الواضحات من الفاضحات!
عندما ذهب نادي الاتحاد السعودي إلى ملعب سباهان أصفهان الإيراني، كانت دوافعه رياضية في المقام الأول، لكن الأمر بالنسبة للنادي الإيراني كان أكثر من مجرد لعبة.
عندما غصت مدرجات الملعب بالآلاف المؤلفة من جماهير النادي الإيراني، لم يكن الفوز على النادي السعودي الهدف الوحيد في مهب الريح، بل كانت فرصة عملية لتوجيه رسائل سياسية لم تكن في حسبان الاتحاد الآسيوي نفسه.
وكالعادة عندما تدخل السياسة من الباب وتفسد الود والقضية معًا، تهرب الرياضة بأهدافها البريئة من النافذة، فما بالك عندما يتحول ملعب لكرة القدم إلى ثكنة سياسية للترويج لأغراض عدائية، تتنافى تمامًا مع أخلاق ومبادئ وأهداف وتشريعات لعبة كرة القدم.
وفي مسألة رفض نادي الاتحاد خوض المباراة أمام سباهان أصفهان الإيراني في ظل أجواء سياسية ملبدة بغيوم عدائية كئيبة، كثرت الشائعات الطائرة والزاحفة التي لا تحوز سوى على نسبة ضئيلة من الحقيقة.
لقد أثار قرار نادي الاتحاد بعدم خوض المباراة في ملعب مغلف بالمجسمات السياسية، شهية الناس في معرفة ما يترتب على ما حدث من عقوبات تنتظر المخالفين من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.
ومعظم الشائعات التي روجت لإجراءات خاطئة يتعاطون مع المشكلة من وحي التعصب لهذا النادي أو ذاك، فيما الحقيقة واضحة ولا تحتاج للكثير من البهارات لرفع منسوب إثارة ردود الأفعال بين الطرفين.
مخطئ تمامًا من يعتقد أن الاتحاد السعودي انسحب من مواجهة سباهان أصفهان الإيراني في لحظة انفعال، والحقيقة أن النادي السعودي حضر إلى ملعب المباراة رفقة مراقب المباراة، ثم رفض خوض المباراة وسط هذه الأجواء السياسية المسمومة، وبالطبع هناك فارق كبير بين الانسحاب والرفض.
والاتحاد عندما أقدم على خطوة الرفض بالفم المليان على مسمع ومرأى من مراقب المباراة، كان قد اتخذ كافة التدابير القانونية اللازمة التي تحفظ له حقه قبل أن تتحرك حافلته إلى الملعب.
وكل الإجراءات التي انتهجتها إدارة العميد لم تكن أحادية الجانب، لأن هناك وضمن قوام البعثة ممثلًا للاتحاد السعودي لكرة القدم، كان منسقًا لكل خطوات رد الفعل.
وبعيدًا عن الشائعات المحمومة التي تطير وتزحف بين طهران والرياض، يجب التنويه إلى أن قرار رفض الاتحاد خوض المباراة في ملعب ذي نكهة سياسية، تم أساسًا بالتفاهم مع الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، بدليل أن المؤشرات الأولية تشير إلى أن قرار إلغاء المباراة جاء من كوالالمبور حيث مقر الاتحاد الآسيوي، وليس من بنات أفكار نادي الاتحاد فحسب.
ولم يكن نادي الاتحاد السعودي ليتخذ قرارًا حازمًا وحاسمًا بعدم خوض المباراة، لولا أنه مارس سياسة النفس الطويل مع النادي الإيراني، ففي الواقع كان النادي السعودي يعلم تمامًا أن الملعب محاط بتماثيل ذات رائحة سياسية كريهة، وعندما قدمت البعثة طلبًا بإزالة هذه التماثيل والشعارات السياسية، رفض مسؤولو النادي الإيراني بتعنت يثير كل علامات الاستفهام.
ولأن سيل تجاوزات النادي الإيراني بلغ الزبى فعلًا، لم يكن أمام بعثة نادي الاتحاد من خيار سوى توضيح موقفها لمراقب المباراة، وإطلاع الاتحاد الآسيوي كل هذه التجاوزات غير المقبولة رياضيًا.
ولأن نادي الاتحاد يحفظ عن ظهر قلب اللوائح في مواقف كهذه، فقد اتخذ القرار في فندق الإقامة عندما وجدت البعثة أن الجانب الإيراني يتعامل مع ملاحظات النادي بسياسة أذن من طين وأخرى من عجين.
حضور الاتحاد إلى ملعب المباراة كان خيارًا قانونيًا لتثبيت حقيقة أنه لم ينسحب؛ لكنه رفض اللعب في ملعب سياسي تفوح منه رائحة رسائل تتنافى مع أخلاقيات ملاعب كرة القدم.
كل الخطوات المتأنية والمدروسة التي اتخذها نادي الاتحاد قانونية، تحمي النادي من أي عقوبات، وهذا يعني أن الويل والثبور وعظائم الأمور ستكون من نصيب نادي سباهان أصفهان الإيراني، الذي غرد خارج السرب الرياضي.
النظر إلى الحيثيات التي يمسك بها نادي الاتحاد، فلا خوف ولا قلق على موقف النادي، تمامًا مثلما أن لا صحة للشائعات التي راجت بين أوساط عشاق نادي الاتحاد المتعلقة بإصدار عقوبات محتملة ضد الفريق الأول لكرة القدم، سواء بخصم نقاط أو استبعاد من البطولة.
ليس هناك ما يقلق في موقف نادي الاتحاد، ليس لأن مجلس إدارته اتخذ كافة التدابير اللازمة لسد الثغرات قانونيًا فحسب، ولكن لأن ما حدث من تجاوز مسجلًا بالصوت والصورة.
وحسب تقديري لقضية واضحة في ملابساتها كهذه، فإن لجنة الانضباط بالاتحاد الآسيوي تمتلك كل الحيثيات التي تدين نادي سباهان أصفهان الإيراني، وبالتالي ستتخذ اللجنة عقوبات قاسية لن ينفع معها أي محاولة للاستئناف، لأن الواضحات من الفاضحات!