المصارعة الشعبية تستحوذ على الاهتمام في السودان
بالرغم من سيطرة كرة القدم على الوسط الرياضي في السودان، بيدوا أن لبعض الرياضات الأخرى مساحات كبيرة من اهتمام الجمهور المحلي، وتعد رياضة المصارعة الشعبية إحدى أهم الألعاب التي تستأثر بالاهتمام وتحظى بالمتابعة، وقد اشتهرت بها إحدى "القبائل" في السودان، وتفوق فيها أبناء قبيلة النوبة وحققوا فيها الجوائز على مستوى الجمهورية في فترات كبيرة.
وبحسب أحد أبناء المنطقة فإن أسلوب الحياة هناك منح مساحات واسعة لتقديم أبطال في مختلف الرياضات، وجعل الاهتمام كبيرا بالأبطال في مختلف الألعاب. على مستوى كرة القدم، قدمت المنطقة أساطير اللعبة في السودان على غرار حامد بريمة أحد أشهر حراس المرمى في البلاد، وفيصل عجب النجم الأسطوري في المريخ وغيرهم كثر، ويرى أن البيئة تساعد في تنشئة أبطال في المصارعة، الصيد، والعدو، وعندما يخرج من تلك البيئة أي فرد يكون جاهزا للتفوق، تبعا لجغرافية المنطقة من جبال ووديان ما يجعله الأقوى بنية من بين كل المناطق في السودان، فالفرد حياته اليومية عبارة عن تدريب ما بين صعود وهبوط.
وتشكل المصارعة الشعبية واحدة من أهم الرياضات في غرب السودان بشكل عام، ويرى النوبة أنها رياضة التسامح والروح الرياضية، رغم الصراع البدني العنيف غير أن الفائز يحرص على حمل الخاسر على اكتافه ويوصله حيث مقصده في أروع أنواع التسامح والتسامى، بينما لا يحمل الخاسر أي ضغينة على المتفوق عليه بل يجتهد أكثر ليتفوق لاحقا.
ويعد عبد الله أبوعشرين أحد أبطال المصارعة بل أنه كان في سبعنينيات القرن الماضي بطلا للجمهورية في الرياضة، وهو والد على عبد الله أبوعشرين حارس المرمى المعروف المنتقل من المريخ للهلال مؤخرا. ويقول على عبد الله أبوعشرين حارس مرمى الهلال، إنه أحب الرياضة من والده المصارع الكبير الذي قدمته البلاد بطلا، مبينا أنه يهوى تلك الرياضة وإن لم يمارسها بصفة الاحتراف بعد أن جذبه بريق كرة القدم ليختارها مهنة له.
وأشار إلى أن رياضة والده التي مارسها أحيانا، أكسبته شراسة مطلوبة في كرة القدم، ذلك أن حراسة المرمى لا تتطلب النعومة بل تحتاج لقدر من القوة البدنية، لا سيما في الخروج للكرات المقوسة أو التصدى للانفراد، مؤكدا أن هيبة حراس المرمى مطلوبة أيضا، موضحا أنه يحرص على متابعة أبطال الرياضة، وتشجيع أبناء منطقته في أوقات الفراغ عندما لا يكون ملتزما بارتباطات أو استحقاقات مع النادي أو المنتخب الوطني.
ويقول "الله جابو سليمان كابو" رئيس الاتحاد الرياضي السوداني للمصارعة، إن تلك الرياضة في الأصل تراث يعود تأريخه إلى عام "200" قبل الميلاد منذ مملكة "كوش" العظمى" وهو ما تؤكده تلك الرسومات على الأهرامات في السودان والتي تشير للمعنى، مؤكدا أن قبائل النوبة هي أول من قدموا هذه الرياضة حتى عرفت بمصارعة النوبة، مشيرا إلى أن الرياضة تقام في فترات أو مواسم، كموسم الحصاد أو الزواج أو غيرها من المناسبات. ويعرف المصارع بالفارس، ذلك أنه عنوان للقبيلة، ويخضع لإعداد كبير، كما أن للفارس علم ليتم تمييزه به وحتى يحمله ليكون بمثابة "الكأس" عندما يحقق الفوز.
وحول أشهر اللاعبين قال الله جابو: "هناك ألقاب مثل عيشة عيشتين، المرعب، مروحة، كلينكيت، إسعاف، الحبة السوداء.. وتلك ألقاب يطلقها الجمهور على اللاعبين حتى نسى الجميع أسماء اللاعبين الحقيقية، وحاليا هناك لاعب مميز أطلق عليه لقب كورونا".
أكد الله جابو أن هناك حلقات تم تخصيصها لتمارس فيها الرياضة في العطلات الرسمية، كما أن هناك يوما ثابتا، وهو يوم الجمعة، تمارس فيه الرياضة على نحو ثابت. وحول أشهر حلبات المصارعة يقول الله جابو إنها تتمركز في منطقة بحري شرق النيل التي يوجد فيها أشهر حلبة، بجانب منطقة أم درمان، مؤكدا أن الرياضة تأسس لها اتحاد يعنى باللعبة، وشارك الاتحاد السوداني في مهرجان الشعوب الأصيلة بكوريا، وينظم الاتحاد بطولاته بانتظام وانتشرت الرياضة لتعم كل السودان، لتصبح إحدى الرياضات المفضلة للجماهير، بدرجة جعلتها تحتل المرتبة الثانية بعد كرة القدم.
وأكد الله جابو أن الرياضة تحولت من احتكار لأبناء النوبة، لتمارس في أرجاء السودان المختلفة، وإن كان تميز أبناء النوبة مستمرا. وأصبحت جاذبة للأجانب، بعد أن شارك الملحق الثقافي السابق للسفارة اليابانية في إحدى المباريات وخسر "4" مرات في حلبة شرق النيل.