تحليل | هل أخطأ مدرب البرازيل في كلمة خلال وعده الجديد للجماهير؟
ألحقت بارغواي الهزيمة الرابعة بمنتخب البرازيل في ثماني مباريات خاضها حتى الآن في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2026، التي ستُقام في الولايات المتحدة والمكسيك وكندا.
ونجح المنتخب الباراغواياني في الفوز بفضل هدف وحيد من تسديدة رائعة بخارج القدم من دييغو غوميز ارتطمت بقائم أليسون بيكر وسكنت الشباك مانحًا النقاط الثلاثة لأصحاب الأرض.
سأصل إلى نهائي كأس العالم
هذا ما وعد به المدير الفني للمنتخب البرازيلي، دوريفال جونيور، جماهير السيليساو قبيل تلك المباراة، ويبدو أن النشوة قد ملأت أوداج المدرب البرازيلي وتصور أن الفوز الباهت على الإكوادور سيكون انطلاقة جديدة للفريق.
أو ثمة نظرية أخرى من اختراعنا تفيد بأن الرجل على الأرجح وعد بالتأهل لـ"نهائيات" كأس العالم وليس "نهائي" كأس العالم، وهو الوعد المنطقي بالنظر لما يقدمه البرازيليون على الأرض علمًا أن البلد الذي تلقى هزيمة واحدة فقط في التصفيات طوال تاريخه حتى عام 2002 يسير نحو تكرار أسوأ تصفيات في تاريخه والتي حدثت قبل 22 عامًا عندما تلقى ست خسائر قبل أن يتوقف عداد الخسائر عند حاجز الخسارتين منذ ذلك الحين وحتى تصفياتنا هذه التي عادت لكسر القاعدة.
نعم هذا هو المنطق بالنظر لما يقدمه المنتخب البرازيلي وما يقدمه مدربه وما يقدمه لاعبوه. البرازيل صارت منتخبًا مملًا جدًا وعشوائيًا إلى درجة خطيرة!
إن لم تستطع الهجوم فدافع على الأقل!
الحديث كان مطولًا عن خط الهجوم في تحليل المباراة الماضية ولا جديد تقريبًا بخصوص تواضع ما يقدمه، لكن دعونا نتوقف قليلًا عند خط وسط السامبا الذي لم يعد سامبا بل صار نشازًا مع هذا المستوى البائس الذي يقدمه هذا الخط.
فمع تسليم محبي البرازيل إلى أنه لا أمل هجومي كبير في خط وسط يضم أندريه وبرونو غيماريش ولوكاس باكيتا الذي يحاول ولو قليلًا، فإن الطامة الكبرى اليوم كانت في أنه لا أمل دفاعي أيضًا!
فمع خط وسط كهذا لا يقدم جديدًا على المستوى الهجومي لافتقاده المهارة والإبداع والخيال، فإنه يُنتظر على أقل تقدير القيام بمجهود بدني وافر، بينما واقع الأمر يقول إن البرازيل غير قادرة على استعادة الكرة بسرعة أما استعادتها في منتصف ملعب المنافس فأصبح حلمًا صعب المنال، مع التأكيد على أنها ليست مهمة الوسط وحده بل يستحيل فعلها دون مشاركة حقيقية لثلاثي ريال مدريد الكسول رودريغو وإندريك وفينسيوس خاصة الأخيرين.
وجاءت اللقطة الكاشفة لحال وسط البرازيل المُزري عندما تسلم دييغو غوميز بكل أريحية على حدود منطقة الجزاء ليراوغ غيماريش ثم يسدد بخارج القدم بشكل رائع دون أي مضايقة مانحًا التقدم لباراغواي والصدمة للبرازيل التي كان مدربها يمنّي النفس بألا يتراجع أصحاب الأرض أكثر للوراء، لكن الوقت كان قد فات.
لم ننساك يا دوريفال
حتمًا لا يمكن نسيان الناخب الوطني البرازيلي من النقد، فصحيح أن البرازيل تعاني من حالة شح مواهب حادة، إلا أن الإصرار الغريب والعجيب على نفس التشكيلة تقريبًا دون تجديد هو أمر غريب، وقد ظهر واضحًا غرابته في التحسن الذي حدث في الشوط الثاني عندما اشترك لاعبين مثل جواو بيدرو ولويز هنريكي ثم باقي البدلاء من بعدهم.
أيضًا يبدو غريبًا الإصرار على غيليرمو أرانا ودانيلو وهما ظهيران دفاعيان بالفطرة، وإن قررا الهجوم فلا يُحسنان ذلك خاصة أرانا الذي لا يبدو بهيئة لاعب برازيلي أبدًا، فجسده متخشّب ولا يمتلك أي مهارة أو حلًا للتصرف وحيدًا، وهو حقًا أداة تعذيب لمدة تسعين دقيقة لمحبي السيليساو الذين حتمًا سيشاهدونه ويقارنونه بروبيرتو كارلوس ومارسيلو بألم.
المثير للغرابة أن دوريفال كان عليه اختيار حل من اثنين، فإما الإبقاء على وسطه المفتقر للحلول أملًا في قوة دفاعية منهم لكن مع البحث عن ظهيرين أكثر هجومية يمكنهما منح المنتخب البرازيلي الحل وفك الضغط عن عناصره الهجومية، أو الاحتفاظ بدانيلو وأرانا لكن مع إشراك خط وسط أكثر قدرة على الإمداد لعناصر الهجوم والمشاركة في الحضور داخل وحول منطقة الجزاء، إذ ليس كافيًا أن يكون باكيتا وحده من يفعل ذلك، هذا إن كان يفعل شيئًا كبيرًا أصلًا.
باراغواي تقدم مباراة مثالية أمام البرازيل
وإن تصورت أن كل شيء كان سيئًا في البرازيل بسبب البرازيل فربما تكون محقًا لكن لا يمكن كذلك نسيان أن باراغواي قدمت مباراة شبه مثالية دفاعًا وهجومًا، وحتى عندما كان الفريق يقع في هفوات دفاعية كان عناصر الدفاع يلعبون كالمحاربين وينقذون الكرة من أمام أقدام فينيسيوس وشركائه.
أصحاب الأرض تعرضوا لموقف صعب في بداية الشوط الثاني بعد اشتراك لويز هنريكي الذي بدأ في سبر أغوار الدفاعات الباراغوايانية ونجح في فك شيفرتها لبعض الوقت قبل أن يتحرك المدير الفني غوستافو ألفارو ويزيد من الكثافة العددية في الجبهة اليسرى له، اليمنى للبرازيل.
هذا التكثيف ساعد فينيسيوس جونيور على التنفس لفترة فسدد كرة قوية أنقذها الحارس فيرنانديز كما تلقى تمريرة رودريغو ليسددها ضعيفة في يد حامي العرين الباراغواياني، فما كان من ألفارو إلا أن لعب بطريقة 4-4-2 لتثبيت لاعب قريب جدًا من الظهير، وعندما لم يتمكن من الإغلاق النهائي للأطراف تحول للعب بخماسي دفاعي، لينهي تمامًا أي محاولة لاختراقات فينيسيوس ولويز هنريكي الذي اضطر للاكتفاء بإرسال عرضيات من أماكن بعيدة كانت من نصيب الدفاع الباراغواياني المتمرّس رغم خسارته لجهود أحد أهم مدافعيه، عمر الديريتي، الذي خرج مصابًا في الشوط الأول.
أما على صعيد الهجوم فإن لاعبي باراغواي أجادوا تنفيذ المرتدات في بعض الأحيان، واستغلوا ضعف الضغط البرازيلي للالتفاف بالكرات وإرسال القُطريات للجانب الآخر سواء لصناعة الخطورة عن طريق الرائع إنسيسو والقوي غوميز أو لإطالة زمن الهجمة باستخدام التمرير المتواصل بين اللاعبين ثم إعادتها للخلف من جديد عندما يبدأ البرازيليون في التحرك وتهديد الاستحواذ.
قضت الكرة 71% من الوقت بين أقدام لاعبي البرازيل دون تأثير كبير يُذكر لينالوا هزيمة جديدة قد تعجّل برحيل دوريفال بينما انتعشت باراغواي بعد أن باتت في مركز التأهل للملحق بفارق نقطة واحدة عن السيليساو الذي لم يعد بعيدًا عن بوليفيا نفسها.