الركراكي والمهمة المستحيلة.. تطلعات الجماهير وصعوبة المسالك
بعد الشد والجذب بين اتحاد الكرة المغربي والمدرب وحيد حاليلوزيتش والضغط الكبير من الشارع المغربي الذي أفضى في النهاية إلى انفصالٍ بالتراضي، قبل عدة أسابيع من منافسة بحجم كأس العالم قطر 2022، بات المنتخب المغربي أمام معضلة كبيرة "فالوقت لا يرحم" والإعداد لاستحقاقٍ عالمي مثل المونديال يتطلب الهدوء والانسجام.
كانت إقالة حاليلوزيتش شرًّا لا بد منه، خاصةً بعد حالة السخط على الطريقة التي يعمل بها، واتخاذه قراراتٍ صارمةً في حق لاعبين نجوم يلعبون في أعتى الأندية الأوربية.
أمام هذه المعطيات يحمل المدرب الجديد لأسود الأطلس، المغربي وليد الركراكي، عبئًا ثقيلًا و مسؤوليةً كبيرةً على عاتقه، لا سيما أن تعيينه يأتي قبل أسابيع قليلة من المونديال.. ويأمل الجمهور المغربي أن يتمكن الركراكي من توحيد صفوف "أسود الأطلس" وتعزيز تماسك الفريق وطيّ صفحة الخلافات بداخله.
تعيين الركراكي مدربًا أملته عدة دوافع أساسية؛ أولها ضغط الشارع الرياضي ورغبة المغاربة في استبدال المدير الفني البوسني بآخر مغربي؛ وذلك لسوء علاقته مع الجماهير، ومع اللاعبين. وثانيها حالة التوتر التي طبعت علاقة المدرب البوسني مع رئيس اتحاد الكرة، فوزي لقجع، بشأن مجموعة من الاختيارات الفنية المتعلقة باللاعبين الممنوعين من عفوه، خاصة جناح تشيلسي الإنجليزي، حكيم زياش، ولاعب الاتحاد السعودي عبد الرزاق حمد الله.
لماذا تم اختيار وليد الركراكي لتدريب منتخب المغرب؟
وأمّا النقطة الهامة التي منحت الركراكي فرصة تولي تدريب أسود الأطلس، هي النتائج والإنجازات التي حصل عليها في تجربته الأخيرة مع الوداد الرياضي حيث حقق لقب بطولة الدوري المحلي ودوري أبطال أفريقيا، وتأهل لنهائي كأس السوبر الأفريقي.
يُضاف إلى ذلك التكوين الفرنسي للركراكي، وكذلك عامل سن حيث ما زال شابًا باستطاعته تذويب كل الخلافات وبناء جسور لتماسك الفريق ما سيخلق تفاهمًا وتجاوبًا مع كل العناصر الوطنية.
أما النقطة الأخيرة، فهي رغبة اتحاد الكرة في استنساخ نموذج مغربي يحاكي تجربة المدير الفني السنغالي أليو سيسيه، مع منتخب بلاده.
وليد الركراكي يرفض الانتقادات
كان من المفترض أن يتولى اتحاد الكرة ضبط مشروع رياضي وأهدافا على مدى سنوات، فلا وجود لمدرب يحمل عصا سحرية، ولا نتكلم هنا عن الإمكانيات اللوجستية التي يتم رصدها، لكن اتحاد الكرة تعاقد مع مدرب وطني نجح مدربًا لعدة أندية، لكن تعوزه خبرة تدريب المنتخب، فهو أمام تحديات كبيرة، وانتقادات الشارع الرياضي التي لن يَسلم منها مع أول كبوة، والتسلح بالصبر والجَلَد والاجتهاد أمور لا مفر منها، خاصةً وأن مَن شاهد مباريات المنتخب الأخيرة يتضح له انعدام الشخصية لدى الفريق وغياب فلسفة لعب واضحة.
وعبّر الركراكي بعد فوزه بثلاثية تاريخية مع الوداد عن عدم قبوله للانتقادات بشأن الأداء، مؤكدًا أن الكرة الحديثة تعتمد بالأساس على النجاعة والنتيجة.. وهنا سيقع الصدام مع الجماهير؛ لأن الشعب المغربي يتنفس الكرة، وكلهم مدربون وفقهاء في الكرة.. ويرغبون في رؤية منتخب له منهجيته وفلسفته حتى يستعيد ذاكرة كأس العالم 1986.
المشاكل الأساسية التي تنتظر الركراكي في منتخب المغرب
يعقد المغاربة آمالًا كبيرةً على المدرب الجديد (الذي سيُقدّم للإعلام الأربعاء القادم)، وعلى رأسها تحقيق الانسجام داخل صفوف المنتخب.
وأول شيء يجب القيام به عند تقديم الركراكي من طرف اتحاد الكرة هو توضيح خارطة الطريق للجماهير المغربية، وكذلك تلطيف الأجواء داخل المنتخب لإعطاء روح وديناميكية جديدة للاعبين، حتى يكون هناك تحرر أكثر داخل الملعب وخارجه.
الملاحظة الأساسية أن أجواء المنتخب الوطني لا تلمس فيها السعادة الضرورية لبلوغ الهدف، اللاعبون والجمهور لم يتقبلوا أنّ لاعبين حملوا القميص الوطني لفترةٍ تتراوح ما بين 6 و7 سنوات أصبحوا مُبعدين وممنوعين من تمثيل المنتخب، وخارج حسابات المدرب.
ثانيًا، كان هناك نوع من اللامبالاة عندما يتعلق الأمر بتفضيل اللاعبين ارتباطهم بالمغرب وحمل القميص الوطني والذود عنه، وهو ما كان سيحفزهم لإعطاء أفضل ما لديهم، وهنا يكمن الدور الرئيسي للمدرب.. هذا الوضع ولّد نوعًا من "الإحباط"، وبالتالي ففي هذه الفترة المستعصية ينبغي على الركراكي أن يكون حكيمًا ويترجم حصيلة خبرته حينما كان لاعبًا، أو حينما أصبح مدربًا، بتقريب وجهات النظر، ورأب الصدع، وتلطيف الأجواء، خاصةً وأن الانتفاضة الأخيرة للاعبين مؤثرين وعلى رأسهم عميد الفريق رومان سايس.