هل يدفع حكيمي ضريبة مبادئه وعروبته؟!

تاريخ النشر:
2023-03-06 14:49
المغربي أشرف حكيمي نجم باريس سان جيرمان الفرنسي (Getty)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

محن الزمان كثيرةٌ ولا تنقضي وسرورها يأتي سريعاً كالأعياد، قد تتوالى المصائب والمحن علينا فلا ننتهي من واحدة إلا والأخرى متشبثة بنا، ولهذا نشعر دوماً بإنهمار المصائب دفعةً واحدةً، كأنها اختارت أن تنزل بنا وعلينا في آن معاً.

دعوني أستعير المقولة المنسوبة للشاعر الفذ أبو الطيب المتنبي «إن المصائب لا تأتي فُرادى» المصائب يجمعن المصابينا.. أو كما قال ويليام شكسبير «المصائب لا تأتي فُرادى كالجواسيس، بل سرايا كالجيش»، فالمصائب التي أقصدها هي أننا استفقنا على خبر كالصاعقة باتهام حكيمي بالاغتصاب، بعدما نمنا على سجن سعد لمجرد، عقب قضاء محكمة الجنايات في باريس بسجنه لـ 6 سنوات، وإذا كانت قضية سعد لمجرد، قد قسمت المغاربة بين متضامن بشكل مطلق، وبين رافض للدفاع عن “مغتصب” وفق صك الحكم الذي نطقت به المحكمة في فرنسا، فإن أشرف حكيمي نال الإجماع في التعبير عن التضامن معه لما يعرف عنه من أخلاق رفيعة، وسلوك تربوي رائد، وبساطة وعفوية أيضًا.

لم ينتظر المغاربة بعد أن انتشر خبر اللاعب أشرف حكيمي، مباشرة مع أول قصاصة أو رابط نشر نقلًا عن صحيفة فرنسية، تحول الفضاء الأزرق إلى ساحة تضامن وتعبير عن كل ما يختلج من تأويلات لدى الجميع، وكانت تلك الإشارات واضحة لكون الأمر فيه فبركة إنها “تجارة الابتزاز”، ودائماً المتهمون نجوم وعندهم ثروة، فلماذا لا يتابع الفقير؟

فعندما نعود إلى شريط تاريخ الاتهامات، نجد تهماً مجانية تورط نجوم الكرة وتلصق بهم فضائح أخلاقية أو جنسية، وهي في تزايد ملحوظ، وينتابني نوع من الشك، عن احتمالية تعمد التشهير بالنجوم واستدراجهم لارتكاب الخطأ، وكأنها مصيدة الابتزاز، فعلى مدى السنوات الماضية كان أشهر من عانى من اتهامات ملفقة، النجم الإنجليزي السابق ديفيد بيكهام، ومن بعده النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، وحالياً يوضع تحت الحجز في السجون الإسبانية النجم البرازيلي داني ألفيش، وكلها اتهامات لا تخرج عن دائرة التحرش والاغتصاب، وإذا تم تبرئة الأولين فإن الثالث ينتظر الحكم.

ونجم آخر هو المدافع الفرنسي ميندي حُبس وحُوكم في آخر سنتين وتمت تبرئته من سبع تهم بالاغتصاب والاعتداء، واستعاد محاكمته بتهمتين، لكن في النهاية فقد مكانته في تشكيلة مانشستر سيتي، وإن عاد إلى ناديه فإن سمعته أصيبت بتشوهات.. وسيصطدم بإعاقة نفسية ستحول دون استمراره في الممارسة.

حديثي عن براءة النجوم والمشاهير، رغم أن هناك حالات جرمت أصحابها، على غرار حالة مهاجم مانشستر يونايتد الصاعد مايسون غرينوود الذي أُسقطت تهم الاعتداء بوحشية والاغتصاب عنه، بعد تسوية مالية مع الضحية والشهود، لكن هذا لم يمنع ناديه من فتح تحقيق واستمرار تجميده عن اللعب إلى حين التأكد مما حدث وليس من نطق المحكمة، لكن هناك حالات عدة أضحى فيها النجوم هم الضحايا بسبب إما اتهامات زائفة، ومنسوجة بخيوط أَوْهَن من خيوط العنكبوت، وادعاءات كاذبة، عبر التخطيط لها، مع سبق الإصرار والترصد، والتنفيذ للإيقاع بالنجم في قوقعة الخطأ، وحينها يتم ابتزازه مالياً "خوفا من الفضيحة"، بل الأخطر من ذلك أن هناك شبكات متخصصة في هذا المجال تعمل على الابتزاز، ومنها من لها أجندات لتشويه سمعته وتدمير حياته الكروية، إنها "ميليشيات مسلحة بالخبث"، لتخريب بيوت النجوم، والسطو على جيوبهم وتقويض مستقبلهم.

وأمام هذا الوضع المهزوز، كان رد الأصدقاء بردًا وسلامًا، على حكيمي ومحبيه، الوقفة "الرجولية" لكيليان مبابي، الذي خرج إلى العلن متضامنًا مع صديقه أشرف حكيمي في محنته من تهمة الاغتصاب، فنجوم فريق باريس سان جيرمان أبدوا تضامنهم مع أشرف في هذه النازلة، فعميد الفريق ماركينوس، سيعبر عن مبادرة فريدة للتضامن مع حكيمي، واقترح ارتداء جميع اللاعبين خلال إحدى المباريات القادمة قميص أبيض داخلي عليه صورة حكيمي والكشف عنه جماعيًا لحظة التقاط صورة تذكارية.

يأتي هذا بعدما هدد كيليان مبابي الاتحاد الفرنسي بالاعتزال دوليًا في حال تم وقوع أي ظلم على صديقه أشرف حكيمي، وها هي محامية حكيمي كولين، أكدت أن موكلها نفى “بشدة” التهم الموجهة إليه، و“لن يتحدث إلا في المحكمة”.

والأدهى من هذا أن الضحية المزعومة، رفضت الخضوع لأي فحص طبي أو نفسي، كما رفضت مواجهة اللاعب، علماً أن القضية أو الاتهام اليوم لايستند إلا إلى ادعاءاتها، وأضافت أن هذا الإجراء يفتح الأبواب أمام حكيمي للدفاع عن نفسه.

فتوجيه الاتهام من قبل المدعي العام الفرنسي، يعد إجراءً طبيعياً وروتينياً، يتبعه عادة جلسات الاستجواب في مثل تلك القضايا الجنائية.

والأكيد أن هناك أيدي خفية تطبخ طبختها على نار هادئة للعصف بمستقبل شاب اختير ضمن التشكيلة العالمية، وتلطيخ سمعة النجم العربي، الذي طالما افتخر بمغربيته رغم أنه من مواليد أوروبا، وطالما رفع علم فلسطين وخاصة في كأس العالم الأخيرة بقطر تأكيداً لعروبته وإسلاميته في كل مناسبة، وسبق أن دافع عن القضية الفلسطينية في أكثر من محطة، لإيمانه بها.

قال الشاعر:

ولرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعاً *    وعند الله منها المخرجُ

ضاقت فلما استحكمت حلقاتها    **   فرجت وكنت أظنها لا تُفرجُ
 

شارك: