أنس جابر صناعة وطنية
أن يلعب العرب التنس ليس دارجا كثيرا خاصة وأن الفكرة عن كرة المضرب أنها لعبة الأثرياء.. وتاريخيا، في عالم الكرة الصفراء، لم تتعد الأسماء العربية الناجحة للغاية أصابع اليد الواحدة.
لقد بدأ تاريخ التنس العربي واعدا من خلال فوز التونسي مصطفى بلخوجة بدورة رولان غاروس للشباب عام 1956، وفوز المصري إسماعيل الشافعي في ويمبلدون للشباب سنة 64، وفي السبعينيات أصبح الشافعي أول عربي يدخل نادي المصنفين المئة (Top 100) ووصل لدور الثمانية في ويمبلدون والمرتبة الـ34 عالميا، ثم غاب التنس العربي عن المشهد، ودخل في سبات قبل أن يحييه المغاربة بفضل أسماء لامعة مثل كريم العلمي الذي وصل تصنيفه لـ25 عالميا، وهشام أرازي الذي احتل المركز الـ22، ويونس العيناوي أفضل لاعب تنس عربي وصاحب 5 ألقاب في دورات رابطة "ATP"، والذي وصل للمرتبة الـ14 في التصنيف الدولي للاعبين المحترفين، ومن بعده دخل التنس العربي من جديد في سبات دام فترة من 10 إلى 15 عاما، إلى حدود الصحوة والتي جاءت هذه المرة من تونس.
في الرجال، تألق مالك الجزيري وحقق المركز الـ42 عالميا كأفضل ترتيب في مشواره، ومن 2008 بدأت الواعدة أنس جابر بفوزها قاريا وعربيا، وفي 2010، وصلت نهائي رولان غاروس للشابات، وفي العام التالي، ثأرت من خسارتها في النهائي وخطفت الأضواء بفوزها بالدورة الباريسية الأشهر على الملاعب الترابية.
وفي 10 سنوات، حققت التونسية إنجازات سيخلدها التاريخ، كأول عربية تفوز بإحدى بطولات رابطة المحترفات "WTA" في دورة برمنغهام، وتبلغ ربع النهائي في اثنتين من البطولات الكبرى (أستراليا 2020، ويمبلدون 2021)، لتعادل العيناوي الذي وصل في مسيرته مرتين إلى دور الثمانية بالدورات الكبرى.
وأخيرا، حققت أميرة قرطاج ما بدا مستحيلا، وهو دخول قائمة العشر الأوائل في تصنيف المحترفات. أنس أكملت السنة في المرتبة السابعة كأفضل ترتيب في تاريخ التنس العربي؛ بذكوره وإناثه، وما يزيد من قيمة نجاحها هو أنها تعلمت وتكونت وتدربت في تونس وبمدربين تونسيين، وأنها شقت طريق النجاح في مجتمع ذكوري لا يمنح المرأة الرياضية فرصة للنجاح.
أنس في 2021 حققت حلم دخول قائمة المصنفات العشر الأوائل (TOP 10)، وفي العام القادم، ستكون مطالبة بالتطور أكثر لتبقى في القمة، مطالبة بأن تطور تعاملها النفسي، مطالبة بأن تخوض كل مباراة على أنها معركة، مطالبة بالمشاركة في دورات أكثر.
المطلوب من أنس جابر في 2022 أن تفوز بدورات أكثر؛ لأن إمكانياتها تسمح بذلك، أن نراها في نهائي إحدى البطولات الكبرى "غراند سلام"، وبهذا فقط، من الممكن أن تحقق المركز الأول عالميا، وهو ما قد يبدو للبعض ضربا من ضروب الخيال، و لكن أنا، الذي تابعت التنس من عهد كريس إيفرت ونافراتيلوفا وساباتيني وسيليش وغراف وسيرينا وليامز، مؤمن جدا بإمكانيات أنس وأراها قادرة علي تحقيق الحلم! سنة كانت جميلة عشنا فيها لحظات حماس وفرح وخيبة وغضب، وسنة جديدة نستقبلها بأمل وشغف، فالأولى ممكنة يا ابنة جابر!