محمود الجوهري جنرال انتفاضة الأردن في آسيا

تحديثات مباشرة
Off
تاريخ النشر:
2024-01-07 15:08
المدرب المصري الراحل محمود الجوهري (winwin)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

بعد سنوات عجاف طويلة رأت الكرة الأردنية النور من خلال ربانها المدرب المصري الراحل محمود الجوهري الذي قاد انتفاضة النشامى في القارة الآسيوية، وحول المنتخب الأردني من محطة عبور إلى منافس قوي يحسب له ألف حساب.

تاريخيًا لم يشارك المنتخب الأردني في التصفيات المؤهلة إلى كأس آسيا منذ انطلاق النسخة الأولى عام 1956 وحتى النسخة الرابعة عام 1968، وكانت مشاركته الأولى في تصفيات نسخة 1972 وبعد ذلك غاب عن التصفيات للنسختين المتتاليتين، وشارك النشامى بانتظام منذ نسخة 1984 لكنه فشل في التأهل إلى النهائيات حتى بداية القرن الجاري.

ومع محاولات اتحاد الكرة الأردني لتطوير اللعبة والتوجه للمدربين الأجانب؛ لكنهم لم يقدموا الإضافة الفنية للعبة، واكتفى المنتخب الأردني بذهبيتي دورة الألعاب العربية عامي 1997 في بيروت و1999 في عمان بإدارة فنية محلية بقيادة الراحل محمد عوض.

محمود الجوهري نقطة التحول في تاريخ الكرة الأردنية

وفي عام 2002 أعلن الاتحاد الأردني تعاقده مع المدرب المصري محمود الجوهري، الذي قد برز على ساحة التدريب في بلاده عندما قادها للتأهل إلى نهائيات كأس العالم (إيطاليا 1990)؛ حيث حقق الفراعنة في البطولة تعادلًا تاريخيًا 1-1 مع هولندا وسلبيًا مع أيرلندا قبل الخسارة 0-1 أمام إنجلترا.

محمود الجوهري الملقب بـ "الجنرال" كانت سيرته مليئة بالإنجازات القارية؛ إذ نجح في الفوز بأول بطولة أفريقية في تاريخ الأهلي وهي دوري أبطال أفريقيا عام 1982، كما نجح مع الزمالك في الفوز ببطولة أفريقيا للأندية أبطال الدوري عام 1993، والفوز بكأس السوبر الأفريقي.

وفازت مصر تحت قيادته بلقب بطولة أمم أفريقيا عام 1998 ليكون أول مدرب يفوز بالأمم الأفريقية لاعبًا ومدربًا، بعدما حصل على الكأس مع مصر عام 1957 و1959 وقاد الفراعنة للفوز بالميدالية الذهبية في دورة الألعاب العربية 1992 التي أقيمت في سوريا.

بداية مثالية

وصل "الجنرال" محمود الجوهري إلى عمان ليخلف الصربي برانكو سميليانيتش لتبدأ مرحلة جديدة للكرة الأردنية حينما باشر المدرب المصري بضخ خبراته الواسعة ولمساته الفنية على أداء اللاعبين الذين بادلوه الشغف والإصرار على صناعة التاريخ.

بدأ محمود الجوهري بقوة وكاد أن يحقق أول ألقابه مع النشامى في أول مشاركة خارجية حينما قادهم إلى نهائي بطولة غرب آسيا 2002 التي أقيمت في دمشق ليصطدم بالمنتخب العراقي، وتقدم بهدفي مصطفى شحدة وعامر ذيب قبل أن ينتفض أسود الرافدين ويسجلوا 3 أهداف.

بعد الأداء الرائع في البطولة بدأت المنتخبات الآسيوية ترصد النشامى وتحسب له الحسابات وتخشى مواجهته؛ خصوصًا أن لمسات الجوهري وفكره التكتيكي بدت واضحة على أداء اللاعبين، قبل أن يتلقى صدمة الخسارة 1-4 أمام إيران في مستهل مشواره في تصفيات كأس آسيا 2004.

لكن "الجنرال" عاد وأحيا الروح من جديد في أداء اللاعبين، حيث قدم الفريق الأردني مستوى رائعًا في التصفيات وثأر من إيران بالفوز عليه إيابًا 3-2 ونجح بالانتصار على لبنان مرتين 1-0 و 2-0 وعلى كوريا الشمالية مرتين أيضًا 3-0 وتم اعتبار الأخير خاسرًا في لقاء الإياب، ليحتل بذلك النشامى المركز الثاني بفارق الأهداف خلف إيران ويتأهل إلى النهائيات القارية للمرة الأولى في تاريخه.

