"حرب" ميسي.. الوجه الدرامي للقصة

2021-06-08 09:01
ليونيل ميسي (Getty)
Source
+ الخط -

محمد خيري الجامعي

تبدأ الحروب عادة في وسائل الإعلام وتنتهي بالدماء المراقة على قارعة الطريق، لكن "حرب" ميسي مع برشلونة كانت بوجه آخر، سيطرت فيه الدراما الإعلامية على مسار القضية وانتهت براية بيضاء معلنة بقاء النجم الأرجنتيني في بيته.

في ليلة الخامس والعشرين من أغسطس/آب، وتحت جنح الظلام في مدينة برشلونة الصاخبة بالحياة، فجر ميسي قنبلة موقوتة بإعلان رغبته في الرحيل عن برشلونة برسالة فاكس رسمية، توقفت عقارب الساعة حينها، واهتزت فرائص الكاتالونيين في صدمة أشبه بالزلازل المدمرة في كافة أصقاع الأرض.

بدت اللحظات الأولى لقرار ميسي صادمة ومخيفة كأن العقل البشري لا يستطيع تقبل هذا القرار، وأطلقت وسائل الإعلام العنان لعناوين وتقارير متواترة أشبه بأجواء الحروب في ساحات الوغى.

وجد الإعلام بمختلف تفرعاته مادة دسمة لتأليف قصص بعضها واقعي والآخر من وحي الخيال، لا حديث سوى عن ميسي وبرشلونة، ازدهرت مبيعات الصحف وتضاعفت المشاهدات إلكترونيا وتلفزيونيا، حبس العالم أنفاسه على خبر واحد وقرارأوحد.. لمعرفة كيف ستنتهي الحكاية.

ذرف الأطفال الدموع  بحرقة على رصيف "الكامب نو"، وصدحت حناجر الكبار في مظاهرات وساحات كانت شاهدة على قيمة ميسي في قلوب الجماهير، لم تعد القصة مجرد رحيل لاعب عن ناديه، بل صارت قضية فكرية عنوانها الانتماء والولاء والرمزية التاريخية، متجاوزة حدود الرياضة برمتها.

تكلم الجميع بكل لغات العالم، وسكت ميسي، لم ينبس الأرجنتيني ببنت شفة، لم تحركه رياح العاصفة، ظل باسقا كأشجار النخيل، هادئا كأنه من حديد، تهامس الجميع وحبك المقربون سيناريوهات متضاربة، فتحت الأندية خزائنها لجب أفضل لاعب في العالم في سباق مستعر لضمه، لكن الفتى الأرجنتيني حشر نفسه في دائرة مغلفة لا أضواء فيهت.

كشف ميسي النقاب أخيرا عن مستقبله مخيرا البقاء، والولاء لفريقه الذي صنع معه أمجادا لن تمحى من ذاكرة الرياضة، تمكس ميسي بالقاء كيف لا وهو الذي اشتد عوده في برشلونة، متجاوزا محن الصغر في الأرجنتين، تغير وجه برشلونة الشاحب، تدفقت الدماء بقوة في جسد الكاتالونيين المنهك، رُفع عنهم جهاز التنفس الاصطنافي، ليستنشقوا طعم الراحة والطمأنينة لموسم آخر، وتنتهي الحرب الإعلامية بصفحة بيضاء في تاريخ ميسي الزاخر.

شارك: