فينيسيوس ضد لامين يامال.. تحصينات إضافية وإحصائيات متناقضة
تتجه الأنظار إلى المواجهة الفردية التي ستجمع فينيسيوس ضد لامين يامال وذلك عندما يخوض ريال مدريد وبرشلونة نزالًا شرسًا في الكلاسيكو الإسباني الذي من شأنه أن يحسم لقب الدوري الإسباني عمليًا لصالح الريال في حالة فوزه أو يشعل المنافسة من جديد في حالة فوز البرسا.
ريال مدريد عاد منتشيًا من الشمال الإنجليزي بفوزٍ غالٍ في دوري أبطال أوروبا على مانشستر سيتي بركلات الترجيح بعد تعادل الفريقين في المواجهتين، فيما ودع برشلونة المسابقة بعد السقوط على ملعبه أمام ضيفه باريس سان جيرمان بأربعة أهداف مقابل هدف ليخسر تفوقه ذهابًا بثلاثة أهداف مقابل هدفين.
المواجهة تحمل الكثير من التفاصيل. سيستفيد برشلونة من يوم راحة إضافي حصل عليه جراء لعبه يوم الثلاثاء عكس ريال مدريد الذي لعب يوم الأربعاء وخاض وقتٍ إضافي بالإضافة إلى سفره خارج إسبانيا، لكن الميرينغي قد يستفيد من معنويات عالية بعد التأهل الأوروبي في الوقت الذي تبدو الحالة النفسية لبرشلونة شبيهة بما مر به الفريق عندما ودع الفريق بشكل غير متوقع أمام ليفربول وروما في مباراتين شهيرتين تفوق فيهما ذهابًا قبل أن يخسر مباراة الإياب.
اعتاد المتابعون كثرة المقارنات بين نجوم الفريقين، وهو أمر طبيعي بالنظر لحدة المنافسة التاريخية بينهم. في كل أرجاء الملعب ستجد صراعًا خفيًا بين كل لاعبٍ ورقيبه.. كل نجم ومن يوازيه في الجانب الآخر.
فينيسيوس ضد لامين يامال.. تحصينات إضافية
لكن ربما تحمل مقارنة فينيسيوس ضد لامين يامال خصوصية بالنظر إلى أنّه يمكن جدًا أن نرى تحصينات إضافية من كلا الفريقين لإيقاف خطورتهما، تحصينات ربما اعتاد عليها فينيسيوس جونيور الذي كان يجد تشافي كثيرًا ما يدفع برونالد أراوخو كظهير أيمن لمواجهته قبل تصاعد خطورته أو التركيز الشديد معه.
التحصينات الإضافية تأتي من عدم قدرة الفريق المنافس على إيقاف تلك الموهبة الفجة التي يتمتع بها اللاعب القادر على التفوق على رقيبه المتوقع في المواجهات الفردية، لذلك يلجأ المدير الفني للفريق المنافس لبعض الطرق الإضافية التي تمكنّه من تقليل خطورة هذا اللاعب.
الأمور أتت أكلها في البداية مع فينيسيوس جونيور الذي عانى كثيرًا من تغيير مركز رونالدو أراوخو، فظهر غير قادر على تجاوز هذا الحائط الأوروغواياني.
لكن مع توالي المباريات بدأ الجناح البرازيلي في التعامل مع الأمر بشكل أذكى بتفادي مراوغة أراوخو إلى الخارج وهو ما من شأنه أن يجعل الدائرة تضيق عليه أكثر بعدم وجود حلول للتمرير بسهولة ما يجعله متوقعًا بشكل أكثر.
اللجوء للزملاء بطريقة واحد اثنين أو حتى التمرير ثم التحرك ساعد فينيسيوس جونيور كثيرًا على تخطي تلك الفترة، لكن ما فجّر قدراته فعلًا أمام برشلونة هو إعادة تمركزه من قبل كارلو أنشيلوتي في مباريات برشلونة بحيث يتسلم الكرة كثيرًا داخل قلب الملعب حتى إن بدأ تحركه من الأطراف.
برشلونة مهدد بموسم "صفري" تاسع
هذا الأمر ساعد فينيسيوس كثيرًا على أن يتفادى تلك الكماشة التي حاول تشافي فرضها عليه، كما أنها ساعدته حتى في أن ينسل كثيرًا خلف دفاعات برشلونة وتلقي التمريرات البينية الذكية من وسط ريال مدريد، وتجلّى ذلك بوضوح في مباراة كأس السوبر الإسبانية بين الفريقين التي عرفت تألقًا كبيرًا للجناح البرازيلي.
على الجانب الآخر فإن لامين يامال سيدخل مباراة الكلاسيكو وهو مليء بدوافع كبيرة، فقد أجمع المتابعون على خطأ تشافي الكبير في إخراجه من مباراة باريس عقب طرد أراوخو، كما أن هذا الخروج المبكر أسهم بحصوله على راحة أكبر من أي لاعب أساسي آخر في الفريقين.
يُنظر إلى يامال بأنه اللاعب الذي يمكن أن يمنح برشلونة حلًا ارتجاليًا غير متوقع، فهو اللاعب القادر على مراوغة لاعب أو اثنين لتكسير دفاعات المنافس وضرب خطط المدرب الدفاعية في مقتل.
يامال لم يجرّب بعد معنى الرقابة الاستثنائية عليه في مباريات ريال مدريد، وربما لا يحدث ذلك. لكن إن حدث فإنه ربما أهم ما يمكن فعله حيال هذا الأمر هو تعزيز الاعتماد على رافينيا في الجانب الآخر من الملعب ولمَ لا الدفع بجواو فيليكس من البداية بدلًا من البرازيلي رغم تألق الأخير، إذ إن الدولي البرتغالي يفضّل الاحتفاظ بالكرة لفترة أطول ما يستفز المنافسين بشكل أكبر وبالتالي يشتت انتباههم أحيانًا عن اليافع الإسباني.
كيف أبلى الثنائي هذا الموسم؟
إن كانت هناك مقارنة بين فينيسيوس ضد لامين يامال ومن يكون اللاعب الأفضل بشكل عام، فإن فينيسيوس جونيور في المقدمة بلا شك، أو هكذا نظن! لكن لا يفوتك أن بدايات يامال كانت أفضل من بدايات جونيور، ما يجعل جناح برشلونة مرشحََا ليكون تهديدًا حقيقيًا على نجومية فينيسيوس جونيور كأفضل جناح في الليغا وعلى رأس قائمة تضم العديد من اللاعبين المميزين في الليغا كزميليه رودريغو وإبراهيم دياز أو رافينيا ويامال من برشلونة وكذلك جناح جيرونا سافيو والأخوين ويليامز في أتلتيك بلباو أو حتى متعدد المراكز أنخيل كورّيا من أتلتيكو مدريد وغيرهم.
رغم خوضه لـ 9 مباريات أقل في الليغا فإن فينيسيوس جونيور سجل 12 هدفًا وصنع 4، بينما لعب لامين يامال 30 مباراة سجل فيها 4 أهداف وصنع 3، لكن لا يمكن أبدًا تجاهل خوض يامال لـ13 مباراة منها كاحتياطي لم يحظَ بدقائق كافية فيها لتحقيق مزيد من الأرقام للاقتراب من الدولي البرازيلي الذي دخل بديلًا في 3 مباريات فقط من الـ21 التي خاضها، وإن كنت تبحث عن دقة أكبر في الإحصائية فإن فينيسيوس خاض 1562 دقيقة في الليغا فيما حظى يامال بـ 1615 دقيقة ما يعكس تفوق جونيور بوضوح.
لكن بالنظر لطبيعة مركز فينيسيوس جونيور الحالي كونه ليس جناحًا صريحًا في خطة 4/4/2 دياموند التي يلعب بها كارلو أنشيلوتي أغلب المباريات، فإن فينيسيوس جونيور كان له معدل أهداف متوقعة "xG" يبلغ 10,1 هدفًا فيما حظي يامال بمعدل أهداف متوقعة "xG" يبلغ 4,7 هدفًا.
يمكن أن يستخدم المشجع المدريدي لدى المقارنة بين فينيسيوس ضد لامين يامال تلك الإحصائية لصالح لاعبه من خلال التدليل على أن "فيني" سجل أكثر مما هو متوقع له، بينما يمكن أن يستخدم المشجع الكتالوني الإحصائية على أن يامال لا يتعرض لمواقف تهديفية كثيرة تجعله مطالبًا بمنافسة فينيسيوس تهديفيًا، اختر ما يحلو لك من هذين التفسيرين، أو ربما كن موضوعيًا واقبل بكليهما.
مقياس ما قبل تسجيل الأهداف يمكن أن يمنحك دلالات جديدة فيامال منح زملاءه 62 تمريرة مفتاحية فيما منح فينيسيوس جونيور زملاءه 47 تمريرة مفتاحية ما يُشعرك بكون يامال صانع ألعاب أكثر بعيدًا عن الفكرة التهديفية، خاصة مع كونه جناحًا كلاسيكيًا يلعب على الخط بشكل أكبر، لكن فيني يعود ويضرب بقوة عندما تعلم أنه يتفوق بفارق 20 انطلاقة ناجحة بالكرة على يامال بعدما نفذ 107 انطلاقات ناجحة بالكرة في الليغا هذا الموسم.
تتعزز فكرة الأدوار المختلفة نوعًا ما لكلا اللاعبين عندما تعلم أن فينيسيوس جونيور سدد 63 تسديدة هذا الموسم بينما سدد يامال 44 تسديدة ما يمنحك إحساسًا بقرب فينيسيوس أكثر من مناطق الخطورة والتهديف، لكن فينيسيوس كذلك يتمتع بالتفوق على يامال في دقة التسديد؛ إذ سدد ما نسبته 50,6% من تلك التسديدات بين القائمين وتحت العارضة فيما اكتفى يامال بما نسبة 36,4%.
يظهر تفوق فينيسيوس ضد لامين يامال بشكل عام في الاقتراب من المرمى والشراسة عليه وتطوره الكبير في تلك المسألة رغم بعض الانتقادات التي طالته في مسألة الإنهاء بعد فرصة أضاعها أمام السيتي، لكن عندما تأتي الأمور عند مسألة التمريرات فإن كثافة ودقة النجم الإسباني تتفوق بعد أن مرر 624 تمريرة بنسبة 78,7% فيما مرر فينيسيوس 407 تمريرات بنسبة 72,3%.
لكن بنفس المنطق الذي فسّر الأمر ليامال في المسألة التهديفية، فإن اقتراب فينيسيوس أكثر من مناطق الخطورة التي تضيق فيها المساحات ويزداد فيها الضغط قد يفسّر لماذا لا يتمتع البرازيلي بنفس الدقة في التمرير.
المواجهة تحمل في سحرها بعضََا من مستقبل الناديين الكبيرين، فينيسيوس وصل لمرحلة النضوج وبدا أنه جاهز لخوض الكثير من النزالات التي تحمل ضغطًا كبيرًا ليصبح واحدًا من أهم نجوم العالم، فيما يمثل يامال مستقبل برشلونة الذي تأمل جماهيره في مشاهدته في السنوات القادمة مع الاختناق المالي الكبير الذي يعاني منه النادي الكتالوني.
لكن المؤكد أنه لو تم تناول تلك الأرقام منذ بداية عام 2024 فإن جودتها سترتفع أكثر بعدما تعافى الجناح الإسباني من حرقه من قبل تشافي في بداية الموسم، لكن الواقع يقول أن يامال وُضع في المقارنة في هذا الموضوع مثلما وُضع بسرعة في اختبارات صعبة لا تتناسب مع كونه موسمه الأول الكامل على المستوى الاحترافي، إلا أنه فاق التوقعات رغم ذلك.