كليان مبابي.. المال قبل الحب أحيانًا!
حسابيًا سيغلق النجم كليان مبابي رصيده في بنك نادي باريس سان جيرمان، ومن المرجح أن يعيد على النجم الفرنسي رسم خريطة طريق مستقبله بالعقل والقلب معا، إذا أراد بالفعل أن يكون الوريث الشرعي لعظمة ليونيل ميسي وسطوة كريستيانو رونالدو.
حان الوقت بعد خمس محاولات فاشلة مع الفريق الباريسي في دوري أبطال أوروبا أن يعيد مبابي مراجعة الحساب والتدقيق في كل أرقامه قبل اتخاذ قراره الأخير بشأن بقائه مع باريس سان جيرمان من عدمه.
في سن الرابعة والعشرين -وهو سن الحيوية والانفجار والنبوغ- لا بأس من وضع مسيرة مبابي مع الفريق الباريسي في غربال التدقيق والتمحيص، وحتمًا سيكون تفكير مبابي، بعد كل هذه الخبرة، وفي ظل تبعثر مجرة الغلاكتيكوس، مختلفًا تمامًا عن تفكيره قبل عامين.
هذا الصيف الكبيس سيكون حاسمًا في تحديد مستقبل مبابي النهائي مع (بي إس جي)، لكن ليس قبل أن يحكم قلبه وعقله معًا للإجابة على السؤال الذي يؤرقه ليلًا ونهارًا:
- ترى هل ما زال يؤمن بأنه الجانب المشرق في مشروع باريس سان جيرمان؟
حسنًا -منعًا للبس- دعونا نعيد صياغة السؤال على مقياس خمسة مواسم خريفية قضاها مبابي مع الفريق الباريسي لم تمنحه سوى قطرة عسل محلية ذابت في برميل "الخل" الأوروبي:
- هل ما زالت قناعة مبابي بالنسبة للمشروع الباريسي كما كانت عند قدومه من موناكو، أم أن حماسه نضب تمامًا؟
هناك حقيقتان في الواقع تختزلان مشهد مستقبل مبابي: الأولى، سيبقى مبابي وفيًا لعقده مع الفريق الباريسي الذي ينتهي رسميًا في يناير/ كانون الثاني القادم، عندها سيكون حرًا ومن حقه التوقيع لريال مدريد دون أن يحصل النادي الباريسي على يورو واحد.
الثانية: لا يوجد مؤشر واحد يشير إلى احتمال التجديد للنادي الباريسي ظاهريًا ولو لموسم إضافي، لسبب منطقي يراه مبابي حاسمًا في ضرورة الخروج من باريس دون إبطاء، ويتعلق بأن اللاعب نفسه لم يعد يؤمن تمامًا بالمشروع الباريسي مهما كانت المغريات المادية.
لكن باطنيًا هناك حقيقة ثالثة تتعلق بشخصية مبابي الواضحة، والتي قد تضع كل الاحتمالات على فوهة بركان، وتتمحور حول حبه الجم للمال، بدليل أنه لا يريد التضحية هذا الصيف بباريس طمعًا في استنزاف ناديه ماديًا حتى آخر يوم.
ما فتئ مبابي يؤكد بقاءه هذا الموسم مع باريس سان جيرمان، ليس لأنه يريد الالتزام بالعقد أو مساعدة الفريق على الفوز بدوري أبطال أوروبا في موسمه الأخير، ولكن لأنه يسعى خلف رغبته المتوحشة في الحصول على مكافأة الولاء من باريس والتي تقدر بنحو 90 مليون يورو.
ليس هذا ما يسعى له مبابي فحسب، فهناك حسبة مالية ضخمة لا يريد التنازل عنها قيد أنملة وتتعلق بحصوله على راتبه لموسمه الأخير البالغ 60 مليون يورو، بالإضافة إلى ميزة توقيع عقد مجاني في يناير مع ريال مدريد، سينال بموجبه مكافأة لا تقل عن 100 مليون يورو.
وفي هذا الشأن تلتقي رغبة مبابي مع رغبة ريال مدريد، لأن البقاء هذا الموسم دون تجديد العقد مع الفريق الباريسي سيوفر على إدارة ريال مدريد 150 مليون يورو على الأقل، سيخسرها دون شك في حال قررت إدارة باريس التخلص من مبابي وعرضه للبيع هذا الصيف.
خيار بقاء مبابي هذا الموسم دون تجديد عقده يرفضه النادي الباريسي جملة وتفصيلًا، لأسباب هي خليط من الموضوعية والذاتية، غير أن المؤلم في هذا الخيار أن إدارة باريس ستتكبد خسائر مالية باهظة تكفي لشراء ثلاثة لاعبين على الأقل.
إكمال مبابي عقده لغاية الصيف القادم يعني أن النادي الباريسي سيخسر اللاعب مجانًا، وسيدفع من خزينته 150 مليون يورو، هي مجموع راتبه للموسم الأخير ومكافأة الولاء، وهذا بالطبع سيناريو مستبعد، من الغباء وضعه على محمل الجد.
مشكلة مبابي مع باريس سان جيرمان معقدة للغاية، وسيناريوهاتها مفتوحة على كل الاحتمالات، ولعل إدارة باريس تلعب الآن مع مبابي بآخر كروتها، مستغلة غريزة مبابي العاشقة للمال، لهذا وضعت الإدارة رقمًا فلكيًا على طاولة اللاعب يوازي 500 مليون يورو مقابل التوقيع لثلاث سنوات قادمة.
وإذا كان نصف قرار الانتقال إلى ريال مدريد شأنًا يخص مبابي نفسه، فإن النصف الآخر بين يدي والدته فايزة العماري وكيلة أعماله التي تتحكم في الشؤون المالية، وتضع المال معيارًا عند المفاضلة، وهذا بالضبط ما يقلق رئيس نادي ريال مدريد فلورنتينو بيريز.
ولعل ما يدفع بالسيناريوهات الحالية إلى التشابك موقف والدة اللاعب الرمادي، فهي تميل لتجديد العقد لموسم إضافي شريطة أن يكون انتقال مبابي إلى ريال مدريد بعد عامين إجباريًا لا نقاش فيه، وهذا السيناريو الذي يجد مرونة من اللاعب نفسه يرفضه ريال مدريد ويحذر من أنه سيغلق الأبواب نهائيًا في وجه مبابي مستقبلًا.
ولعل الأكثر وضوحًا في هذه القضية المترامية الأطراف والمتشعبة في أحداثها، هو ريال مدريد الذي أنهى تقريبًا كل أرقام صفقة التعاقد مع مبابي سواء هذا الصيف أو الذي يليه، واضعًا في الاعتبار هذه الأرقام:
- باريس سان جيرمان سيطلب على الأقل 200 مليون يورو لبيع اللاعب هذا الصيف.
- مبابي نفسه اتفق كلاميًا مع إدارة ريال مدريد على 100 مليون يورو مكافأة التوقيع.
إجمالي راتب مبابي السنوي 60 مليون يورو، شاملًا مكافأة التوقيع التي سيتم توزيعها على ست سنوات، وهي مدة العقد مع النادي الملكي، أي حوالي 16.6 مليون عن كل موسم، أما صافي الراتب فستبلغ قيمته 43.4 مليون يورو.
خلاصة الخلاصة: أمام كيليان مبابي خياران لا ثالث لهما، إما الإصغاء للعقل والتضحية ماديًا لتحقيق حلم الطفولة بالانتقال الآمن لريال مدريد هذا الصيف كما يريد باريس سان جيرمان، أو الاستجابة لنداء المال الباريسي ونسيان حلم الطفولة إلى الأبد.