سباليتي ولا أحد سواه!

تحديثات مباشرة
Off
تاريخ النشر:
2023-06-30 20:55
لوتشيانو سباليتي مدرب نابولي الإيطالي السابق (Getty)
محمد العولقي
كاتب رأي
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

عندما نتوقف طويلًا أمام هذا الموسم الكروي الاستثنائي في كل شيء، ونضع المدربين تحت مجهر التقويم لاختيار أفضلهم في مجال الحذق التدريبي، لا أتصور أننا سنحتار في ترتيبهم.

ولو طلب مني المفاضلة بين المدربين الخمسة في الدوريات الخمسة العالمية الكبرى لأنتقي أحسنهم صنعًا، فإنني سأطلب من أربعة منهم المغادرة بروح رياضية، وإفساح المجال للخامس.

وعذرًا للأربعة المستبعدين نظريًا حسب قناعتي، فاجتهاداتهم محل تقدير وحقوقهم محفوظة، لكن كرسي أفضل مدرب لهذا الموسم لا يتسع إلا لواحد صنع الإنجاز وعانق الإعجاز.

ولأن الأمر لا يحتاج مني ولا من غيري فراسة أو قراءة متأنية في ملفات مدربي أندية الدوريات الكبرى الخمسة، فسوف أستأذن بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي، وتشافي هيرناديز مدرب برشلونة، وكريستوف غالتييه مدرب باريس سان جيرمان، لأقدم عليهم الإيطالي لوتشيانو سباليتي مدرب نابولي الإيطالي.

وتفضيلي سباليتي بطل الدوري الإيطالي مع نابولي على الإسباني غوارديولا تحديدًا، له أسبابه الموضوعية والذاتية، وهنا مربط الفرس كما يقولون.

لا أحد ينكر على غوارديولا عبقريته التدريبية الفذة التي أحكمت سيطرتها على مقاليد حكم كرة القدم الأوروبية من خلال ثلاثية ملحمية مع السيتي قد لا تتكرر في المستقبل القريب، إلا أن الظروف التي واجهت غوارديولا لا تساوي ثلث الظروف الصعبة التي صاحبت رحلة سباليتي مع نابولي.

وإن ينفق غوارديولا على ترميم مانشستر سيتي ما يوازي 7 مليارات يورو في رقم مالي مخيف يوازي ما أنفقه غالتييه على باريس سان جيرمان، فلا شك أن هذا الإنفاق السخي كفيل بجلب أفضل نجوم كرة القدم في العالم.

اضبطوا بوصلة أعصابكم وحكموا عقولكم عند تقويم عطاء المدربين وفق ما هو متاح، عندها سنجد أن سباليتي أعاد نابولي للواجهة في إيطاليا بعد غياب طويل دام 33 عامًا، وبتكلفة مالية لا تساوي ربع ما أنفقه غوارديولا وغالتييه في سوق الانتقالات الصيفية والشتوية.

من حق إدارة مانشستر سيتي مطالبة غوارديولا بتحطيم كل الأرقام القياسية في إنجلترا وابتلاع البطولات واحدة بعد الأخرى؛ لأن الفريق يتوفر على تشكيلتين مذهلتين مدججتين بأفضل النجوم الصاعدة والمخضرمة في العالم.

وأبدًا لم يكن نادي باريس سان جيرمان راضيًا عن غنيمة الموسم بواحدة معتادة لا تؤكل عيشًا؛ لأن إدارة الـ"بي إس جي" جلبت للمدرب غالتييه غلاكتيكوس عالمي مرعب، أوله عند دونا روما وسيرجيو راموس وماركو فيراتي، وآخره عند نيمار وكيليان مبابي وبالطبع جوهرة التاج العالمي ليونيل ميسي. 

والآن تأملوا حال نابولي الإيطالي مع سباليتي، هل دعم صفوفه بصفقات عالمية رنانة؟

هل جلب نجمًا عالميًا بجودة تسويقية أو علامة تجارية؟ وكم أنفق في سوق الانتقالات من المال؟

الإجابات تقول بالصوت والصورة لا شيء، فكيف استطاع سباليتي بلاعبين مغمورين لا يقارنون بلاعبي إنتر وميلان ويوفنتوس أن يتفوق ويكتسح ويفوز بأصعب دوري في العالم؟

أكون جاحدًا لو لم أضع سباليتي على رأس قائمة أفضل مدرب في العالم عن هذا الموسم، ليس لأنه قدم لنا جهدًا تدريبيًا يتأسس على جماعية الأداء وبغطاء تكتيكي متوازن فقط، ولكن لأنه بالفعل كان نجم نابولي الأول بلا منازع، ومصدر إلهام للاعبين وللجمهور معًا.

وعندما قاد سباليتي فريق (البارتينوبي) للعودة إلى منصة التتويج، كان هذا المدرب في الواقع يطرد النحس الذي لازمه 30 عامًا لم يذق خلالها لقب الدوري الإيطالي، رغم أنه تولى تدريب أندية النخبة روما وإنتر وميلان في مراحل مختلفة.

ورغم أن سباليتي عانى الأمرين طوال مسيرته التدريبية، ولم ينجح سوى بالتتويج بكأس وسوبر إيطاليا مع روما، ثم الدوري الروسي مع زينيت، فإن بصماته الفنية كان لها أثر كبير في منحه منزلة خاصة، خصوصًا بعد أن قاد أودينيزي المتواضع إلى الترتيب الرابع في الدوري الإيطالي موسم 2004-2005.

وما فعله سباليتي هذا الموسم مع فريق الجنوب الإيطالي يعد شيئًا عظيمًا، ليس لأنه تخلص أخيرًا من حظه العاثر فحسب، ولكن لأنه قدم للعالم فريقًا مدهشًا ومكافحًا بأقل التكاليف الممكنة.

ومثلما قاد الساحر الأرجنتيني دييغو مارادونا حملة إعلامية غير مسبوقة، انتهت بمنح المدرب الإيطالي كلاوديو رانييري جائزة أفضل مدرب في العالم عام 2016 نظير المعجزة التي أحدثها بتتويج ليستر سيتي المغمور بطلًا للبريميرليغ، من حق لوتشيانو أن يحظى بنفس الدعم هذا الموسم ليتوج بذات الجائزة المرموقة.

ومثلما كان لحملة مارادونا مفعول السحر تجاه تفضيل الفيفا لرانييري على حساب الفرنسي زين الدين زيدان بطل دوري أبطال أوروبا مع ريال مدريد، تبدو الدوافع مهيأة تمامًا أمام سباليتي لتكرار إنجاز مواطنه بعد سبع سنوات، ولا أظن أن غوارديولا سيأخذ على خاطره؛ لأنه يدرك تمامًا أنه ما من مدرب في العالم يستطيع صناعة الشربات من فسيخ نابولي، ما لم يكن هذا المدرب هو سباليتي وحده ولا أحد سواه.

شارك: