كلمات عابرة.. عرب 2022

2022-11-03 10:15
مجسّم كأس العالم لكرة القدم (Getty)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

أحمل وزر اسمي.. أعيش هموم وطني" العربي".. قلمي المكسور على كتفي يزور الملاعب يبحث في قاموس التفاؤل عن عبارات تليق بالحدث، لكنه سرعان ما يستفيق على واقع فيه كثير من الأسود وقليل من الوردي.. في ملعب المونديال يتحدث التاريخ العربي بلغة الأرقام الخجولة التي تبرز فيها بعض الاستثناءات تبقينا غارقين في وهم الماضي المجيد، لكننا في 2022 نطرق بابًا ونريد الدخول في دائرة الضوء لِنُحدِث الانطلاقة المنشودة..

عرب 2022.. لا يرتبط بالحرب ويبتعد عن مفاوضات السلام.. في مونديال قطر يلتقي العرب وكل منهم حقق السبق في أمر ما.. تونس صاحبة الفوز العربي الأول في كأس العالم.. المغرب المتأهل الأول إلى الدور الثاني.. السعودية تأهلت إلى الدور الثاني في أول مشاركة لها.. تجمعهم قطر التي تستضيف كأس العالم لأول مرة في دولة عربية شرق أوسطية ولا ينقصهم إلّا منتخب الجزائر الذي حقق الفوز على بطل العالم "ألمانيا" في أول مباراة له في كأس العالم.. فوز غير مسبوق أدخله التاريخ ولا يزال يتغنى به الجزائريون حتى الآن...

المعادلة في ظاهرها تبدو إيجابية و" الخلطة" تؤشر على حدثٍ عنوانه يلبس لون الفرح عندما نعود كالعادة إلى مراجعة أوراق الماضي ونكتب بلغة الشعر والوقوف على الأطلال؛ لنتذكر جيل تونس بقيادة طارق ذياب في مونديال 1978 وما فعله النجم محمد التيمومي وعزيز بودربالة مع المغرب في 1986 والهدف الأسطوري للسعودي سعيد العويران في 1994.

وإذا أتينا إلى قطر بملاعبها ومنشآتها فالحديث يطول؛ لكن السؤال المهم الذي يجب طرحه هل نكتفي بتلك الصفحات الناصعة ونمر مرور الكرام في مونديال 2022  أم نسعى للظهور بمستوى مغاير حتى يحمل عرب 2022 معنى آخر غير الذي ارتبط بنا كعرب في صراعنا مع الكيان الصهيوني وما يحدث في فلسطين؟

قد يتصور البعض أن الكلمات تحيد عن طريق الرياضة وتسير في  طلب ود السياسة؛ لكنه ربط تلقائي بينهما؛ لأن كُلًّا منهما يتغذى من الآخر في علاقة مصالح يستفيد منها كل طرف حسب المتوفر لكن الغلبة في كثير من الأحيان لرجال السياسة؛ لأنهم يمارسون فن الممكن ويحفظون "كتاب الأمير" جيدًا..

حتى نجيب عن السؤال لا يكفي أن نقارن مستوى المنتخبات العربية بمستوى المنتخبات التي تضمها مجموعة كل منهم كما لا يكفي الحديث عن التحضير والإعداد، بل يجب الغوص في منظومة الكرة في الوطن العربي، وهل تملك مقومات تصدير فرق قوية قادرة على التنافس في المستوى العالي؟

ونكون بذلك قد دخلنا في سؤال آخر وتهنا في دائرة أوسع؛ لذلك نعود إلى نقطة البداية حيث الاستثناء الذي يقودنا إلى الحلم.. ليس الحلم العربي الذي جمع المطربين العرب على مسرح الغناء لأداء أغنية تقول:

أجيال ورا أجيال هتعيش على حلمنا
واللي نقوله اليوم محسوب على عمرنا
جايز ظلام الليل يبعدنا يوم إنما
يقدر شعاع النور يوصل لأبعد سما
ده حلمنا.. طول عمرنا حضن يضمنا.. كلنا كلنا

الغناء ليس عيبًا، وقد يكون طريقة للتعبير ولإيصال الرسالة التي نريد؛ لكنه في الوقت ذاته أداة للتنويم الذي مارسناه على أكثر من صعيد حتى في كرة القدم حيث نعيش على أمجاد الوهم ونبتعد عن الإنجاز الفعلي..

نعود إلى الاستثناء عندما يلتقي العرب في بلد عربي رفع التحدي وأثبت أن الحلم قد يصبح حقيقة إذا رافقه الإنجاز مهما كانت الصعوبات والعراقيل..

حتى الآن، قطر ماضية في تحقيق حلمها وتجسيده على أرض الواقع تنظيمًا لذلك لا يمكن التطرق لما قد يحققه منتخب بلادها فهل ستسير منتخبات تونس والمغرب والسعودية في اتجاه ترسيخ التفوق القطري وتحويل الاستثناء إلى قاعدة على مستوى النتائج ليكون مونديال 2022 أول بطولة تشهد نتائج إيجابية عربية بالجملة ونكتب في أوراق التاريخ أن عرب 2022 هم مَن تفوقوا كرويًّا وأعلنوا أن العروبة ليست تهمة..

ويومها قد تتاح لي فرصة الافتخار باسمي وأن أحمل وزره بسعادة.. وأن أمشي ونعشي ليس على كتفي.

آخر الكلام: 

أوراق الماضي ترسم معالم المستقبل بأقلام الحاضر عند الأمم التي تحترم تاريخها أمّا التي تتساءل عن ديار عبلة وأم أوفى فستبقى تبكي كلما تذكرت الحبيب والمنزل.. إن الحلم ليس عيبًا؛ لكن العيب أن يكون هو الزاد الوحيد لمن يريد من الدنيا أن تنصفه بينما لم ينتصف هو لنفسه بنفسه بغير القعود في دفء الأماني.
 

شارك: