رسائل كروية من بغداد
رسائل كرويّة عدّة بُعثت من أرض الرافدين خلال الأيام الماضية، لعّل في مقدّمتها أنَّ ما أكّدنا عليه في رأي يوم الأحد الماضي قُبيل افتتاح بطولة غرب آسيا تحت 23 سنة في العاصمة بغداد بشأن تأثير غياب الجماهير على البطولة قد حصل وأقلق مسؤولي اللعبة كثيراً، وسجّلت مدرّجات ملعبي المدينة الدولي وكربلاء أرقاماً ضعيفة بنسب الحضور نتيجة قُصر رؤية اتحاد كرة القدم في تقييم ظروف المنافسة من ناحية ارتفاع أسعار التذاكر وإقامة المباريات تحت درجة حرارة عالية، قبل أن يُعالج الموضوع في المباريات الأخيرة من دور المجموعات.
ويرنو المتابعون، اليوم الأحد، صوب ملعب المدينة الدولي حيث يواجه الأردن نظيره الإيراني في مباراة الدور نصف النهائي، وبعدها يلتقي العراق شقيقه العُماني للكشف عن هويّة بطلي نهائي النسخة الرابعة اللذين يلعبان بعد غدٍ الثلاثاء برسم ختام البطولة، وقد تجلّت الصورة الفنيّة بشكل كبير عن المنتخبات الأربعة، ويقف العراق والأردن على منصّة الترشيح؛ نظراً لقوّة الأداء والمستوى الفني، وذكاء مدرّبيهما راضي شنيشل وعبد الله أبو زمع، في فرض أسلوب اللعب وامتلاك فرص إخطار المرمى وكسب النتيجة ومنح الثقة للاعبين جديرين بالتمثيل الدولي مستقبلاً.
وكانت رسالة بلند عمر المحترف في فريق غرافشاب الهولندي هي الأقوى في البطولة بعدما هزّ شباك الأردن والإمارات ضمن منافسات المجموعة الأولى بهدفين أثارا دهشة الجماهير التي وجّهت اللوم ولمّا تزل إلى مدرب منتخب الشباب عماد محمد لموقفه السلبي بعدم دعوة بلند للعب في مونديال الشباب الذي ضيّفته الأرجنتين 20 مايو/ أيار الماضي، رغم عدم امتلاكه مهاجماً صريحاً؛ ما أدّى إلى خسارة المنتخب أمام الأوروغواي (0-4) وتونس (0-3) والتعادل سلبياً مع إنجلترا، وهذه واحدة من أخطاء المدرّبين قليلي الخبرة الذين يتأثرون بما يُكتب ويُبثّ عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولا يمتلكون الدراية في كيفيّة احتواء الأزمة أو ردّة فعل اللاعب من أجل مصلحة المنتخب، والمؤسف أن المدرب لاذَ بالصمت ولم يقُل كلمة واحدة يثني بها على أداء بلند ليُصلح ما أفسده موقفه المُسبق ضده.
رسالة أخرى، فرضها الانتقاد العنيف بخصوص عدم إناطة مُحافظة البصرة تنظيم بطولة غرب آسيا تحت 23 سنة على غرار ما حدث من إبهار ضيوف كأس الخليج العربي 25 في يناير/ كانون الثاني المنصرم، بروعة الجمهور العراقي في إنجاح الكرنفال التاريخي لاتحاد كأس الخليج العربي بكرة القدم، وهو انتقاد مشروع لكنه يفتقد الرؤية الشاملة، فالأساس في فكرة قبول التحدّي بمسائل التنظيم هو أمني قبل أن يكون فني وإداري وإعلامي، فالحظر الدولي الذي فرضه (الفيفا) على العراق طال لأكثر من أربعة عقود منذ زمن البرازيلي جواو هافيلاج، رئيس الاتحاد الدولي (1974-1998)، قبل أن يَسمَح يوم الجمعة 16 مارس/ آذار 2018 باستضافة المباريات الرسمية في مُدن البصرة وكربلاء وأربيل، وأثبتت ملاعب العاصمة أنها جاهزة للخدمة، وتنعم وفودها الشقيقة والصديقة بالأمان والسلامة، ولا ينقصها سوى تكليف شخصيّات ضليعة في شؤون التنظيم داخل وخارج أسوار المنافسة تمنع حدوث أي خرق مثل انطفاء الأضواء في ملعب المدينة لمدة 20 دقيقة قُبيل بدء مباراة العراق والأردن والمنظورة أمام سُلطات التحقيق الحكومية حالياً.
فيما بعث مدرب أسود الرافدين الإسباني خيسوس كاساس رسالة جميلة من ملعب ميستايا في مدينة فالنسيا الإسبانية بعد خسارته المباراة الدولية الوديّة أمام منتخب كولومبيا بهدف واحد أنه ماضٍ للبحث عن توليفة مستقرّة ترفع منسوب الثقة في نفسه أوّلاً بعد الجدل الكبير الذي شهدته منصّات تقييم لاعبي المنتخب خاصّة المحلّيين الذين تعثّرت خطواتهم أمام زملائهم المحترفين القادمين من دوريات أوروبيّة متطوّرة لارتداء القميص الدولي.
ومن دون شك يترقّب كاساس البطولتين الرباعيتين الودّيتين في تايلند خلال يوليو/ تموز القادم، إلى جانب البلد المنظّم ولبنان والهند، وكذلك في الأردن أكتوبر/تشرين الأول المقبل، بجوار قطر وإيران والنشامى، ليرسم الملامح النهائيّة للتشكيل قبل الدخول في نهائيات كأس آسيا في الدوحة مطلع العام 2024، وتسود حالة التفاؤل بإمكانيّة نجاح المدرب في تمكين الأسود بتقديم العرض الفني الجيّد مع زيادة الجرأة في التسجيل كلما مُنح حريّة العمل في تحديد قائمته بعيداً عن ضغوط اتحاد كرة القدم التي تحوم حول بعض شخوصه اتهامات تقريب وجهات النظر الفنية للمدرب حول هذا اللاعب أو ذاك.