مهزلة انتهكت ضوابط العدالة الكروية!

تحديثات مباشرة
Off
تاريخ النشر:
2023-04-10 14:56
نادي الوداد الرياضي المغربي (Twitter-clubwacoff)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

استوقفني لقاء القمة في الدوري المغربي بين الرجاء والوداد المغربيين، لقاء أكد من جديد أن التحكيم المغربي لا يواكب قطعًا مسيرة التحدي الذي يخوضه اتحاد الكرة المغربي، بعد العديد من أخطاء الحكم رضوان جيد الذي قاد اللقاء وغَيّب تكنولوجيا الفار، مما جعله يسقط في المحظور، وأفسد اللقاء وتحولت قراراته لِعُود ثقاب أشعل الفتنة والشغب.

وعلى مدار الموسم الحالي انتقد الكثير من الأندية والمدربين واللاعبين الأداء التحكيمي، وكان لنادي الرجاء البيضاوي نصيب الأسد في ذلك، ليلجأ أكثر من مرة لطلب حكام أجانب لمبارياته.

وأمام هذا الوضع، استنكر فريق الرجاء الرياضي  تحكيم رضوان جيد في مباراة الديربي البيضاوي، ووصفت إدارة “النسور” تحكيم جيد في مباراة الديربي بـ”المجزرة”، مبرزة أن اللقاء تحول إلى “مهزلة انتهكت ضوابط العدالة الكروية”.

 انتهى الديربي البيضاوي المغربي كما بدأ بحرب بلاغات وتوتر واحتجاجات ومقاطعة واتهامات توزع في كل الاتجاهات، وتخريب وأعمال عنف وشغب.

كنا نمني النفس أن تحاط هذه المحطة الكروية الهامة، بأجواء أفضل مما تابعنا، وأن توزع صوراً لائقة، لا مشاهد صادمة، لأننا في الأول والأخير أمام مباراة رياضية، من المفروض أن يحكمها روح التنافس الشريف، كيفما كانت النتيجة، ومهما تقاطعت الظروف.

انتهى اللقاء  بنتيجة التعادل بلا غالب أو مغلوب، لكن الروح الرياضية هي التي انهزمت، بعدما تحولت إلى مسألة حياة أو موت، وبات الفريق المنافس عدواً يستحق أشد العقاب والإساءة اللفظية والجسدية.

في خضم هذه الهزات العنيفة على مستوى أرضية وتضاريس اللقاء، كنا ننتظر تدخل العقلاء من الطرفين، قصد تهدئة الأوضاع، والحرص على تقديم صورة إيجابية عن كرة القدم الوطنية، صاحبة الإبهار خلال مونديال قطر، إلا أن الأمور خرجت عن السيطرة، وحتى الحكماء لم يحركوا ساكناً.. وكأن الطير على رؤوسهم.

بالنسبة لي لم يكن الأمر غريباً أو عجيباً، لأنني مثل كثيرين غيري، يعلمون أن دورينا الكروي وُلِدَ منذ عشرات السنين ليكون دورياً محلياً رغم ولوجه الاحتراف، في معطياته وفي طموحاته، والتحكيم هو النقطة المحورية في إفساد المشهد الكروي.

لا أقول ذلك «استهزاءً بالمسابقة الكروية المحلية الرئيسة» بل أقول ذلك متألماً -كما أنتم متألمون- من وضع الدوري المحلي، ولكنها الحقيقة التي عايشتها شخصياً على مدار أكثر من أربع عقود كإعلامي!

بالنسبة لي شخصياً الخوض في موضوع فوضى الاحتجاجات على قرارات التحكيم في ملاعبنا الرياضية عامة وملاعب كرة القدم منها على وجه الخصوص ليس بالغريب ولا بالجديد، فلقد سبق لي ولبعض الزملاء التطرق إعلامياً إلى خطورة هذه الظاهرة التي غالباً ما تبدأ شرارتها الأولى من على مقاعد إداريي الأندية وبدلائها، الأمر الذي يستوجب إعادة النظر في نوعية أولئك الذين لا يتمتعون بالقدرة على ضبط النفس ولا حتى القدرة على السيطرة على البدلاء ومن يرافقهم على المقاعد ذاتها.