مشاركة تاريخية في كأس آسيا 2004

احتفل الأردنيون كثيرًا بهذا التأهل التاريخي وبدأ محمود الجوهري يعد العدة كي يكون النشامى الحصان الأسود في البطولة، وبالفعل كان اللاعبون عند حسن الظن، وقدم منتخب الأردن مستويات مميزة بدأها بالتعادل السلبي أمام كوريا الجنوبية، ثم الفوز القاتل على الكويت بهدفي خالد سعد وأنس الزبون، ليتوج بعدها مشوار الدور الأول بالتعادل السلبي أمام الإمارات ويرافق كوريا الجنوبية إلى الدور ربع النهائي.

هللت الصحافة الآسيوية بأداء النشامى وأفردت مساحات واسعة لتحليل الأداء الأردني، وأشادت بأسلوب وحنكة الجوهري وسلطت الضوء على نجومه أمثال حارس المرمى عامر شفيع، وخالد سعد، وحسونة الشيخ، وأنس الزبون، وعامر ذيب، وعبد الله أبو زمع، وفيصل إبراهيم، وقصي أبو عالية، ومحمود شلباية، وراتب العوضات، وعلاء مطالقة بدران الشقران، وحسن عبد الفتاح وهيثم شبول وغيرهم

في مباراة الدور ربع النهائي اصطدم المنتخب الأردني بنظيره الياباني واحتاج النشامى لـ"11" دقيقة فقط ليثبتوا أن وصولهم إلى هذا الدور لم يكن مجرد صدفة بعد أن تلاعب الظهير الأيسر خالد سعد بالدفاع الياباني قبل أن يعكس كرة عرضية وصلت لرأس المهاجم محمود شلباية الذي أسكنها باحتراف في الشباك؛ لكن الفرحة الغامرة لم تدم سوى دقيقتين حتى أدرك "الساموراي" التعادل" الذي استمر في الوقتين الأصلي والإضافي.

وضع "الجنرال" خبرات السنين في اللحظات المصيرية للنشامى الذي بدأ تسديد ركلات الجزاء جيدًا عكس منافسه الياباني، وكان على أعتاب التأهل إلى المربع الذهبي، لكن الأحداث الدراماتيكية الحاصلة بتغيير المرمى الخاص بتنفيذ الركلات، أطاحت بالنشامى من البطولة في سيناريو لا يتكرر كثيرًا في عالم كرة القدم.

في ذلك العام وصل الأردن تحت قيادة "الجنرال" إلى المرتبة 37 في التصنيف العالمي لشهر آب/ أغسطس، وهو أعلى تصنيف يحققه النشامى في تاريخهم حتى الآن.

تراجع الأداء

بعد النهائيات الآسيوية بدأ مشوار آخر من الأحلام المنتظرة بهدف الوصول إلى كأس العالم 2006، وكان الفريق يسير بالاتجاه الصحيح عندما أنهى مرحلة الذهاب متصدرًا للمجموعة الأولى بثلاثة انتصارات متتالية على لاوس بنتيجة 5-0 وإيران وقطر بالنتيجة ذاتها 1-0، لكنه خسر في الإياب أمام إيران وقطر 0-2 وتراجع للمركز الثاني وودع التصفيات.

وكذلك الحال في التصفيات المؤهلة إلى كأس آسيا 2007 لم يتمكن النشامى من الصعود للنهائيات بعد احتلالهم المركز الثالث في المجموعة الثالثة خلف الإمارات وعمان، وفي نفس العام خرج الأردن من نصف نهائي بطولة غرب آسيا التي كانت آخر عهد للمدرب المصري محمود الجوهري على رأس الإدارة الفنية لمنتخب الأردن.

الجنرال يعود إلى الأردن

أعاد اتحاد اللعبة الجوهري إلى الأردن عام 2009 لكن بصفة مخطط ومستشار فني لكرة القدم الأردنية، وبالفعل بدأت لمساته تظهر في مراكز الأمير علي للواعدين؛ حيث اكتشفت الكرة الأردنية في ذلك الوقت العديد من النجوم الحاليين، علمًا أن الجوهري أشرف علي مراكز الأمير علي لأول مرة حينما كان مدربًا للمنتخب الأول منذ اللحظات الأولى لتأسيسها عام 2003.

وجنت الكرة الأردنية ثمار تخطيط الراحل محمود الجوهري سريعًا حينما وصل المنتخب الأول للدور الحاسم المؤهل إلى كأس العالم 2014 ثم شارك في ثلاث نسخ متتالية من نهائيات كأس آسيا 2011 في قطر و2015 في أستراليا و2019 في الإمارات.

Mahmoud El-Gohary جنازة المدرب المصري الراحل محمود الجوهري

توفي محمود الجوهري وهو على رأس عمله في العاصمة عمان يوم 3 أيلول/ سبتمبر 2012، ووفاء لذكراه أقام الأردن جنازة عسكرية له كانت تكريمًا له وعرفانًا وتقديرًا لبصمته المؤثرة في كرة القدم الأردنية.

شارك: