هل يدفع ليفربول ثمن تتويجه بلقب البريميرليغ؟

2021-06-08 09:01
الهولندي فيرجيل فان دايك خلال خسارة ليفربول 2-7 أمام أستون فيلا أمس الأحد في الدوري الإنجليزي الممتاز (Getty)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

عندما تُوِّج ليفربول بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز بالموسم الرياضي الماضي 2019 /20، كان الأمر بمثابة الحلم البعيد الذي تحقق أخيرا، بعد 30 عاما من الترقب والانتظار بلهفةٍ وشوق. لقد أظهر الفريق رغبةً كبيرة في إسعاد جماهيره الغفيرة، التي أخذت تنادي وتردد بصوت عالٍ: لن تسير وحدك أبدا.


كان موسما استثنائيا لليفربول؛ إذ قدم الفريق مستويات كبيرة، أقنعت الخصوم قبل الأنصار، وأنهاه الفريق ظافرا بلقب الدوري الممتاز، بعد تحقيقه ثلة من الأرقام القياسية، التي دفعت شريحة عريضة من الجماهير لتوقع أن يستعيد الريدز بريق حقبة الثمانينيات.


لكن ثمة شيء غامض قد حام في الأفق، فحواه أن ليفربول لم يعد قادرا على الظهور بنفس الحلة وذات الشخصية، التي كرسها عبر انتصارات مقنعة في الموسم الأخير، فنجد الفريق وقد خسر مباراة درع الاتحاد الإنجليزي (الدرع الخيرية سابقا) قبل أن يقدم مردودا شابه اضطراب كبير، خلال 4 جولات من عمر الموسم الجديد للدوري الإنجليزي الممتاز.


حقق ليفربول فوزا صعبا، واستقبلت شباكه 3 أهداف في مباراته الأولى بالدوري الممتاز ضد ليدز يونايتد، الصاعد حديثا لمصاف أندية الأضواء، كما احتاج الفريق إقصاء الدنماركي أندرياس كريستنسن، مدافع تشيلسي، في لقطةٍ جدلية، وخطأ فرديا من الإسباني كيبا أريزابالاغا، حارس البلوز، كي يخرج فائزا بهدفين لصفر من ملعب "ستامفورد بريدج"، قبل أن تأتي كارثة الأحد؛ إذ الخسارة المذلة بسبعة أهداف لهدفين أمام أستون فيلا، الذي عانى شبح الهبوط من أسابيع قليلة، على الرغم من حقيقة تطوره الكبير في الموسم الجديد، تحت إمرة المدرب الإنجليزي دين سميث.

الواقع يخبرنا أن ليفربول بات في حالة، تدعو كثيرين للتساؤل عن سبب ما طرأ على الفريق من تحول سلبي سريع، وتدفعنا لتوجيه هذا الاستفهام: هل يدفع ليفربول ثمن تتويجه بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز؟


ضريبة الاستقرار


حاول يورغن كلوب، مدرب ليفربول، أن يؤمّن خوضه منافسات الموسم الفارط بتشكيلة مستقرة إلى حدٍ كبير، ما اتضح جليا في امتناع الرجل عن عقد أي صفقات كبيرة، خلال نافذة انتقالات الصيف الماضي.


كان كلوب يعرف جيدا أن تشكيلته التي خسرت لقب الدوري الإنجليزي الممتاز بفارق نقطة واحدة، وتُوِّجت بكأس دوي أبطال أوروبا موسم 2018 /19 تبقى في حاجة لقليلٍ من التجانس والانسجام كي تغدو قادرةً على فرض هيمنتها محليا، وقد فعلت عندما أحجم ليفربول عن انتداب أسماء مهمة، لكنه فاز بلقب البريمر ليغ عن جدارةٍ واستحقاق.


لكن ليفربول عاد هذا الصيف، وبدت إدارته متحمسة لضم لاعبين جدد، على غرار ما فعلت في تعاقدها مع لاعب الوسط الإسباني تياغو ألكانتارا والجناح البرتغالي ديوغو جوتا، إلى جانب اهتمامها في وقتٍ ما، بفرضية استقدام النجم الفرنسي عثمان ديمبيلي من برشلونة.


أصبح كلوب مضطرا لدمج العناصر الجديدة في تشكيلة فائزة بالفعل، وهي مهمة أثبتت صعوبتها في تجارب مماثلة، وربما تكون قد تسببت في ذلك المردود المهتز للفريق، مع بداية الموسم الجديد.