لا يمكن بأي حال من الأحوال نكران الأخطاء التحكيمية وما قد تسببه من أضرار للفرق واللاعبين، وخصوصاً بحضور «تكنولوجيا الفار» التي من شأنها أن تحقق الإنصاف في مثل هذه الحالات، ولكن كل ذلك ليس بالمبرر الذي يجيز لنا التمادي في الاحتجاجات والانفعالات المبالغ فيها والتي تلقي بظلالها على أداء اللاعبين داخل الملعب وتفقدهم كثيراً من تركيزهم، بل أحياناً تدفعهم للهيجان وارتكاب الأخطاء المتبوعة بالبطاقة الحمراء، علماً أن كل هذه الاحتجاجات والانفعالات لن تغير من قرارات التحكيم.

حتى مع هذه المبررات تظل ظاهرة الانفعالات والاحتجاجات من فوق مقاعد البدلاء ظاهرة غير حضارية وغير احترافية، وتنم عن جهل في الأنظمة والقوانين كما أنها تسيء لسمعة الأندية الوطنية وتحول ساحاتنا الرياضية إلى ميادين للفوضى نحن في غنى عنها.

نحن نفاخر كثيراً بكفاءاتنا الرياضية الشابة ونفاخر أكثر بما لدينا من كفاءات إدارية مؤهلة أكاديمياً من خريجي الدورات الإدارية المتعددة التي يشرف عليها اتحاد الكرة، ولا بد من أن يكون لخريجي هذه الدورات المتقدمة إدارياً مكان على مقاعد البدلاء لقيادة هذه «الدكة» قيادة مثالية تحميها من الوقوع في منزلق الفوضى التي بدأنا نستشعر ارتفاع حدتها وخطورة عواقبها.

وأمام هذه الاحتجاجات عن التحكيم، شيء ما يحوم حول بيت كرة القدم المغربية هذه الأيام بدأت ملامحه تظهر من خلال بعض التصريحات المتبوعة ببيانات وقرارات مدونة على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، والعامل المشترك بين كل هذه التصريحات والبيانات والقرارات هو (خلق زعزعة مسيرة الكرة المغربية، بعد الإنجازات الهائلة التي حققتها انطلاقاً من قطر في نسختها العالمية في كأس العالم 2022).

بطبيعة الحال كلنا تهمه مصلحة كرة القدم المغربية بل مصلحة الرياضة المغربية عامة؛ ولكن ثمة علامات استفهام وعلامات تعجب برزت من خلال تلك التصريحات والبيانات والقرارات المتباينة، متبوعة باجتهادات غير معلنة مفادها شق الصف وخلق تصدع في البيت الكروي والتي تتعارض مع جوهر "المصلحة العامة" والمسيرة والقفزة النوعية للكرة المغربية.

«بيت الكرة المغربية» يحتاج إلى المزيد من الاستقرار الذي بدأنا نلمس إيجابياته في السنوات الأخيرة على جميع الأصعدة والذي تمخض عن إنجاز تاريخي وقع على شهادة ميلاده في قطر، وعلى الجميع أن يتكاتف لتعزيز هذا الاستقرار؛ خصوصاً أننا مقبلون على استحقاقات هامة على الصعيد القاري (كأس أفريقيا للأمم) والدولي (ترشح المغرب صحبة إسبانيا والبرتغال لتنظيم كأس العالم 2030).

آخر الكلام: الاتحاد المغربي لكرة القدم، يفكر جدياً للاستفادة من الخبرة الأجنبية في مجال التحكيم كما فعلت مصر  لتصحيح كل الاعوجاجات التي ساءت للكرة المغربية.

شارك: