الدوري المصري.. إنجليزي ده يا مرسي!!
توهّم بل وراهن البعض، ولم أكن منهم، أن تشهد بطولة الدوري المصري الممتازلكرة القدم ميلادًا جديدًا مع تدشين نسختها رقم "65" منتصف الأسبوع الماضي.
وظنّ البعض أن الطفرة قادمة لا محالة مع تغيير اسم البطولة إلى دوري "نايل" نسبة إلى نهر النيل، ودعت رابطة الأندية الجميع إلى احتفالية كبرى عند إجراء قرعة البطولة، وهي الاحتفالية التي شهدت تصريحًا غريبًا ذلك الذي أطلقه رئيس رابطة الأندية، أحمد دياب، الذي أكد أن الدوري المصري ترتيبه الـ 13 عالميًّا!!.. وهو التصريح الذي أثار حالات من الجدل وصل إلى حد السخرية من الجماهير المصرية.
وتمّت استضافتي في أحد البرامج الفضائية مع مجموعة من الزملاء النقاد الرياضيين قبل يوم واحد للحديث عن الطفرة الكبرى المرتقبة لأقدم وأعرق دوريات منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا الذي انطلق في أكتوبر العام 1948.
وفي البداية كشف الزملاء عن أحلامهم وتوقعاتهم وراهنوا بكل قوة على نسخة مختلفة بلا أزمات، والحديث عن تدشين نسخة جديدة من درع الدوري بدلًا من النسخة الخشبية التي ظهرت قبل 75 عامًا وعن رصد جوائز مالية لأول مرة للفريق البطل، وعندما جاء دوري في الحديث، توقّع مقدّم البرنامج أن أسير علي درب الزملاء وأزيد من الشعر بيتًا أو أبياتًا في حديثي عن الأحلام والطفرة.
إلّا أنني سِرت في الاتجاه المعاكس، وقلت عن أي طفرة تتحدثون وتتوقعون، لقد أجريت القرعة دون تحديد مواعيد المباريات والجولات؟! عن أي طفرة تتحدثون وأزمات حكام الكرة المصرية الذين لم يحصلوا على مستحقاتهم المالية وصلت إلى حد أقسام الشرطة قبل يومين فقط من انطلاق البطولة؟!
عن أي طفرة تتحدثون؟! ولم تُحَلّ أزمة تقنية حكم الفيديو "VAR " ولم يُحدّث الاتحاد الأجهزة القديمة التي كانت سببًا في حدوث أزمات لا حصر لها منذ تطبيقها قبل عامين؟ وعن أي طفرة تتحدثون ولم تتم صيانة الاستادات؟! عن أي طفرة تتحدثون وقضية عودة الجماهير إلى الملاعب ما زالت مجرد أحلام مؤجلة، والمدرجات خاويه؟، وعن أي..؟ وعن أي..؟ وعن أي.. إلخ.
وتسألتُ كيف تكون احتفالية انطلاق أُمّ البطولات الكروية في مصر بمباراةٍ تُقام تحت أشعة الشمس الحارة أي في "عِزّ الظُهر" وفي يوم عملٍ وتجمع بين ناديين لا يمتلكان أي جماهيرية ولا شعبية وهما فريقا البنك الأهلي وطلائع الجيش والتي كانت أشبه بمباراة سِرية أقيمت في صمتٍ تامٍ داخل أكبر استادات مصر، استاد القاهرة.. وكان من الممكن أن يتم تأجيل انطلاق البطولة 24 ساعة فقط لتكون الانطلاقة بمباراة الأهلي حامل اللقب، والمصري البورسعيدي كونها مباراة جماهيرية وإعلامية من الدرجة الأولى، وبالفعل لم تشعر الجماهير المصرية بانطلاق الدوري إلا مع تلك المواجهة.
وترقبت باهتمامٍ شديدٍ وأنا أتابع كل مباريات الجولة الأولى رصد أي طفرة من تلك الطفرات التي حلم وتحدث عنها المسؤولون والزملاء الإعلاميون، وصرخت مهللًا على طريقة "أرخميدس" وأن أقفز في السماء قائلًا: "وجدتها"، وجدتُ الطفرةَ، والطفرة كانت كتابة مُختصَر أسماء الأندية باللغة الإنجليزية علي شاشة التليفزيون، طفرة كانت بمثابة لغز حقيقي تفرّغت الجماهير لحله بدلًا من متابعة المباراة، حتى إن الأمر تحوّل إلي مسابقات بين الجماهير علي مواقع التواصل الاجتماعي لمعرفة مَن الفريق الذي تم اختصار اسمه إلى حرفين أو ثلاثة باللغة الإنجليزية، وكانت المسابقة الأولى معرفة فريق "T.G"، ليكتشف الجميع أنه اختصار لاسم فريق طلائع الجيش.. وبخفة دم كل الجماهير تساءلوا علي طريقة الفنان الكوميدي الراحل يونس شلبي في مسرحية "مدرسة المشاغبين": إنجليزي ده يا مرسي؟!".