فيديو.. برشلونة يتخلى عن ميسي
زلزال، وكارثة، وقنبلة، وصدمة، وصاعقة، وكل ما تقدم من أوصاف وكلمات، لا يفي بما حلَّ بمدينة برشلونة وجماهير ناديها الأحمر والأزرق التي كانت على يقين من أن فارسها الأول وبطلها، وسبب السعادة الكروية الحصري، الأرجنتيني ليونيل ميسي، باقٍ معها، وما بيان الإعلان الرسمي عن العقد الجديد إلا تحصيل حاصل أو مسألة وقت لا أكثر من ذلك ولا أقل.
لكن الأمر لم يدم طويلا، انهارت ثقة جماهير البلوغرانا لحظة سماعها البيان الصاعق: "لم نتفق، لن نجدد، وشكرا ميسي" بهذه البساطة، والسبب: "مشاكل مالية لم نستطع حلها، ولم نجد لها تصريفا ولا تبديلا"، وذلك بعد تصريح رئيس رابطة الليغا تيباس بقوله: "لن يتم التساهل مع برشلونة وديونه التي فاقت المليار وثمانية عشر مليونا عندما يتعلق الأمر بالامتثال للقواعد المالية الصارمة، حتى وإن كان الضحية أفضل لاعب في العالم".
عقارب الساعة في العالم تتوقف والحديث الوحيد والأوحد رحيل الأسطورة، والسباق الآن لاختيار عنوان يعبر عن الحال الذي لف العالم كله، والعالم انتظر المؤتمر الصحفي لخوان لابورتا الرجل الذي تعهد ببقاء ميسي داخل أسوار قلعة الكامب نو .
والرجل الذي أصبح رئيسا أسطوريا بفضل ما حققته حقبة ميسي ورفاقه مطلع الألفية الجديدة "هو أفضل لاعب في العالم، ولديه مقترحات أخرى، لقد وصل الأمر إلى نقطة اللاعودة، والعملية برمتها قد وصلت إلى نقطة حيث يجب عليك في التفاوض أن تقف وعليك أن تترك العواطف وتحللها بصرامة وقيمة الأرقام وقبل كل شيء، داخل الدوري الإسباني، لقبول هذه القاعدة على الرغم من أننا نعتقد أنها يمكن أن تكون أكثر مرونة، لكنها ليست عذراً لأننا عرفنا هذه القاعدة" أنهى رئيس النادي الحديث ولوح بمنديل الوداع.
المنديل الذي كان العقد الأول بين الطفل الذي جاء من روساريو في الأرجنتين والذي تربى وترعرع داخل لا ماسيا، والذي عشق المدينة والمقاطعة حتى صار معلما من معالمها وأحد رموز معالم برشلونة، المدينة والملعب والرقم عشرة، السبب الرئيس لقطع تذكرة والجلوس لمتابعة إبداعات ونفحات سحرية من لاعب لن يتكرر، والغناء والنشيد والهتاف الذي أصبح حبا في القلوب ودما في العروق و نبضا في الوجدان.
ميسي الذي عاصر التاريخ مع الكبار، وخط صفحات جديدة مع أصدقائه فوق المستطيل الأخضر، ميسي الذي حقق في حقبته كؤوسا وبطولات أكثر مما جناه النادي قبله.. ميسي الذي صبر على خيانة عهود الإدارات، ووداع الأصدقاء واحدا تلو الآخر.. ميسي الذي حمل على عاتقه مسؤولية اللعب والتسجيل والتتويج، والفشل قبل النجاح.
ميسي اللذي صمد مع النادي متحملا الوعكات والصدمات، ضاربا بعرض حائص الكامب نو كل العروض الخيالية والخرافية كرمى لعيون البلوغرانا، كان من بين الذين قبلوا تخفيض المستحقات، حبا ووفاء للبرسا. يدفع وحيدا ثمن، إخفاقات إدارية وكوارث مالية، ومصائب كونية أغرقت النادي في بحر من الديون والمستحقات.
أضف إلى ما سبق ربما ثمن لمواقف وتجاذبات بين النادي ورابطة الليغا التي أبرمت يوم الرابع من آب / أغسطس اتفاقا ماليا لبيع 10 بالمئة من شركة تأسست حديثا وتضم معظم أعمالها إلى سي.في.سي كابيتال بارتنرز للاستثمار المباشر مقابل 2.7 مليار يورو (3.2 مليار دولار) ، والذي قوبل بالرفض من الإدارتين الكتالونية والمدريدية.
واتحاد قاري لم ينس أو يغفر لإدارة ناديه التي لم تنسحب من مشروع الدوري الأوروبي وظلت مصرة عليه، وعلى قيامه ولو بعد حين.. وحتى ذلك الحين الذي سنعرف فيه جميعا الوجهة القادمة للبرغوث إذا ما كانت فرنسية أو إنجليزية أو ربما أمريكية، فآخر الكلام بأن الوداع لم يكن على قدر ما يستحقه أسطورة برشلونة التي لن تتكرر واسألوا الأرقام.