ماذا لو لعب ميسي في الدوري الإنجليزي؟
يؤمن جملة نُقّاد بأن الاختبار الحقيقي للاعب كرة القدم المحترف، هو اللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز، المسابقة الأشهر والأفضل والأصعب من بين نظرائها، عطفًا على امتلاك أغلب الفرق، لاعبين ومدربين من الصف الأول، بقدرات شرائية ضخمة.
ومع ذلك لا يمكن الجزم، واعتبار مَن لم ينشط في الدوري الإنجليزي، من النوع الاعتيادي غير الباهر، فهناك لاعبون لم ينافسوا في الملاعب الإنجليزية، بيد أنهم أساطير بالفعل أمثال رونالدو ورونالدينيو وريفالدو من البرازيل، وجميعهم حققوا جائزة الكرة الذهبية.
لكن، يظل الأرجنتيني ليونيل ميسي -أفضل لاعب في العالم 7 مرّات- أشهر نجم لم يلعب في الدوري الإنجليزي على الإطلاق.
الكاتب الإنجليزي الشهير، جوناثان ويسلون، نشر مقالة في صحيفة غارديان (Guardian) البريطانية، تناول خلالها السيناريو المتوقّع لو كان اختار ميسي الانتقال إلى الدوري الإنجليزي هذا الصيف (2023)، عوضًا عن إنتر ميامي الأمريكي.
ميسي في الدوري الإنجليزي!
يقول ويلسون إن المشكلة الرئيسية التي واجهها ميسي منذ عام 2017 وصولًا إلى الوقت الحالي، هي انهيار مستوياته البدنية بحُكم التقدّم في العمر، ما أجبره على عدم الدفاع. الفرق التي لعب لها ميسي منذ ذلك الحين، دافعت منقوصة من خدماته.
في الحقيقة، كانت ندرة الارتداد الدفاعي والواجبات في الخط الخلفي لميسي، عِلّةٌ عانى منها برشلونة في إقصائه المتتالي من دوري أبطال أوروبا لسنوات، ونفس المعضلة عصفت بأحلام باريس سان جيرمان في المسابقة على مدار عامين.
بافتراض أن ميسي انتقل إلى نيوكاسل بدلًا من إنتر ميامي، فإن هناك سيناريو كارثيًّا كان بانتظاره، ففرق الدوري الإنجليزي تولّي الجانب البدني الأهمية القصوى، ثم تأتي سائر الأولويات الأخرى بعدها، من تكتيكات وخطط فنيّة وما نحو ذلك.
غريليش مُفضّل على ماديسون
ربما الركن الرئيسي الذي استند إليه المدرب غاريث ساوثغيت لاختيار الجناح الأيسر في المنتخب الإنجليزي، هو القدرة البدنية والإمكانات الدفاعية، لذلك فقط اختار جاك غريليش بدلًا من جيمس ماديسون، رُغم أن أرقام الأخير التهديفية كبرى مقارنة بلاعب السيتي.
من هذا المنطلق، فإن ميسي غير مُرحّب به وفق القواعد الكلاسيكية للدوري الإنجليزي، فالجميع يدافع وإن كان مُهاجمًا.
هناك قول مأثور في كرة القدم الأمريكية، يُنسَب إلى المدرب بير براينت، بأن "الهجوم يجلب التذاكر والدفاع يُكسب البطولات" فيما معناه أن هناك طريقين لميسي في مثل هذا العمر والبدن المُثقل، أن يلعب لفريق هجومي لغرض زيادة الأهداف والمتعة، أو خوض تحدٍّ أصعب مع فريق يدافع بضراوة ويفوز بالبطولات.. في الحقيقة انتقى ميسي الخيار الأول، وهو الأسهل.
بالإمكان ملاحظة أن الدوري الإنجليزي بات يعتمد في العصر الحديث -فيما بعد قدوم بيب غوارديولا ويورغن كلوب- على المهام البدنية الشاقة التي تتطلبها ممارسات الضغط العالي لكلا المدربين، وحتّى ماوريسيو بوكيتينو مع توتنهام أيضًا.
لكن ميسي يتألق ضد الفرق الإنجليزية!
أحد المؤشّرات التي اتكأ عليها محبي ميسي حيال ملائمته للعب في الدوري الإنجليزي، أن اللاعب بالفعل تألق ضد أندية إنجلترا في البطولات الأوروبية، فقد سجّل 27 هدفًا من 36 مباراة أمام فرق الـ(بريميرليغ) في مسيرته.
ربما يُؤخذ بهذه النظرية، لكنها كانت في فترة منحصرة قليلًا، فاللاعب اعتاد هز شباك الفرق الإنجليزية في نحو 7 أو 8 مواسم فقط.. ما قبل ذلك وما بعد ذلك كان فترة أشبه بالجفاف.. فمثلًا لم يسجّل ميسي أمام الفرق الإنجليزية في أول 10 مباريات!
بعد 10 مباريات، استطاع ميسي أخيرًا إحراز هدف ضد الفرق الإنجليزية، وكان أيقونيًا بالمناسبة، عندما سجّل من رأسية ذكية في نهائي دوري أبطال أوروبا أمام مانشستر يونايتد في نسخة 2009، وقاد برشلونة للقب بالفوز (2-0) في روما.
لماذا اختار ميسي إنتر ميامي؟
لا يمكن حصر أسباب كثيرة لتفضيل ميسي عرض إنتر ميامي على الهلال السعودي مثلًا. فاللاعب مرتبط من ناحية الانتماء إلى مدينة ميامي تحديدًا، فهي مدينة تكتسي بالصبغة اللاتينية، ويعود أصول أغلب سكّانها إلى أمريكا الجنوبية.
موقع ميامي في جنوب الولايات المتحدة، جعلها القبلة الأنسب للأفواج الأولى من المهاجرين اللاتينيين في القرن العشرين. ومن هنا يشعر ميسي بالانتماء إلى المدينة، التي دشّن فيها مشاريع عملاقة ويمتلك فيها أبراجًا سكنية وقصورًا.