فينيسيوس.. مأكول مذموم!

تحديثات مباشرة
Off
تاريخ النشر:
2023-11-16 19:42
فينيسيوس جونيور لاعب ريال مدريد الإسباني (Getty)
محمد العولقي
كاتب رأي
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

ماذا لو تعرّض جناح ريال مدريد الأيسر البرازيلي الشاب اليافع فينيسيوس جونيور للإصابة كونها شرًّا لا بد منه؟ كيف ستبدو صورة ريال مدريد دون هذا المهاجم السريع الذي يركض مائلًا في جهته اليسرى وكأنه (أحدب نوتردام)؟

هل يمتلك ريال مدريد على دكة البدلاء احتياطيًّا بارعًا يمكنه تعويض فينيسيوس في حالة تعرضه لأي طارئ؟ من الواضح أن هذه الأسئلة لم تدر بخلد السواد الأعظم من جماهير ريال مدريد المتحاملين على فينيسيوس بلا سبب معقول أو مبرر مقبول.

مهما تألق فينيسيوس مع الريال؛ يظل عرضة لسهام الانتقادات الغريبة غير المفهومة، لدرجة أن اللاعب لم يستوعب هذا الجفاء المريب الذي جعل منه جدلًا بيزنطيًّا، حوّله دون سابق إنذار إلى مادة قابلة للطرق و السحب، حتى أنه أصبح للجماهير المدريدية مثل السمك (مأكول.. مذموم).

في كل مباراة يتربص الجمهور المدريدي باللاعب بحثًا عن أي خطأ صغير أو تجاوز بسيط، وإذا لم يجدوا عيبًا في وَرد فينيسيوس؛ اتهموه بأنه أحمر الخدين، وهنا بيت القصيد الذي يزعج اللاعب من مباراة إلى أخرى.

كمحايد يفهم تقلبات كرة القدم، وما يصاحبها من أفراح وأتراح، وضعت فينيسيوس جونيور تحت مجهر الرصد، في محاولة لفك طلاسم ما يحدث للاعب من نقد لاذع وآخر جارح، فماذا وجدت في دفتر أحوال هذا الجدل العقيم من وجهة نظري؟

فئة من جماهير ريال مدريد لا تعجبهم تصرفات فينيسيوس داخل الملعب، عندما يتحول من لاعب مهاري ساحر إلى لاعب مستفز يثير السخرية، وفئة أخرى تعيب على اللاعب قلة تركيزه أمام المرمى، فيطيح بالفرص المحققة إلى الخارج وكأنه يشتغل في التهريب.

والأدهى من الفئتين السابقتين، تلك الفئة الثالثة التي تبغي، وهي فئة تتصيد أخطاء اللاعب وتترصد تصرفاته وتنقّب في سلوكه عن عيوب أخرى، بينما لا ترى هذه الفئة وَمضات اللاعب الساحرة، ولا دوره الكبير في خلخلة دفاعات الخصوم.

الواقع أن ما يتعرض له فينيسيوس جونيور من تبرم وانتقاد وتحامل من جماهير ريال مدريد ليس له أساس ولا يستند على معطيات حقيقية منطقية، فلو أن هؤلاء الناقمين تخلوا قليلًا عن النظر إلى نصف الكوب الفارغ، وركزوا على النصف المليء، لقالت الأرقام التي لا تكذب ولا تتجمل ما يلي:

- فينيسيوس هو رجل الريال الأول بلا منازع بعد رحيل الفرنسي كريم بنزيما.

- لا يمكن للمدرب كارلو أنشيلوتي أن يتصور فريقه يلعب دون قزاحه المائل فينيسيوس، تمامًا مثلما أن جود بيلينغهام لا يمكنه اقتناص الفرص والعبث في المساحات الخالية تحت رأس الحربة، دون مُخلخِل الدفاعات المراوغ الكبير فينيسيوس.

- والذين لا يعترفون بتأثير فينيسيوس الهائل في نتائج وبطولات ريال مدريد الموسمين الماضيين تحديدًا، ما عليهم سوى استرجاع اللحظات العصيبة التي كادت تعصف بآمال (الميرينغي) في مباريات كثيرة، لو لا بعض ومضات العبقري البارق البرازيلي فينيسيوس.

يخطئ جمهور ريال مدريد كثيرًا عندما يظن أن مهمة فينيسيوس الوحيدة يمكن اختزالها في إحراز الأهداف، أو تجهيزها على طبق من ذهب، لأن الأصل أن فينيسيوس لاعب رواق مهمته الأساسية تشتيت أذهان المنافسين وخلخلة الدفاع وفتح المساحات للقادمين من الخلف، ثم تأتي وظيفة تسجيل الأهداف بعد ذلك حسب ظروف كل مباراة.

رغم أن العمل المنوط بهذا اللاعب السريع قد لا يعجب جمهورٌ ارتبط المهاجم في ذهنه على أنه دجاجة تبيض ذهبًا وأهدافًا، فإن فينيسيوس تقمص دور المنقذ في الكثير من المناسبات الكبيرة، لعل أهمها هدفه الذهبي في مرمى ليفربول الإنجليزي في نهائي دوري أبطال أوروبا الموسم قبل الماضي.

وإذا كان جمهور ريال مدريد لا يُقدّر فينيسيوس حق قدره، وينتقص منه بمناسبة وبدون مناسبة، فإن منافسي الريال على العكس من ذلك، فهم يعتبرون هذا الجناح السريع الذي ينفلت من عقاله مثل الزئبق، كابوسًا مخيفًا يصعب احتواؤه بالحسنى.

يقول تشافي هيرنانديز مدرب برشلونة عن فينيسيوس:

"أخبرت لاعبي برشلونة: إذا أردتم الفوز على ريال مدريد؛ ما عليكم سوى تضييق الخناق على فينيسيوس وكبح جماحه، بحرمانه من المساحات والتوغلات القطرية، عندها سيختنق ريال مدريد تموينيًّا ويفقد هويته الهجومية".

وهذا ما حدث بالضبط لريال مدريد في مباريات كثيرة.

لا يمكن لجمهور ريال مدريد الاعتراف بأفضال فينيسيوس وأدواره المختلفة، إلّا إذا حدث مكروه للاعب، ولا يمكن لمنتقديه أن يصمتوا وينتقلوا من ضفّة التحامل إلى ضفّة الإنصاف، إلا إذا فقد الريال بَدْره فينيسيوس في الليلة الظلماء.
وأنت عزيزي القارئ كيف تتخيل ريال مدريد دون بَرقه فينيسيوس جونيور؟!

شارك: