعات، ثم أدار المباراة الشهيرة بين إنجلترا والأرجنتين في ربع النهائي، وتصدر المشهد في هذه المواجهة الهدف الذي سجله النجم الأرجنتيني الراحل دييغو أرماندو مارادونا بيده في مرمى الحارس الإنجليزي بيتر شيلتون في ربع النهائي، ليتعرض الحكم التونسي بن ناصر لانتقادات حادة من الإعلام الإنجليزي بعد فوز الأرجنتين بهدفين لهدف.
وشهدت نسخة مونديال إيطاليا 1990 مشاركة 4 حكام عرب، هم التونسي ناجي الجويني، والسوري جمال الشريف، والحكمان المساعدان، الجزائري محمد حنصال والبحريني جاسم مندي. وأدار الشريف مباراة أمريكا والنمسا التي انتهت لصالح أبناء فيينا بهدفين لهدف في دور المجموعات، بينما أدار الجويني مباراة البرازيل وكوستاريكا التي حسمها منتخب السامبا بهدف نظيف.
وشهدت نسخة أمريكا 1994 ظهور الحكم الإماراتي علي بوجسيم في كأس العالم إلى جانب استمرار الشريف والجويني. وأدار الشريف مباراتي رومانيا التي فازت بها 3-1 على كولومبيا ومباراة روسيا التي فازت بها 6-1 على الكاميرون في دور المجموعات، بينما أدار الجويني مباراة رومانيا التي خسرتها 1-4 أمام سويسرا، ومباراة بلغاريا التي فازت بها 2-0 على الأرجنتين في دور المجموعات.
وأدار بوجسيم مباراة بلغاريا التي فازت بها 4-0 على اليونان في دور المجموعات، ثم تولى الشريف إدارة مباراة المكسيك وبلغاريا في ثُمن النهائي، والتي شهدت فوز بلغاريا بركلات الترجيح بعد التعادل 1-1، وبعد ذلك أدار الحكم الإماراتي مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع بين السويد وبلغاريا، والتي انتهت بفوز السويد برباعية نظيفة.
نسخة استثنائية ونهائي بلقولة
وأصبحت مسابقة فرنسا 1998 استثنائية للتحكيم العربي في كأس العالم، إذ شهدت مشاركة 4 حكام، هم المغربي سعيد بلقولة، والمصري جمال الغندور، والسعودي عبد الرحمن الزيد، والإماراتي علي بوجسيم.
وعرفت هذه النسخة إنجازًا تاريخيًّا بحضور الحكام العرب للمرة الأولى في إدارة المباراة النهائية للمونديال، بعدما تم اختيار بلقولة لإدارة مباراة فرنسا والبرازيل في نهائي المونديال الذي انتهى بفوز فرنسا بثلاثية نظيفة، كما أدار مباراتين أخريين في دور المجموعات بالبطولة.
وأدار بوجسيم مباراة المغرب وإسكتلندا والتي انتهت بفوز أسود أطلس بثلاثية نظيفة في مرحلة المجموعات، ولقاء فرنسا الذي فازت به 1-0 على الباراغواي في ثمن النهائي، ثم مباراة البرازيل التي فازت بها بركلات الترجيح بعد التعادل 1-1 مع هولندا في نصف النهائي.
وأدار الغندور مباراة تشيلي والنمسا التي انتهت بالتعادل 1-1 في دور المجموعات، ومباراة البرازيل التي فازت بها 3-2 على الدنمارك في ربع النهائي، بينما أدار عبد الرحمن الزيد مباراة الباراغواي وبلغاريا (0/0) ومباراة هولندا والمكسيك (2/2) في دور المجموعات.
افتتاحية بوجسيم
وفي نسخة كوريا الجنوبية واليابان 2002، ارتفع عدد الحكام العرب إلى 5، حيث أدار بوجسيم مباراتين، من ضمنهما المباراة الافتتاحية بين فرنسا والسنغال، فيما أدار كل من المغربي محمد قزاز والتونسي مراد الدعمي مباراة واحدة في دور المجموعات.
وشهدت هذه النهائيات مردودًا مميزًا للحكم الكويتي سعد كميل الذي أدار 3 مباريات، منها مباراة تركيا وكوريا الجنوبية في مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع والتي فاز فيها أبناء إسطنبول 3-2، بينما أدار الغندور مباراتين في دور المجموعات، ومباراة كوريا الجنوبية وإسبانيا الشهيرة في ربع النهائي والتي خسر فيها الماتادور بركلات الترجيح بعدما انتهت نتيجتها الأصلية بالتعادل السلبي.
وفي نسخة ألمانيا 2006، تراجع حضور التحكيم العربي في المونديال، بمشاركة حكم وحيد هو المصري عصام عبد الفتاح، والذي قاد مباراة وحيدة في دور المجموعات بين أستراليا واليابان لحساب المجموعة السادسة وذهبت نتيجتها لصالح الكانغرو 3-1.
عودة سعودية
وكان مونديال جنوب أفريقيا 2010 شاهدًا على عودة التحكيم السعودي إلى هذا العرس العالمي، بحضور خليل جلال الذي كان الممثل الوحيد للتحكيم العربي بجنوب أفريقيا، وقد أوكلت إليه مهمة قيادة قمة فرنسا والمكسيك في المجموعة الأولى، والتي خسرها الديوك بهدفين دون رد، وأدار أيضًا المباراة التي انتصر فيها منتخب تشيلي على سويسرا بهدف نظيف في المجموعة الثامنة.
وانتقل التحكيم العربي إلى قارة أمريكا الجنوبية في نسخة البرازيل 2014، حيث جرى اختيار الحكمين، الجزائري جمال حيمودي والبحريني نواف شكر الله، لإدارة مباريات بالبطولة.
وأصبح الجزائري جمال حيمودي أكثر حكم عربي يدير مباريات في نسخة واحدة، إذ أدار 4 مباريات في مونديال البرازيل 2014، من بينها مباراة بلجيكا والولايات المتحدة في الدور ثُمن النهائي، والتي فازت فيها بلجيكا بهدفين مقابل هدف واحد بعد التمديد، ومباراة تحديد المركزين الثالث والرابع والتي اكتسحت فيها هولندا البرازيل بثلاثية نظيفة، بينما أدار البحريني شكر الله مواجهتي إسبانيا وأستراليا في المجموعة الثانية، والبرتغال وغانا في المجموعة السابعة.
أما في نسخة روسيا 2018، فقد جرى اختيار 5 حكام ساحة عرب، هم السعودي فهد المرداسي، والإماراتي محمد عبد الله والمصري جهاد جريشة والبحريني نواف شكر الله والجزائري مهدي عبيد شارف.
وسيكون مونديال قطر على موعد مع مشاركات عربية جديدة من أجل إضافة فصول من التفوق لتلك القصة التي تؤكد أن وطننا العربي مليء بالكفاءات في مجال إدارة المباريات.