ليونيل ميسي.. كتاب (بالون دور) يُقرأ من عنوانه..!

تحديثات مباشرة
Off
تاريخ النشر:
2023-10-12 23:52
النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي مع جائزة الكرة الذهبية عام 2021 (Getty)
محمد العولقي
كاتب رأي
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

تنهال على العبد لله أسئلةٌ كثيرةٌ ملفوفة بسيليكون الدهشة؛ لأن إجاباتها تثير الكثير من الجدل الشعبي، فيرفضها البعض بحجة التعصب، ويتقبلها البعض بحجة الميول للمنطق.

ومن ضمن الأسئلة التي أتلقاها يوميًّا عبر بريدي الإلكتروني، سؤال شائك يتعلق بجائزة "بالون دور" التي ستمنحها مجلة فرانس فوتبول الفرنسية للاعب المحظوظ يوم 30 أكتوبر الحالي.

كان السؤال بالتحديد:

هل كأس العالم أهم مقياس للجائزة؟ أم الألقاب الجماعية والفردية لموسم كامل؟

يُفترض أن يدفعني سببان للانحياز لكأس العالم كحالةٍ يمكن القياس عليها:

الأول أن بطولة كأس العالم هي الأعظم والأهم والمعيار الذي يصنع الفوارق بين اللاعبين والبطولات أيضًا.

والثاني أنها بطولة ذات سيادة خاصة، لا تتكرر إلّا كل أربع سنوات، وبالتالي مَن يظفر بها ولو في سبع مباريات يستحق أغلى جائزة عالمية.

عندما فاز المدافع الإيطالي فابيو كانافارو بالبالون دور عام 2006 على حساب المهاجم الفرنسي ذائع الصيت تيري هنري، لم يتبرّم اللاعب الفرنسي كثيرًا رغم الفوارق الفردية والفنية المهولة بينه وبين كانافارو، غير أن هذا الأخير تُوِّج مع منتخب إيطاليا ببطولة كأس العالم بألمانيا على حساب فرنسا نفسها، وبالتالي كان الاختيار مُوفَّقًا للغاية.

المؤسف بحق أن هذه القاعدة المعمول بها حتى مونديال ألمانيا تم نسفها فيما بعد، بحجة أن جائزة بالون دور جائزة على إجمالي عطاء اللاعب على مدار الموسم، بما يترتب عليه من ألقاب فردية وجماعية، وعلى هذا الأساس سار نهج المجلة، لا مقاييس واضحة، ولا معايير ثابتة.

ثلاثين لاعبًا اختارتهم مجلة فرانس فوتبول في قائمة نهائية يُفترَض أنهم سيدخلون في تنافس حارق ومحموم على الظفر بالكرة الذهبية هذا العام، لكن عندما تنقّب خلف توجهات فرسان المجلة يصبح هذا التحشيد الممل ظاهرةً صوتيةً تخلو من التخمينات؛ لأن كتاب هذه الجائزة يُقرأ من عنوانه.

لا بأس من متابعة الروتين الظريف التالي:

بينما تنهمك اللجان المختصة باستخدام كل العمليات الحسابية الأربعة لأكثر من شهرين، يكون اسم الفائز بالبالون دور معروفًا وحروفه تشع لونًا ذهبيًا أكثر سطوعًا من أشعة الشمس في كبد السماء.

لم يعد السؤال عن بطولات النرويجي إيرلينغ هالاند وأرقامه الفردية ذا أهمية، ما دامت مجلة فرانس فوتبول عادت إلى تقاليد ما قبل العام 2010.

وعذرًا يا عشّاق مهاجم مانشستر سيتي، فليست لديَّ ذرة شك واحدة يمكن أن أبني عليها تصورًا هيتشكوكيًّا لليلة الثلاثين من أكتوبر القادم، فكل الطرق تؤدي إلى القائد الأرجنتيني الذي رفع كأسًا وزنها 4970 غرامًا من الذهب الخالص عيار 18 قيراطًا وارتفاعها 36 سنتيمترًا.

وهذا هو الوزن نفسه الذي رفعه الإسباني الرسام إندرياس إنييستا في مونديال جنوب أفريقيا 2010، وكذلك الحارس الألماني مانويل نوير في مونديال البرازيل 2014، والفرنسي كليان مبابي في مونديال روسيا 2018، ومع ذلك لم يُتوّج أحدهم بالكرة الذهبية، وهذا أمر معيب وغريب وعجيب يصعب تفسيره تفسيرًا منطقيًّا.

لست هنا في وارد الانشغال عن ليونيل ميسي بالبحث والتنقيب عن أسباب الازدواجية التي تتعامل بها الفرانس فوتبول مع جائزتها المثيرة للجدل، على اعتبار أن مسألة الخوض في المعايير والمقاييس مجرد تكرار لا يُعلّم الشطار.

ربما كان من أبرز سلبيات البالون دور في العقدين الأخيرين أنها جائزة جدلية بامتياز، وسر جدليتها يكمن في أن عشوائيتها أكبر من السماح لأنفسنا بانتقاد قسوتها مع المقاييس هنا، ومرونتها مع نفس المقاييس هناك.

ولا بأس وميسي سيُتوّج بكرته الذهبية الثامنة، التذكير من منطلق العلم بالشيء، أن القائمين على جائزة بالون دور ضربوا بالمعايير المُتفَق عليها عرض الحائط، بدليل أنهم دهسوها بأقدامهم عندما أرادوا، ووضعوها في وجوه آخرين عندما شاؤوا.

عمومًا لا حاجة إلى أي تشويق هيتشكوكي مرتقب لليلة الثلاثين من أكتوبر، فالكتاب هذه المرة واضح من عنوانه، وحتمًا سيتوج الأرجنتيني ليونيل ميسي بالكرة الذهبية الثامنة دون منافس، فيما سيكتفي النرويجي إيرلينغ هالاند والفرنسي كيليان مبابي بالتصفيق الحار للعريس الذي أدمن الفوز بهذه الجائزة..!

شارك: