لبؤات الأطلس هل يُعِدن ذاكرة قطر... لكن بنون النسوة؟
بدأ اتحاد كرة القدم المغربي أولى خطواته في دعم الكرة النسائية، بتعاقده مع أطر أجنبية ووطنية محترفة لتشكيل نواة لمنتخب كروي نسوي للمشاركة في البطولات العربية والقارية، وتشجيع العنصر النسائي المحب لكرة القدم لمزاولتها بشكل رسمي، فتم تشكيل لجنة تشرف على الدوري النسائي ولها أجهزتها الخاصة، وهو الأمر الذي أعطى إشعاعًا كبيرًا لكرة القدم النسائية المغربية، جعلها تتأهل إلى كأس العالم بأستراليا ونيوزيلندا 2023.
أضحت كرة القدم النسائية واحدة من المجالات التي تميز ريادة المرأة المغربية، بعدما بصمت على حضور لافت في مختلف المحافل الرياضية، فحصلت على التشجيع من كافة مكونات الشعب المغربي بفضل الأداء والإنجازات التي حققتها هذه اللعبة على المستويات القارية والدولية.
وقد حظيت كرة القدم النسائية المغربية، خلال الآونة الأخيرة، بإشادة كبيرة نظير الأداء غير المسبوق للاعبات المغربيات على كافة المستويات، خاصة عقب التتويج بدوري أبطال أفريقيا، وبلوغ نهائي كأس أفريقيا للأمم والتأهل إلى كأس العالم.
جاء التألق الأخير للمنتخب الوطني للسيدات الأول وأيضًا منتخب أقل من 17 سنة، اللذين استطاعا التأهل إلى نهائيات كأس العالم للمرة الأولى، ليؤكد الصحوة التي تشهدها كرة القدم للسيدات في السنتين الأخيرتين، وبالضبط منذ اعتماد نظام الممارسة الاحترافية مطلع سنة 2021، من خلال تأسيس هرم تنظيمي للعبة، وإعادة هيكلة إدارتها، ووضع مجموعة من البرامج لتطويرها، أبرزها توسيع قاعدة اللاعبات الممارسات لـ90 ألف لاعبة في أفق 2024، واعتماد نظام العقود الاحترافية لجميع اللاعبات في القسم الوطني الأول والثاني.
تعيش كرة القدم المغربية للسيدات نهضة حقيقية في السنة الحالية، بعد الإنجازات التي تحققت، وأبرزها تأهل المنتخب الوطني المغربي، للمرة الأولى في تاريخه، إلى نهائيات كأس العالم، وبلوغه المباراة النهائية لكأس أمم أفريقيا، إضافة إلى تأهل منتخب أقل من 17 سنة إلى نهائيات كأس العالم، للمرة الأولى في تاريخه أيضًا، ناهيك عن تألق فريق الجيش الملكي في النسخة الأولى لدوري أبطال أفريقيا للسيدات، وفوزه بالميدالية البرونزية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2021.
ولم يأت بروز كرة القدم للسيدات، في السنة الحالية، من فراغ، بل نتيجة لرغبة أكيدة للاتحاد المغربي لكرة القدم في تطويرها والارتقاء بها إلى المكانة التي تستحقها، استجابة لتوجيهات الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، وأيضًا، تماشيًا مع سياسة المكتب الجامعي في تطوير كرة القدم الوطنية في جميع فئاتها.
بهذه الخطوة يسعى الاتحاد المغربي لكرة القدم لإحداث نقلة نوعية وتطور في مستوى الكرة النسائية خلال المرحلة المقبلة، تتناسب مع أولويات اللعبة في الاتحادين الدولي والأفريقي، وتطلعات الاتحاد في التوجه نحو مدارس متميزة في هذا المجال، بامتلاكها كوادر فنية تواكب توجهاتها في هذا المجال.
المنتخب المغربي نون النسوة المتميز بروح العائلة الواحدة والطموح الجارف في السير قدمًا في نهائيات كأس العالم بأستراليا ونيوزيلندا 2023 للمرة الأولى في تاريخ المغرب ودول شمال أفريقيا.
ولتحقيق المبتغى وإنهاء المشوار بأفضل صورة، يتعين على لاعبات المنتخب المغربي التركيز الشديد طوال المباريات من خلال تجنب التمريرات الخاطئة والابتعاد عن المبالغة في الاحتفاظ بالكرة، واستغلال كل فرصة أمام المرمى وترجمتها إلى هدف؛ لصنع ملحمة كروية بنون النسوة وتأكيد أحقيتهن وجدارتهن، ليدخلن البهجة في صفوف الشعب المغربي، ويعدن ذاكرة قطر الرائعة، لكن بنون النسوة، بأستراليا ونيوزيلندا. اللبؤات الأطلسية دخلن في المراحل النهائية للاستعداد تحت قيادة المدرب الفرنسي رينارد بيدروس، مدرب المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم للسيدات، وأجرين مباراة ودية أمام إيطاليا انتهت بالتعادل السلبي، حيث أظهرت اللاعبات أنهن قادرات على الصمود، وعلى مقارعة الكبار، وبأن هناك حضورًا قويًا للحالة الذهنية للاعبات، والهدف هو تجسيد العمل الذي قمن به منذ دخولهن في المعسكر الإعدادي... وسيواصلن عملهن واستعدادهن للمباراة ضد سويسرا، وبكل بساطة عليهن المضي قدمًا، وتحقيق نتائج في مستوى طموحات المرأة العربية والأفريقية.
يشار إلى أن المنتخب الوطني المغربي للسيدات يستعد لمواجهة سويسرا الأربعاء المقبل، ثم بعد ذلك منتخب جامايكا في 16 من الشهر الجاري، علمًا أن قرعة النهائيات وضعته في المجموعة الثامنة مع كل من ألمانيا وكوريا الجنوبية وكولومبيا.
رسائل واضحة: كرة القدم تُوحِّد العالم
إنها حقيقة استوقفتني بقطر خلال كأس العالم، والتي تحولت إلى أكبر تجمع عالمي إنساني، ذابت فيه كل الخلافات، واستحضر الجميع الروح العربية التي كنا نستشفها معاملة وسلوكًا وأخلاقًا، في إخواننا القطريين.
تعد كرة القدم للسيدات أكبر فرصة لنمو كرة القدم في الوقت الحالي، وتشكل دائمًا أولوية قصوى بالنسبة إلى فيفا، فعلى الرغم من أن اللعبة قد نمت بشكل كبير على جميع المستويات، فإن الشغف والشعبية المتزايدتين لهذه الرياضة توفر إمكانات هائلة يمكن استغلالها. يستثمر فيفا في التمويل المخصص والموارد البشرية وبرامج التنمية المبتكرة والمصممة خصيصًا لوضع كرة القدم للسيدات في الواجهة، حيث ينبغي أن تكون.
وفي هذا الصدد، قال رئيس فيفا جياني إنفانتينو: "إذا كانت كرة القدم تُوحِّد العالم، فإن الأحداث التي ننظمها على الصعيد الدولي، مثل كأس العالم للسيدات، تنطوي على قوة فريدة في التقريب بين الناس وإذكاء البهجة والحماس والشغف"، وأضاف: "لكن كرة القدم قادرة على بلوغ أكثر من ذلك؛ إذ يمكنها أن تسلط الضوء على قضايا مهمة للغاية في مجتمعنا، ستشمل الإدماج والمساواة بين الجنسين والسلام والقضاء على الجوع والتعليم والتصدي للعنف العائلي".