4 ميزات رئيسية طبعت كأس أمم أفريقيا بكوت ديفوار
ستظلّ النسخة الرابعة والثلاثين من كأس أمم أفريقيا التي احتضنتها كوت ديفوار في الفترة الممتدة من 13 يناير/ كانون الثاني وحتى 11 فبراير/ شباط 2024، واحدة من أميز النسخ التي عرفها "الكان"، ليس فقط لنجاحها تنظيميًا وجماهيريًا، وإنّما على وجه الخصوص لكمية الإثارة والتشويق اللامحدودة التي منحتها من خلال سيناريوهات "هيتشكوكية" لمباريات ستظلّ محفورة فى الذاكرة.
نجحت كوت ديفوار في كأس أمم أفريقيا في أغلب التحدّيات، التي رفعتها قبل تنظيم الحدث القاري الكبير، وأوفت بوعودها كاملة، لتستحق في النهاية أن تنال الثناء والاستحقاق بتتويج منتخبها في مشهد ختامي ملحمي، أقرب إلى مخيلات السنمائيين منه إلى جماهير كرة القدم.
بالنسبة للعديد من المراقبين، تُعَدّ هذه النهائيات القارية من "الأجمل في التاريخ".. أسباب هذا التفضيل نستعرضه وإياكم في الميزات الأربعة التالية:
كأس أمم أفريقيا بملاعب ممتلئة
قبل بدء نهائيات كأس أمم أفريقيا التي اختتمت الأحد بفوز كوت ديفوار على نيجيريا 2-1 بعدما كانت متخلفة، قطع المنظّمون وعدًا بدا من الصعب الوفاء به: "لا ينبغي إقامة أي مباراة أمام مدرجات فارغة".
في حين كان ملعب المباراة الافتتاحية ممتلئًا بنسبة الثلثين فقط، طمأن رئيس الوزراء روبير بوغريه مامبيه على الفور أنه سيتخذ الإجراءات اللازمة لمعالجة هذا الأمر، وبسرعة كبيرة ومع بعض الاستثناءات النادرة، شهدت الملاعب حضورًا جيدًا حتى في دور المجموعات الذي غالبًا ما تكافح كأس أمم أفريقيا لجذب الجماهير إلى مبارياته.
وقال المدرب الفرنسي الخبير في الكرة الإفريقية، كلود لوروا، الفائز باللقب مع الكاميرون عام 1988، لوكالة فرانس برس: "إنها واحدة من أجمل نهائيات كأس أمم أفريقيا التي شاهدتها. إنها جميلة جدًا ومفعمة بالحيوية".
ويبقى الآن تجنب السيناريو المعتاد في بطولات من هذا النوع، وهو عدم تحول الملاعب إلى مدن أشباح، لا سيما تلك الموجودة خارج العاصمة أبيدجان، ووفقًا للاتحاد الإيفواري للعبة، ستُستخدم الملاعب بشكل خاص في مباريات الدوري المحلي.
أجواء حماسية رغم تقلبات صاحب الأرض
من أبيدجان إلى كورهوغو، مرورًا بياموسوكرو وبواكيه وسان بيدرو، كانت هناك العديد من مقاطع الفيديو لمشجعين من جميع أنحاء القارة وهم يشيّدون بترحيب الشعب الإيفواري.
ولم تؤثر النتائج السيئة للمنتخب المضيف في دور المجموعات من كأس أمم أفريقيا ولو للحظة على الأجواء الجميلة التي سادت البلاد، لدرجة أنّ بعض المشجعين الإيفواريين غنّوا "خسرنا لكننا لا نهتم" بعد الهزيمة 0-4 أمام غينيا الاستوائية في الجولة الأخيرة، في وقت كان منتخب "الفيلة" على وشك توديع البطولة قبل أن يتأهل ضمن آخر صاحب مركز ثالث.
من المطاعم البسيطة والمقاهي في الشوارع، إلى المناطق المخصّصة للمشجعين، عاشت كوت ديفوار لمدة شهر على إيقاع كأس أمم أفريقيا وحتى إنه تم إعفاء الطلاب من الدروس في أيام مباريات المنتخب المضيف.
ولن تكون نهائيات كأس أمم أفريقيا ناجحة بشكل كامل دون "نجاحها" الموسيقي الذي يبقى عالقًا في الأذهان، وفي هذه النسخة، كانت "ضربة المطرقة" للمؤلف تام سير الأغنية غير الرسمية للعرس القاري.
استحوذت هذه الأغنية على روح البطولة وحماس الإيفواريين، وجسّدت كيف يمكن أن يتحوّل العمل الموسيقي إلى رمز للفخر الوطني والدعم الرياضي حسب وصف الموقع الرسمي للاتحاد الأفريقي لكرة القدم.
وبعد الفوز في النهائي وإحراز اللقب القاري الثالث في تاريخ "الفيلة" في كأس أمم أفريقيا، تحولت الأجواء إلى حفل كبير وتم إعلان الإثنين عطلة رسمية.
نجاح أمني باهر
كان الأمن الهاجس الأكبر للعديد من المراقبين قبل بدء كأس أمم أفريقيا، بالإضافة إلى خطر وقوع هجوم جهادي في بلد تعاني فيه الجارتان بوركينا فاسو ومالي من هذا التهديد بشكل يومي، كان التدافع في الملاعب أحد المخاوف الرئيسية.
بشكل عام، سارت البطولة جيدًا بفضل قوات الشرطة المنتشرة حول الملاعب، وتمكن المتفرّجون من مشاهدة جميع المباريات بهدوء.
وعندما ضغطت الجماهير بقوّة للدخول، على غرار ما حصل في ياموسوكرو خلال مباراة الكاميرون والسنغال في الدور الأول، سارعت السلطات إلى تخفيف الضغط للسماح لهم بالدخول، حتى دون تذاكر في بعض الأحيان، وتمثّل الجانب السلبي الوحيد في الإبلاغ عن العديد من الوفيات في حوادث سير خلال الاحتفالات بانتصارات المنتخب المضيف.
إثارة في القمة
لطالما ساد الجانب الدفاعي في نهائيات كأس أمم أفريقيا ما أثّر على غزارة الأهداف، لكن نسخة كوت ديفوار غرّدت خارج السرب بعدما شهدت تسجيل 119 هدفًا، لتصبح النهائيات الأكثر تهديفًا في تاريخ البطولة بمعدل 2.29 في المباراة الواحدة.
وشهدت النهائيات أيضًا تقلّبات ومنعطفات مثيرة في العديد من المباريات، أبرزها من نصيب البلد المضيف الذي كاد أن يُقصى من دور المجموعات، لكنه عاد من بين الأموات بإطاحة السنغال حاملة اللقب ومالي في الدورين ثمن وربع النهائي، ثم جمهورية الكونغو الديمقراطية في دور الأربعة وصولاً إلى التفوّق على نيجيريا في مباراة اللقب بفضل هدف سيباستيان هالير.
وكانت كوت ديفوار على موعد أيضًا مع مفاجآت من العيار الثقيل، حيث خرجت الجزائر من الدور الأول بخسارتها في الجولة الأخيرة أمام موريتانيا 0-1، فيما سقطت مصر، حاملة الرقم القياسي بعدد الألقاب (7)، أمام الكونغو الديمقراطية في ثمن النهائي، وهو الدور الذي شهد أيضًا انتهاء مشوار المغرب، رابع مونديال قطر 2022، على يد جنوب أفريقيا.