لماذا يهرب بعض اللاعبين من العيش في مدينة مانشستر؟
قد يُعتبر اللعب لمانشستر سيتي أو يونايتد حلمًا لكثير اللاعبين، عطفًا على الريادة الحالية والمكانة التاريخية للناديين، بيد أن العيش في المدينة نفسها لا يجذبهم بنفس القوة، حيث عبّر لاعبون عن امتعاضهم بعد الانتقال والعيش في مانشستر، في حين رفض آخرون عروضًا من الفريقين، لأن المدينة -على حد وصفهم- متأخرة عن مثيلاتها من المدن الأوروبية، أمثال باريس وميلانو ومدريد.
في صيف 2017 وبينما كان البرازيلي، داني ألفيس (40 عامًا)، متحمسًا لإعادة التعاون مع المدرب الإسباني لمانشستر سيتي بيب غوارديولا -الذي أشرف عليه سابقًا في برشلونة- توقّفت المفاوضات وانهارت صفقة انتقال اللاعب إلى الـ"سيتيزنز".
عقد ألفيس جلسة مع غوارديولا في مانشستر بالفعل، وأخبر إدارة ناديه -آنذاك- يوفنتوس بضرورة قبول عرض مانشستر سيتي؛ لكن الرفض جاء من زوجة اللاعب التي فضّلت العيش في مدينة باريس وقبول عرض سان جيرمان رُغم أن راتب مانشستر سيتي كان الأعلى. أذعن ألفيس لرغبة زوجته وكشف لاحقًا في تصريحات أنّ مدينة مانشستر لم تكن ملائمة لأسرته.
رُغم أن مدينة مانشستر مرّت بأطوار تطوّر ملحوظة مؤخّرًا، من حيث المباني الشاهقة وناطحات السحاب، فإنها ما تزال متخلّفة عن ركب المدن الأوروبية المثالية من حيث أماكن العيش الملائمة لنخبة المجتمع، وتحديدًا لاعبي كرة القدم.
غوندوغان إلى برشلونة
آخر الراحلين عن فريقي مانشستر، الألماني إيلكاي غوندوغان (32 عامًا) الذي انتقل إلى برشلونة في صفقة انتقال حر قبل أيام.
في الحقيقة لا يمكن إيجاد دافع "رياضي" لمغادرة غوندوغان مانشستر سيتي، فهو أقوى فريق في العالم وبطل الثلاثية، والأهم أن اللاعب عنصر رئيسي في تشكيلة الفريق؛ لذلك فقد يبدو أن سبب مغادرته قد يكون لأن مدينة برشلونة أفضل من مانشستر.
أحد وكلاء اللاعبين قال لـ"Goal" عن مغادرة غوندوغان مانشستر سيتي إلى برشلونة: "لا يمكن مقارنة مدينة مانشستر ببرشلونة، في برشلونة يوجد الطعام الجيد والأجواء المشمسة طيلة اليوم، كما أن هناك شاطئًا وبحرًا، أي شخص سيود العيش هناك.. أين يذهب لاعبو مانشستر في العطلات؟ إلى برشلونة بالطبع، لا يوجد مدينة في بريطانيا يمكنها تقديم مميزات مثل برشلونة".
جودة طعام "منعدمة"
أبرز الشكاوي التي يمكن ملاحظتها من مدينة مانشستر، جودة الطعام، فقد وصفت زوجة الأرجنتيني أنخيل دي ماريا الذي لعب لمانشستر يونايتد بين 2014 و2015، طعام المدينة بأنه "مُقزز" في حين اختارت زوجة الإسباني ديفيد دي خيا، حارس مانشستر يونايتد أيضًا، العيش في مدريد وزيارة زوجها في العطلات الأسبوعية، قائلة بأنه "عليك البحث مطولًا لتجد مطعمًا جيدًا".
لزوجة غوندوغان تصريح شهير العام الماضي عندما قالت: "جرّبت كل المطاعم.. فقط طعام سيئ في كل مكان.. حسب وسائل إعلام، يفضّل المدرب غوارديولا مطعم "موسو" الياباني، ويأكل لاعبه النرويجي إيرلينغ هالاند في مطعم "ديشوم" الهندي.
