ماذا بعد استبعاد فيتوريا لثلاثي المنتخب المصري؟
لا يمكن أبدًا اعتبار قرار المدير الفني للمنتخب المصري، روي فيتوريا، باستبعاد الثلاثي طارق حامد وحسين الشحات وإمام عاشور، من بعثة المنتخب المصري المسافرة للقاء سيراليون في تصفيات كأس العالم، بالقرار العادي والهين.
منتخب الفراعنة كان قد اكتسح جيبوتي بستة أهداف مع الرأفة، في افتتاح مبارياته في دور المجموعات من التصفيات المؤهلة لكأس العالم، ضمن مجموعة تضم المنتخبين مع سيراليون وإثيوبيا وغينيا وبوركينا فاسو.
القرار اتُخذ بعد عدم إنهاء الثلاثي للمران الذي أجراه اللاعبون الذين لم يشتركوا، أو شاركوا لفترة قليلة في المباراة التي جرت الليلة على استاد القاهرة، ويبدو أن اللاعبين الثلاثة لم يعجبهم تضاؤل دورهم، وعدم حصولهم على فرصة للمشاركة ولو لدقيقة.
القرار وإن فاجأ الجميع، لكنه كان رسالة واضحة من المدير الفني البرتغالي، أن من يخرج عن النظام لن يكون له مكان في المنتخب الوطني.
والحقيقة أن من يثير التساؤل تحديدًا هو إمام عاشور، فقد تحدى فيتوريا الكثيرين من أجل استمرار ضمه للمنتخب، بعد الجدل الكبير الذي دار حوله جراء انتقاله إلى الأهلي، بعد صراع مع الغريم الزمالك، ثم ما قيل حول عدم مشاركته مع الأهلي ضد صن داونز ذهابًا، بعدما تضاربت الأنباء حول عدم مشاركته بسبب الإصابة، أو بسبب خلاف مع المدرب السويسري مارسيل كولر.
باسم مرسي
يعيد هذا الاستبعاد للثلاثي للأذهان مشكلة شهيرة حدثت للمهاجم باسم مرسي، الذي كان المهاجم الرئيسي لمنتخب مصر في فترة هيكتور كوبر.
اعتمد المدرب الأرجنتيني على اللاعب خلال بداية فترته، حتى وصل المنتخب إلى مباراة غانا التي انتصر فيها المصريون بهدفين نظيفين، وفتحت الطريق بوضوح للتأهل الأول في تاريخ المنتخب، بعد 28 عامًا من الغياب عن كأس العالم.
مرسي تم استبداله خلال المباراة للإصابة، ليفاجَأ الجهاز الفني للمنتخب باللاعب في انتظاره في الفندق بدلًا من ذهابه إلى المستشفى، لكن التعامل كان طبيعيًّا بعدما هنأهم مرسي بالفوز، ليُتهم بعد ذلك بادعاء الإصابة والتكاسل عن خدمة المنتخب، ومن ثم استبعاده.
مهاجم الزمالك آنذاك أكد -بعد ذلك- في حوارات تليفزيونية مختلفة أنه لم يدعِ الإصابة، وأنه فشل هو وإداري المنتخب الذي رافقه في الوصول للمستشفى بسبب الزحام الشديد، ليعودوا إلى الفندق، وأنه لم يدرك أن هذا الأمر سيُبعده عن المنتخب.
ومنذ ذلك الأمر، لم يرتد باسم مرسي أبدًا قميص المنتخب، رغم اعتذاره بعد ذلك، وحتى مع تقبل كوبر لاعتذاره وتأكيده على أن سبب عدم استدعاء مرسي مجددًا ليس فقط بعد ما حدث، بل بسبب تراجع مستواه.
ماذا سيحدث؟
الحديث عن تلك القصة لا يعني التشابه بين الموقفين، بل فقط للتدليل على أن أي تصرف لا يعجب المدربين الأجانب قد لا يمر مرور الكرام، وقد يدفع اللاعب ثمنه غاليًا.
محاولات الضغط هي أحد أساليب اللاعبين لسماح المدربين بمشاركتهم لفترة أكبر، لكن تاريخ المدربين الأجانب مع المنتخب المصري يذكر جيدًا أن الضغط عليهم لا يجدي.
هناك أكثر من لاعب عانى من عدم المشاركة بانتظام رفقة فيتوريا أو غيره، لكنه لم يعد أبدًا إلى التشكيلة إلا من خلال مستواه مع ناديه والمنتخب، والمثال الأقرب هنا يتمثل في أحمد سيد زيزو، الذي لم يكن أساسيًّا في السنة الأولى من عهد المدرب البرتغالي، قبل أن يفرض مستواه نفسه، ليقرر فيتوريا في "صناعة" مركز له باللعب في خط الوسط، ما بين مركز 8 والجناح الأيمن، في خطوة لم يتصورها أحد لوجود نجم المنتخب في هذا المركز ،محمد صلاح، الذي تحول ليلعب كرأس حربة ثانٍ في كثير من الأحيان، ما منحه فرصة أكبر للتسجيل بفضل اقترابه أكثر من المرمى.
وفي كل الأحوال، فإن فيتوريا فائز، ففرض نظامه سيتحقق بشكل أكبر، وسواء واصل استبعاده للاعبين أو قرر الاكتفاء بالعقوبة الرئيسية، فإن رسالته قد وصلت تمامًا إلى الجميع، خاصة إن فاز على سيراليون، وخدمته النتيجة لتضاف إلى النتائج التي تخدمه تمامًا منذ وصوله إلى رأس الجهاز الفني لمنتخب الفراعنة.
هل يتأثر المنتخب فنيًّا؟
في الفترة الحالية لا يلعب الثلاثي المستبعد كأساسي، لكن طارق حامد أحد اللاعبين الذين اعتمد عليهم فيتوريا في المنتخب، ووجود مروان عطية لم يكن يعني أنه هو أو حمدي فتحي قد ضمنا التواجد في القائمة، بل ما يزال هناك صراع بين الثلاثي على هذا المركز، مع وجود محمد النني كذلك.
أما إمام عاشور فقد كان قطعة أساسية في منتخب مصر قبل إصابته في الدنمارك وغيابه لفترة. صحيح أن وجود زيزو في مركزه الجديد من شأنه أن يقلل من هذا التأثير، إلا أن غياب إمام عاشور عن منتخب مصر قد يكون مؤثرًا، خاصة إن كان يقدم المستوى المعتاد منه.
يتبقى حسين الشحات الذي يعد من اللاعبين المهمين في فريقه الأهلي، إلا أن دور الشحات في المنتخب ينحصر في كونه لاعبًا للطوارئ، بسبب المنافسة الضارية على مركز الجناح في المنتخب، والتي تجعلنا نرى في كثير من الأحيان واحدًا على الأقل من الثلاثي مرموش وتريزيغيه وزيزو على دكة البدلاء، وبالتالي لا يُنتظر أن يكون استبعاده مؤثرًا بدرجة كبيرة.
لا يُعرف بعد مستقبل اللاعبين مع المنتخب، لكن المؤكد أنهم اختاروا أسوأ توقيت ممكن لمثل هذا الأمر، فالمنتخب لن يجتمع مجددًا قبل تجمع كأس أمم أفريقيا، وما لم يُظهر فيتوريا تفهمًا للموقف واعتبار العقوبة مناسبة لما حدث، وعدم التصعيد لما هو أكثر من ذلك، فإن العواقب قد تكون وخيمة على لاعب ضمك السعودي وثنائي الأهلي المصري.