الرياضة النسائية: تحدّيات وإنجازات وسط قيود المجتمع

2021-12-16 12:03

قطعت المرأة العربية خطوات شاقة للتألق في عالم الرياضة (winwin)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

يعد موضوع الرياضة النسائية في الوطن العربية أحد أبرز المواضيع الشائكة وأكثرها حساسية بين فئات المجتمع على اختلاف مشاربها، بالنظر لما يثيره من نقاشات وجدالات، تتراوح ما بين الرفض المطلق بسبب القيود والتقاليد والأعراف التي تفرضها المجتمعات العربية المحافظة، والدعم "الضئيل" من طرف السلطات والمؤسسات الرسمية.

بداية، نود الإشارة إلى أن winwin يحمل رسالة دعم الرياضة النسائية في الوطن العربي، والنهوض بها في مختلف المجالات محليا ودوليا، وخلال بطولة كأس العرب، تعاون مع المؤثرة والعداءة المصرية "منال رستم" في إقامة عدد من النشاطات الجماهيرية مع الجماهير، كما زار winwin بصحبة "رستم" مدرسة للبنات في الدوحة، وشجع فتياتها على العمل والكد في سبيل تحقيق أهدافهن.

تمثل قضايا المرأة في المجتمع العربي هاجساً قوياً؛ إذ وجدت نفسها بين سندان التقاليد الموروثة ومطرقة الانتقادات، وبالرغم من أن المرأة العربية نالت حقها في مجالات كثيرة؛ مثل: السينما والمسرح والسياسة، إلا أن اقتحامها مجال الرياضة ظل حبيس التقاليد والعادات الموروثة وتحريم بعض المشرعين، قبل أن تتحطم بعضٌ من هذه القيود أمام التغيرات التي أصابت المجتمع، ولا سيما الإنجازات المحققة من طرف الرياضة النسوية منذ ستينيات القرن الماضي وسبعينياته.

وأجبر هذا التألق مسؤولي الرياضة في كثير من البلدان العربية على منح الرياضة النسائية تقريباً نفس الاهتمام بالرياضة على مستوى الرجال، وأسهمت الأسرة والتغيرات التي أصابت المجتمعات واختلاف نظرتها للرياضة النسائية بتطور هذه الأخيرة بفضل النتائج المميزة التي حققتها رياضيات عربيات على المستوى القاري والعالمي وحتى الأولمبي، لتتحوّلن إلى مثل أعلى وقدوة.

تمكنت المرأة العربية بمرور الوقت من اقتحام العديد من الرياضات التي ظلت حكراً على الرجال ومن بينها كرة القدم؛ إذ أقامت بعض الدول دوريات للكرة النسائية وسرعان ما انتقلت وانتشرت في باقي أنحاء الوطن العربي الممتد من المحيط إلى الخليج. وبرزت الرياضة النسائية بشكل أكبر لدى عرب إفريقيا: مصر وتونس والجزائر والمغرب والسودان قبل انتقالها إلى عرب آسيا وبصفة خاصة دول الخليج، وحققت رياضيات عربيات تتويجات وألقاب رصّعت السجل الرياضي العربي الحافل حتى في أصعب الرياضات.

ويزخر سجل الرياضة العربية بالمئات من الرياضيات المتألقات في رياضات عدة منذ عقود شتى؛ إذ ذاع صيتهن عربياً وإفريقياً وعالمياً، وسنكتفي في هذا المقام بذكر بعضهن؛ على سبيل المثال لا الحصر: السبّاحة التونسية مريم الميزوني بطلة السبعينيات على المستويين الإفريقي والمتوسطي، والجزائريتان البطلتان الأولمبيتان حسيبة بولمرقة ونورية بنيدة مراح في ألعاب القوى، وسليمة سواكري وصوريا حداد البطلة الأولمبية في رياضة الجودو، والمغربية نوال المتوكل والسورية غادة شعاع والمصرية رانيا علواني في السباحة.

ومن الجيل الحالي تبرز المصرية نور الشربيني في رياضة الإسكواش، وفريدة عثمان في السباحة، والتونسية نهى الأندلسي في رياضة رفع الأثقال، وحبيبة الغريبي في ألعاب القوى، وبطلة التنس أُنْس جابر، وبطلة الجودو نهال شيخ روحو، والإماراتية آمنة القبيسي في رياضة "الفورمولا 4"، والبحرينية سلوى عيد في ألعاب القوى، والأردنية شادية بسيسو في المصارعة الحرة العالمية الترفيهية.

ومقابل تألقها في الاختصاصات الفردية، لم تتمكن الرياضة النسائية العربية من تحقيق إنجازات كبيرة على مستوى الاختصاصات الجماعية؛ مثل: كرة القدم وكرة السلة، بالرغم من استحداث بطولات جديدة، وآخرها قرار الاتحاد العربي لكرة القدم في شهر يناير الماضي، إطلاق بطولة عربية لكرة القدم النسائية، امتداداً للبطولات التي تقيمها الاتحادات القارية الأخرى في آسيا وإفريقيا، وشهدت مشاركة العديد من منتخبات الكرة النسائية العربية، دون أن يتمكن أحدها من المشاركة في بطولات كأس العالم.

وفي كرة القدم أيضاً برزت رشا نوري أول مدربة كرة قدم ليبية معتمدة من الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، والمدربة المغربية فدوى شرنان، والسودانية سلمى الماجدي التي كانت أول مدربة فريق كرة قدم رجالي في إفريقيا والعالم العربي، والجزائريات نعيمة لعوادي وراضية فرتول ونعيمة بوهني، كما تمكنت مصر من امتلاك خمس لاعبات محترفات في أوروبا وأمريكا، أبرزهن: سلمى طارق ونور غنيم، كما توجد ثلاث لاعبات في الدوري الإيطالي.

وإذا كانت دول مثل المغرب والجزائر ومصر تزخر بنشاط رياضي نسائي منذ عقود، لم يكن الأمر كذلك إطلاقاً بالنسبة إلى دول عربية عدة لم تشارك منها رياضيات في المنافسات الدولية إلا قبل سنوات معدودة؛ مثل الدول الخليجية، بسبب تركيبة المجتمع المحافظ الرافض لممارسة المرأة للرياضة، ولكن تغيرت الأمور فيما بعد بسبب تدخل اللجنة الأولمبية الدولية وتهديدها باستبعاد هذه الدول من الدورات الأولمبية بسبب عدم إشراكها النساء، وبدأت المشاركة النسائية لدى هذه الدول في أولمبياد لندن 2012.

وأشركت السعودية مثلاً أول مرة رياضيتين؛ هما: سارة العطار في ألعاب القوى ووجدان علي سراج شهرخاني في الجودو، كما أُسِسَ بعدها العشرات من الأندية الرياضية في مختلف الرياضات في دول الخليج إيذاناً بعصر جديد للرياضات النسائية. وبالموازاة مع تألق الرياضيات العربيات في المسابقات، شغلت نساء عربيات العديد من المناصب في الإدارة والتسيير الرياضي على غرار السعودية؛ منهنّ: ريم بنت بندر بن سلطان،  والكويتية فاطمة، والتونسية درصاف القنواطي التي كانت حارسة مرمى قبل أن تصبح أول حكمة تونسية تدير مباريات كرة قدم للرجال في تونس وفي إفريقيا، والبطلة المغربية في ألعاب القوى نوال المتوكل التي تولت منصب وزيرة الشباب والرياضة في المغرب كما تبوأت منصب نائبة رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، كما شغلت الجزائرية حسيبة بولمرقة منصباً في اللجنة الأولمبية الدولية والجزائرية.

شارك: