كيف استفادت مصر من "تجربة الجزائر"؟
خرج أغلب متابعي لقاء منتخبي مصر والجزائر بانطباع مفاده أن هذه هي أكثر مباراة ودية بصبغة رسمية لُعبت بين منتخبين في عام 2023.
المباراة بدأت بسيطرة جزائرية في ربع الساعة الأول قبل أن يبدأ المنتخب المصري في التحرك وصناعة الفرص، إلا أن لحظة فارقة حالت دون استمرار المباراة بالشكل الطبيعي بعد تدخل متهور من الظهير الأيمن للفراعنة محمد هاني على مدافع الجزائر أحمد توبا ليخرج مدافع الأهلي بالبطاقة الحمراء، لتلعب مصر بعشرة لاعبين منذ الدقيقة 26.
خطة مختلفة
المنتخب المصري بدأ اللقاء بطريقة مختلفة إلى حدٍ ما، فبعد لقاء زامبيا الذي خاضه الفريق بطريقة 4-3-3، قرر المدير الفني للمنتخب المصري روي فيتوريا الدفع بأحمد سيد زيزو منذ بداية المباراة لترسم تحركاته خطط الفراعنة التي تمحورت بشكل رئيسي عند الـ4-4-2 مع تحول في بعض الفترات لـ4-3-3.
لكن في الـ4-4-2 أظهرت إمكانية وجود زيزو في مركز الجناح الأيمن عندما يكون صلاح في الملعب، حيث قرر فيتوريا وضع نجم ليفربول في مركز المهاجم إلى جانب رأس الحربة مصطفى محمد، على أن يكون محمود تريزيغيه جناحًا في الجانب الأيسر.
ضغط أشد حدّة
فيتوريا قرر اتباع نهج أشد حدّة في مسألة الضغط، فعندما تواجه فريقًا يجيد البناء من الخلف ويمتلك الأدوات لذلك، رغم افتقاده بشدة لإسماعيل بن ناصر في هذا الصدد، فإن الضغط العالي أحد الأساليب التي يمكن اتّباعها وهو ما فعله فيتوريا الذي أطلق زيزو وتريزيغيه للضغط على ظهيري الجنب، مع التنبيه على مصطفى محمد ومحمد النني بالضغط على لاعبي الارتكاز لمنعهم من تطوير هجمات ثعالب الصحراء.
بعد طرد هاني، عاد منتخب الفراعنة لأسلوبه المعتاد بالدفاع من منتصف الملعب؛ لكن ذلك لم يمنعهم من مواصلة الضغط على لاعبي الوسط بعد التخلي عن مراقبة مدافعي الجزائر مع طلبات بدنية أكثر من محمد صلاح الذي صار عليه المشاركة في عملية الضغط برفقة مصطفى محمد ومحمود تريزيغيه.
فرص بالجملة
لم يُشعرنا منتخب مصر بأنه يلعب منقوص العدد حتى الدقيقة 75 على أقل تقدير. في الحقيقة الفريق كان أفضل من منافسه الجزائري! كان هذا مفاجئًا فقد نجح المنتخب المصري في إبعاد الخطورة عن مرماه في أوقات كثيرة بين الطرد وآخر ربع ساعة في اللقاء، بينما ما ميز المنتخب الأحمر هو قدرته بشكل كبير جدًا على صناعة الفرص.
صناعة الفرص كانت تعتمد بشكل رئيسي على الجبهة اليسرى التي يلعب فيها محمود تريزيغيه، وقد خاطر فيتوريا بمنح الظهير الأيسر محمد حمدي الحرية، أملًا في منح تريزيغيه التغطية اللازمة والتشتيت؛ للدخول في العمق دون ضغط كبير قبل توسعة اللعب بتمريرات عرضية؛ لكن مفاجآت التمرير كانت هي السمة الواضحة للمنتخب المصري سواء مع تريزيغيه أو مع عمر مرموش بعد ذلك.
وقد كانت التمريرات البينية في ظهر دفاع الجزائر مؤثرة للغاية، ومنها انسلّ مصطفى محمد في انفراد، بينما أضاع عمر مرموش كرة أخرى خطيرة كادت أن ترفع النتيجة إلى هدفين نظيفين بعدما تقدم المنتخب المصري بهدف من ركلة ثابتة حوّلها علي جبر برأسه إلى حمدي فتحي؛ ليسجل لاعب الأهلي السابق والوكرة الحالي هدفه الثاني على التوالي بعدما منح بهدفه مصر الفوز في المباراة الماضية أمام زامبيا.
هدف الجزائر
في أكثر من مرة كانت تغطية عناصر الدفاع المصري ممتازة ضد العرضيات، خاصةً من جانب محمد عبد المنعم ومحمد حمدي وكذلك علي جبر الذي خرج مصابًا ليحل محله ياسر إبراهيم.
هفوة قاتلة في الكرة العرضية تسببت في وجود إسلام سليماني وحده ليطلقها برأسه في الشباك، لكن الهفوة تحتاج ترتيبًا أفضل من فيتوريا، إذ لم يظهر وأن هناك قائدًا في الدفاع خلال تلك اللقطة، فبادر محمد عبد المنعم بالتقدم للأمام قليلًا لالتقاط العرضية؛ لكنه لم يلاحظ أن ياسر إبراهيم مشغول بمراقبة لاعب آخر غير سليماني المعروف بقوته الكبيرة في الرأسيات.
كيف استفادت مصر من تجربة الجزائر؟
استفادة منتخب الفراعنة كبيرة من المباراة، فهي المباراة التي استعاد فيها الثقة من جديد بعد سلسلة من المباريات غير المقنعة، فبعد رفع فيتوريا لمستوى الوديات، لقي خسارة كبيرة أمام تونس بثلاثية، ثم فاز بصعوبة على زامبيا، لكن أمام الجزائريين قدّم المصريون مباراة أفضل كثيرًا أشعرت كثيرين ممن تابعوها بأن الفراعنة قادرون على المنافسة على أمم أفريقيا من جديد.
أمام من الجانب الفني، فإن الاحتكاك بمنتخب مميز كالجزائر هو ما ينبغي فعله في الوديات، خاصة عندما تكون مباراة ذات حضور جماهيري غفير ينقسم بينهم التأييد للمنتخبين.
تجربة اللعب بزيزو وصلاح في نفس الجانب كانت ذات نتائج مميزة، ومن سوء حظ لاعب وسط الزمالك أن فيتوريا اضطر إلى إخراجه عقب طرد هاني لكن مؤشرات وجوده في التشكيلة الأساسية مستقبلًا ستكون في تصاعد.
أمّا ثنائية حمدي فتحي-طارق حامد ومحمد النني فثبت بالدليل القاطع أنها ستكون جيدةً في حالة لعبهما معًا دون لاعب وسط ثالث، أمّا في حالة الرغبة في لاعب وسط ثالث، فربما يمكن اللعب بإمام عاشور برفقة أحمد سيد زيزو ومن خلفهما حامد أو النني، بينما ظهرت 4-4-2 بقوة كخيار جاد يمكن لفيتوريا الاعتماد عليه.