أمّا لاعبي مانشستر يونايتد، فهم زبائن دائمون في مطعم "وينغز" الصيني لا سيما في فترة المدرب الهولندي لويس فان غال بين 2014 و2016، كذلك يرتاد لاعبو "الشياطين الحمر" المطعم الشهير زوك تي بار أند غريل "Zouk Tea Bar and Grill".
أشعة "شحيحة" للشمس
اضطر المهاجم الإسباني، نوليتو، الذي لعب 19 مباراة فقط مع مانشستر سيتي في موسم 2016-2017 -قبل أن يعود إلى أدراجه في إشبيلية في الموسم التالي- إلى زيارة الطبيب، حيث وصف له دواء فيتامين د، لأن ابنته لولا لم تكن تحصل على القدر الكافي من أشعة الشمس ما تسبب في تغيير لون بشرتها، ووصف نوليتو الأمر بأن ابنته "بدت كمن كانت تعيش في كهف".
يقول نوليتو إنه كافح من أجل التأقلم مع العيش في مانشستر، لكن يبدو أن الأمر لم يستغرق كل هذا العناء مع رجل لعب لمانشستر سيتي 9 موسم متتالية وسجّل معه 275 هدفًا، ليصير الهدّاف التاريخي للنادي، إنه الأرجنتيني سيرخيو أغويرو.
من نظرة عن كثب لحياة أغويرو فيما يقارب عقد من الزمان، فإن اللاعب أمضى كل هذه السنوات "وحيدًا" في المنزل بعيدًا عن شوارع المدينة وصخبها وأسلوبها المجتمعي الذي لا يلائم فلسفته اللاتينية، يقول أغويرو في الفيلم الوثائقي "All or Nothing" الذي أُصدر عام 2018: "عشت وحيدًا أغلب الأوقات، إلا عندما يزورني أقاربي، فيما عدا ذلك فقد انعزلت في المنزل".
شاهد جميع أهداف أغويرو في الدوري الإنجليزي
مانشستر ليست لندن أو مدريد
أرجنتيني آخر، وهو دي ماريا، لم يتكيّف وعائلته مع نظام المعيشة في مدينة مانشستر، وغادر فريق مانشستر يونايتد بعد عام واحد فقط من انضمامه إليه في صيف 2014 في صفقة قياسية بلغت 70 مليون يورو. زوجته جورجلينا كاردوسو قالت لوسائل الإعلام إنها: "كرهت العيش في المدينة من أول لحظة" وما زاد الطين بلة أن منزله تعرّض لسطو مسلّح.
يوضّح لاعب مانشستر يونايتد في التسعينيات، بول ماكغينيس، في مقابلة عام 2016، قائلًا: "لندن ومدريد مُدن كبيرة، مانشستر ليست كذلك. الطقس ليس جيدًا ولا تمتاز بشيء جميل. لا يمكن مقارنة مانشستر مع المدن السياحية الرائدة".
كانت مانشستر من أوائل المدن الصناعية في العالم، ولذلك السبب ربما لم يخطط المهندسون بدقّة مستقبلية عن تشييدها، لذلك تملؤها المصانع والشركات ومنازل العمّال، ويقل فيها الإبداع المعماري والأماكن السياحية.. كما أن الأمطار تهطل بغزارة -تقريبًا 8 أشهر في العام- ويسود الصقيع مع قلة ضوء الشمس في الشوارع أغلب الأوقات.
وهذا ما دفع صحفي "إيفننغ ستاندرد" السيد فيديريكو فاركوميني، إلى القول في مقابلة صحفية قبل سنوات: "مانشستر ليست لندن أو نيويورك. بل حتى الأرجنتين ومدينة سيتوبال البرتغالية أفضل منها، الأجواء هنا غائمة وقارسة البرود دائمًا.
الآن، تتحدّث تقارير أن برناردو سيلفا في طريقه لمغادرة مانشستر سيتي، كما غادر غوندوغان -الذي يعد قطعة أساسية في تشكيلة الفريق- وأحد أهم الرجال الموثوقين لدى المدرب غوارديولا، فهل الرحيل -المحتمل لسيلفا- سببه رياضي أم مثل الآخرين؟