مارسيل كولر.. ملك التحولات الهجومية المُركبة.. كيف يفكر؟!

تحديثات مباشرة
Off
تاريخ النشر:
2023-09-22 13:16
النادي الأهلي المصري (Getty)
محمد العولقي
كاتب رأي
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

أين كانت تكمن قوة الأهلي مع السويسري مارسيل كولر الموسم الماضي؟

سؤال آخر: ما إستراتيجية كولر التي أكلت الأخضر واليابس محليًا وأفريقيًا الموسم المنقضي؟

دعونا نتفق أولًا أن هناك ثوابت فنية كثيرة في الفريق أسهمت في ثبات شخصية البطل، ودعونا نتفق ثانيًا أن روح "الفانلة الحمراء" لها مفعول السحر حين تظهر دائمًا في الأوقات العصيبة التي يحتاجها الأهلي بالذات أفريقيًا.

حسنًا.. لا يمكن المرور مرور الكرام على تكتيك مارسيل كولر دون الإشارة إلى شقين في غاية الأهمية:

الأول: مارسيل كولر عندما ينتهج تكتيك العمود الفقري الرأسي، كان يمتلك مَلِكَ التحولات المركبة في وسط الملعب الجوكر حمدي فتحي.

الثاني: عندما يلجأ كولر إلى اعتناق تكتيك العمود الفقري الأفقي، فإن هذا الرسم يحتاج إلى محمد مجدي (أفشة) من العمق، ليؤدي دور الممول والمتحكم في النسق.

مع خروج الجوكر حمدي فتحي عن منظومة مارسيل كولر هذا الموسم، خسر الأهلي الرئة الحقيقية التي يتنفس منها تكتيك العمود الفقري الرأسي، بدليل أن لاعبي الأهلي بكل هذا البذخ الفني والمهاري، عجزوا عن تكريس مبدأ المباغتة من الخلف أمام اتحاد العاصمة الجزائري في مباراة السوبر الأفريقي.

كان الخطأ الخالد الذي ترتب عليه تحنيط منظومة خط الوسط، أن مارسيل كولر اختار نهج العمود الفقري الرأسي أمام فريق يحسن تحصين جبهته الدفاعية، وحماية منظومته التكتيكية من أي اختراق أفقي، حيث تتدفق الحلول يسارًا من حسين الشحات ويمينًا من رضا سليم.

كان مارسيل كولر حتى وهو يحدث هزة في تموضع الشحات مثلًا، يراهن على انسيابية العمق من دون صانع ألعاب، وحجته التكتيكية في هذا المتغير التكتيكي الطارئ جاهزة، لكنها غير مقنعة.

تصور مارسيل كولر أن المالي آليو ديانغ هو مضخة الوسط الضخمة، حين أسند إليه كل أدوار التحولات الهجومية المركبة؛ لكن فاته شيء مهم للغاية، يتعلق بقدرات ديانغ الفنية قبل التكتيكية.

لا خلاف على أن آليو ديانغ محور وسط قوي لياقيًا وجسديًا، يحسن قراءة تحركات الخصم، ويجيد عملية البناء وافتكاك الكرة بمهارة؛ لكن الخلاف هنا مع كولر حول حدسه في هضم متطلبات التحولات المركبة في الثلث الأخير من ملعب الخصم.

لم يكن حمدي فتحي ليجاري آليو ديانغ في قوتيه البدنية والذهنية على مستوى الواجبات الدفاعية، لكن حمدي فتحي يفوق ديانغ في مسألة حساسة جدًا، تتعلق بعملية التوقع والتحرك خلف دفاعات الخصوم بدون كرة.

بقليل من قراءة محتوى تصورات مارسيل كولر الموسم الماضي، لن نحتاج إلى جهد ذهني شاق لنكتشف أن حمدي فتحي كان أهم ورقة تكتيكية ناور بها السويسري في المباريات المغلقة.

لطالما كان كولر مهووسًا بفكرة الزيادة العددية من الخلف، لضرب الخصوم بتكتيك مفاجئ ليس في الحسبان؛ لكنه احتاج كي ينجح هذا الرسم إلى لاعب ذكي ذي حدس تكتيكي يصنع الفارق بالتحولات المركبة، ولم يكن هناك أفضل من حمدي فتحي الذي وقع على أهداف حاسمة في كثير من المباريات، مستفيدًا من تكتيك العمود الفقري الرأسي.

ولأنني أزعم أنني أتكئ على خلفية لا بأس بها في خطط اللعب والمناورات وقراءة عمق جوهر اللعب، أستطيع القول إن مارسيل كولر هو ملك التحولات الهجومية المركبة بلا منازع.

ومن الصعوبة بمكان أن يتخلى كولر عن فلسفته أو نهجه، وقد روّع فريقه أفريقيا عن بكرة أبيها وأمها، لكن تبقى الإشكالية التي يحتار كولر في حسمها هذا الموسم تتخلص في سؤال الساعة:

كيف يمكن تعويض مرونة حمدي فتحي في عملية اللعب على التحولات؟

هل يسند عملية التحولات الهجومية المركبة للدبابة آليو ديانغ؟ أم يمنح هذا الدور الصعب للوافد الجديد إمام عاشور؟

في تصوري أن اللاعبين ديانغ وعاشور على النقيض تمامًا عن فلسفة اللعب، ومع ذلك يمكن لهذين اللاعبين أن يكونا الحل المناسب، ولكن كيف يصير ذلك؟!

لا خلاف حول مؤهلات ديانغ من حيث القوة والمهارة وطاقته البدنية، إضافة إلى أنه يمتلك ميزة تكتيكية نادرة، فهو ملك قطع الكرات، وملك الانطلاق بالكرة لمسافات طويلة،  لكنه لا يمتلك حدس التخيل بدون كرة لترجمة مفهوم الزيادة العددية في الثلث الأخير من ملعب الخصم.

بالنسبة للاعب الشاب إمام عاشور يختلف عن ديانغ في تركيبته الجسدية والبدنية، فهو لا يميل للصراعات الجانبية والالتحامات العنيفة، لكنه من حيث المخ يمتلك ذكاءً حادًا، مع قدرة فائقة على قراءة محتوى التحولات الهجومية المركبة في الثلث الأخير.

فكرة الزيادة العددية التي يتبناها مارسيل كولر مثمرة للغاية، ومن حسن حظه أن ديانغ قد يؤدي ثلاثة أرباعها، والربع الأخير بحاجة إلى رجاحة عقل إمام عاشور وحدسه، لتعويض رحيل حمدي فتحي.

بالمناسبة آليو ديانغ يمتلك خيارات نوعية أخرى منها: التصويب من بعيد وإتقان رأسيات الكرات الثابتة، لكن التحولات في الثلث الأخير إمام عاشور بحدسه الرفيع يكسب من دون شك.

لا يمكن إغفال لاعب آخر يمكنه أن يؤدي أدوار التحولات الهجومية المركبة، بحكم أن مؤهلاته الفنية كثيرة ومهارته في الاندفاع من العمق والرواقين مثمرة، الأمر هنا يتعلق باللاعب الجزائري محمد القندوسي.

والسؤال الذي يترقب جمهور الأهلي معرفة إجابته من خلال الملعب: من سيختار مارسيل كولر للقيام بدور التحولات الهجومية المركبة، في حال الرهان على تكتيك العمود الفقري الرأسي؟

شخصيًا، أستبِعدُ ديانغ لأسباب فنية، وأرشح إمام عاشور لهذا الدور بقوة، ومن بعده القندوسي.

شارك: