نادي الشبيبة الفلسـطـيني في قصيدة للشاعر أبو شقّة

تحديثات مباشرة
Off
2023-10-21 18:29
أرشيفية- من مباراة منتخبي فلسطين والسعودية في تصفيات كأس العالم 2022 (Getty)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

"جزى اللهُ الرّياضةَ كلَّ خير      تُربِّينا على كرم النِّضال"

بهذا البيت الشعري، يفتتح الشاعر محمد عبد الكريم أبو شقّة قصيدته في نادي الشبيبة الفلسطيني، التي كتبها في عام 1931م، واشتُهرت القصيدة بهذا المطلع، بوصفه عنواناً لها.

ويُعرف الشاعر أبو شقّة بالتزامه الوطني بقضايا شعبه وأُمّته، وعُرِف بروحه المتوقدة، ونَفَسه الثوري الذي انعكس في فكره وأدبه وأشعاره.

لم تكن قصائد الشاعر محمد عبد الكريم أبو شقة من الأعمال الفنية الرَّتيبة، بل تعدُ من الأعمال الأدبية التي أثرت في الوعي، وألهمت الناس وشحذت هممهم للسعي والمضي قدمًا في سبيل الدفاع عن الأرض والحقوق المستَلَبة، ولم يكن لوفاته في سِنٍّ مبكّرة أثر عكسي على أهدافه، فقد استطاع -بما خلّفه من إرث أدبيّ- أن يبقى من الأقلام الحاضرة والفاعلة والمؤثرة في الأدب العربي.

وتُعدّ قصيدته في نادي الشبيبة إحدى أشهر قصائده التي تعبر عن الروح الوطنية والإيمان والتمسك بالقضية، فقد تحدّث في أبياتها عن وحدة شعبه، وصوَّر قوته في مواجهة التحديات، واتّكأ فيها على استخدام المفردات التي يستخدمها الناس في حياتهم اليومية، فجاءت القصيدة قريبة من فهم الناس وأفكارهم، وهذا ما فتح لها الأبواب مشرّعة للدخول إلى أذهانهم، والسير على ألسنتهم بسلاسة وسهولة، لاسيّما أن القصيدة تخدم الفكرة الأسمى؛ وهي تفاني شعبه في الالتزام بقضيته وعزيمته وإرادته، في إبقائها حيّة نابضة على الدّوام.

تعالوا معًا لنلقي نظرة على القصيدة:

جَزَى اللهُ الرِّياضةَ كلَّ خير      تُربّينا على كرم النِّضال

وتسقينا رحيق الودّ كأسًا      من الكافور طاهرة الزّلال

نلحظُ أن الشاعر يستعمل الدعاء الذي اعتدنا سماعه يوميًا في كثير من المواقف المختلفة، إذ يقول: "جزى الله خيرًا"، لكنّ المفارقة البديعة ها هنا هي توجيه هذا الدعاء وخصّ الرياضة به، فَبِفَضلها تتربّى الأجيال على أخلاق النضال، فالرياضة عامّة تقوم على المنافسة للوصول إلى الهدف والمبتغى قبل الخضم المنافس، لكنها في الوقت نفسه منضبطة بأخلاقيات اللعب والسباق، وكأنها محاكاة للقضية الأم في النضال والسعي والكفاح لاسترداد الأرض الممثلة بالهدف والمرام المنشود. وفي أثناء السعي والكفاح، تعلم الرياضة كيفية التعاون مع أفراد الفريق جميعهم، وأهمية الانسجام والتناغم فيما بينهم.

يكمل الشاعر قصيدته فيقول:

دُعاة السِّلم لو فَطِنوا إليها        لَكانَ مَرامُهم سهلَ المَنال

أي لو انتبه دُعاة السلام إلى أخلاقيات الألعاب الرياضية وحققوها وطبقوها بدقة في الحياة، لكانت لهم ملهمًا لتحقيق السلام في الواقع وبين الشعوب، لكن هيهات هيهات أن يتفق العالم التائه في فضاءات الانحياز، على قواعد إنسانية وحقيقية وقابلة للتنفيذ والتطبيق على مختلف الشعوب والأعراق والجنسيات!

ثم يتابع مخاطبًا شباب مصر واصفًا إياهم بشباب النّيل، وأغلب الظّن أنه خطاب موجّه لهم بعد مباراة جمعت بين فريق مصري وفريق الشبيبة، فيقول:

شباب النّيل قد حَكَمَ المعلى        ومصر بِنَسلِكم أمُّ الرِّجال

حَمَلتم في مَحبّتها عظيمًا          من الأعباء يوهي بالجبال

يريد بقوله هذا أن يؤكد تلاحم الشعوب العربية، وأن انتصار أي منها في أي مباراة أو جولة لا يعني بالضرورة خسارة الآخر، فالفوز مشترك والنصر واحد.

تُعدّ قصيدة "جزى الله الرياضة كل خير" للشاعر محمد عبد الكريم أبو شقة واحدة من أجمل قصائده التي تعبّر عن شغفه بالرياضة وحبّه للرياضيين، وتمتاز بأسلوب شعري جذّاب، وعاطفة وطنية قوية، وفيها تحفيز للرياضيين وتعزيز لأهمية النشاط البدني والروح الرياضية، كما أنها تشجع على التفاني والعمل الجاد في مجال الرياضة، وتشير إلى القيم الإيجابية التي تتعلق بالتنافس والتحفيز.

شارك: