حبيب والاعتزال في القمة.. الدرس الأعظم
تخفت أضواء نجوم الرياضة ويرفعون راية الاعتزال، حيت تقضم منهم الحياة سنوات الشباب وتتآكل قدراتهم البدنية فيختارون وضع نهاية لمسيرتهم الرياضية، لكن المقاتل الروسي حبيب نور محمدوف أبى إلا أن يكون استثناءً في لعبه وفي قرار اعتزاله.
لم يرفع حبيب الراية البيضاء وهو طريح الأرض بعد هزيمة مدوية، بل وضع حدا لمسيرته وهو ساجد لله، عقب انتصاره على الأمريكي غاستن غايثجي بالإخضاع، ليصبح ملك رياضة الفنون القتالية المختلطة بـ29 فوزا دون أي هزيمة.
كان مشهد الاعتزال سرياليا، وكانت دموع حبيب التي ذرفها ترحما على والده الذي توفي بسبب كورونا أقوى لحظات حياته في حلبات القتال، لم نتعود من قبل أن يتنازل أساطير الرياضة عن عروشهم في ذروة قوتهم وألقهم.
درس جديد يُكتب في تاريخ حلبات القتال قدّمه حبيب وكتبه بدماء الفوز ودموع الحزن، لم يكن الأمر غريبا عن المقاتل الروسي المسلم، الذي لطالما كان رمزا في مواقفه الإنسانية القوية وتواضعه، رغم إغراءات الشهرة والمال.
حبيب الذي صارع الدببة منذ نعومة أظفاره لم يكن ضخما، فالولد القادم من جبال داغستان وطبيعتها الملهمة، كابد مشقة الحياة وهو صغير، كان مصارعا هاويا في شوارع بلدته، لعب الجودو وأتقن المصارعة مع المحترفين، ليكون واحدا من أساطير الفنون القتالية.
كسب حبيب تعاطف الملايين في العالم، لشهامته ورجولته بعيدا عن مظاهر النرجسية والتصنع الذي يلاحق حياة النجوم، وها هو اليوم يلقن الجميع درسا في التواضع ويضرب بقوة ليس بقبضته الحديدية بل برسالته النبيلة التي تفيد بأن الكبار يعتزلون وهم شامخون كقمم الجبال.
اعتزال حبيب بعد رحيل والده عن الحياة وقطعه وعدا لوالدته بأنه لن يلعب في غياب والده، يؤكد اليوم أن قدميه لن تطآ الحلبات ثانية وهو يفتقد بريق والده الذي علمه فنون اللعبة منذ الصغر، ليس سهلا أن تفرط في الشهرة والأموال وحياة النجومية الصاخبة، اعتاد الفتى الداغستاني على التواضع، لذلك لم يجد صعوبة في اتخاذ أسمى قرارات حياته.