تشبع الفريق


على المستوى الجماعي، يملك ليفربول قائمة شبه متكاملة؛ بداية من حارس مرمى مميز، مثل البرازيلي أليسون بيكر، مرروا بخط خلفي قوي، يقوده الهولندي فيرجيل فان دايك، أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي الممتاز موسم 2018 /19، ووسط ميدان ينعم بتنوع كبير في مهام أفراده وأدوارهم، وصولا إلى هجومٍ فعالٍ، يُصنّف على أنه الأفضل في عالم كرة القدم، وفقا لمتابعين كثر.


لكن المشكلة تكمن أن هذا الفريق الجماعي المميز القوي أيضا على مستوى أفراده، يظهر وكأنه افتقد الحماسة المطلوبة، وأصيب بآفة التشبع، التي عادة ما تضرب الأبطال فور تحقيقهم إنجازات مهمة أو منتظرة.


كان الجيل الحالي لليفربول قويا لدرجة مكَّنته من استعادة لقب الدوري الإنجليزي للمرة الأولى في 30 سنة، والظفر بكأس دوري أبطال أوروبا السادسة في تاريخ النادي، والأولى منذ العام 2005، إلى جانب بطولتي كأس السوبر الأوروبية وكأس العالم للأندية.


الآن، ربما يعاني ليفربول من حالة تشبع، قد تنتهي يوما بخسارة مهينة، مثلما حدث يوم أمس، أو باندماج عناصر مهمة جديدة مع توليفة الفريق الحالية، كما يحاول كلوب فعل ذلك.


ضريبة البطولة


ليفربول صار بطل إنجلترا، وسيستمر كذلك حتى نهاية الموسم على أقل تقدير، ما يعني حتمية خوضه كل المباريات بصفته الفريق المرشح لتحقيق الفوز، ويتسبب أولا في تحميله ضغوطات إضافية، وثانيا في مواجهته لطرق أكثر حدةٍ وشراسة من الخصوم كافة، بما في ذلك فرق القمة بجدول الترتيب.


أضحى ليفربول مضطرا للتعامل مع ذلك الواقع الذي تمناه لأعوام طويلة، وعانى منه مانشستر سيتي خلال الموسم الماضي، حينما واجهته الفرق جمعاء بطريقةٍ، أجبرت المدرب الإسباني بيب غوارديولا على القول علانيةً: "هناك شيء خاطئ، لكني لا أعرفه".


أهل الثقة


سيكون من الصعب على كلوب أن يستبدل أي من عناصر المجموعة، التي أعادت للنادي هيبته التاريخية في آخر موسمين، ما يهدده بإمكانية تكرار تجارب إفراط مدربين في منح الثقة لبعض اللاعبين، حتى وإن حصل ذلك على حساب صالح الفريق.


في مباريات ليفربول الأخيرة، قدم بعض من أبرز نجوم ليفربول مستويات يمكن نعتها بالسيئة، لكن كلوب لم يقوَ على الاعتراف بالأمر، وأصر على استمرارهم داخل أرضية الميدان.


يحظى نجوم ليفربول بثقة  كلوب، وهذا أمر جيد، لكن الأكيد أن الإفراط في منح الثقة لمن بات لا يستحق، قد يتسبب في تكرار خيبات أمل مشابهة لتلك التي عاشها منتخب إيطاليا في نهائيات كأس العالم 2010 تحت قيادة مارشيلو ليبي، ومنتخب إسبانيا في مونديال 2014 تحت إمرة فيثني ديل بوسكي، بعدما أصر الرجلان على تعظيم أدوار لاعبين بعينهم.


فوبيا النجاح


في الموسم الماضي، تمكن ليفربول من تجنب الهزيمة في أول 27 مباراة، خاضها ببطولة الدوري الإنجليزي الممتاز، مع تحقيقه لـ 18 انتصارا متتاليا، وهو رقم قياسي في تاريخ البطولة المحلية.


لقد مني ليفربول بهزيمته الأولى في الموسم بعد مجموعة من المباريات، التي قدم بها الفريق أداء خجولا بعض الشيء، وإن تمكن من تحقيق الفوز، خلال فترة شهدت تراجعا كبيرا في المستوى.


إبان هذه الجولات التي حقق فيها ليفربول الفوز على فرق مثل وولفرهامبتون واندررز (2-1)، نورويتش سيتي (1-0)، وست هام يونايتد (3-2)، بدا لدى لاعبي ليفربول الدافع والحماسة لتحقيق الفوز، أكثر منه خوف إزاء إمكانية التعرض للخسارة الأولى وانفراط عقد الانتصارات المتعاقبة.


الآن، يبدو الأمر نفسه، لكن إحساس الخوف قد يزيد، الخوف من فقدان الريادة ومواجهة موسم يعيد الفريق سنوات إلى الوراء.

شارك: