فقط في تلك الحالة.. المحافظة على القمة أسهل من اعتلائها!
لا أعتقد أن هناك شخصًا فائزًا باحدى البطولات قد تخلّى عن المقولة الشهيرة "أما الآن وقد حققنا أمرًا صعبًا وهو اعتلاء القمة، فإن أمامنا مهمة أصعب وهي المحافظة عليها".
مقولة مفعمة برائحة التنمية البشرية وبها الكثير من الحقيقة.. مفهوم جدًا أن تحقيقك للإنجاز قد جاء عن طريق مجهود كبير تشوبه الصدفة أو التوفيق أو ظروف استثنائية، أما تكرارك لذلك الإنجاز من جديد فإنه يحتاج لما هو أكثر من الصدفة أو التوفيق غالبًا..
بالطبع هناك شيء قادر على منحك الكثير من الامتيازات بغض النظر عن المجهود أو الصدفة أو التوفيق ألا وهو التحكيم، لكن لننحي هذا جانبًا فهو ليس موضوعنا على أية حال. لكن لا أعلم لماذا أشعر أن تلك المقولة لا تنطبق على حالة ليفربول الإنجليزي.
الريدز حاولوا لـ30 سنة أن يعتلوا منصات التتويج للبريميرليغ ولم يفلحوا إلا في محاولتهم الثلاثين والتي جاءت باكتساح للأخضر واليابس في البطولة التي كادوا أن يحسموها دون حتى أن يتعرضوا لأي هزيمة لولا لاعب واتفورد السيد إسماعيلا سار.
لكن بمجرد تحقيق ليفربول للبريميرليغ واعتلائهم للقمة فإن شعورًا ممضيًا يكتنفني بأن البريميرليغ كان بمثابة فريسة سريعة يطاردها ليفربول وعندما أمسك بها ووضعها في القفص صارت أسهل كثيرًا.
هذا لا يعني أن ليفربول ليس عليه سوى الارتكان لتلك الحقيقة فقط، ألا ترى مستوى مانشستر سيتي؟ هل يمكن لهذا الفريق أن ينافس الريدز؟ حدثني عن جاره مانشستر يونايتد الذي يلعب على سطر ويترك سطرًا ولا نفهم أبدًا ما إذا كان هذا الفريق جيدًا أم سيئًا!
ماذا عن تشيلسي الذي ما يزال يتلمس خطاه ويحاول لامبارد معه الوصول إلى صيغة تجعله يستفيد من كل تلك المواهب التي ضمها فريقه هذا الصيف. ربما الخطر الوحيد الحالي على ليفربول يأتي من شمال لندن وكتيبة جوزيه مورينيو التي تمتلك دفاعًا جيدًا وهجومًا مذهلًا بقيادة بوتين وميدفيديف كرة القدم.. هاري كين وسون اللذان يتبادلان الأهداف والتمريرات الحاسمة كما يحلو لهما.
لكن لو سألت الأغلبية فسيخبرونك بأن ليفربول هو المرشح الأول للتتويج باللقب.. كل هذا يأتي رغم أن ليفربول عانى من كم كبير من الإصابات هذا الموسم في مقدمتها غياب قائد خط دفاعه وأحسن مدافع في العالم فيرجيل فان دايك حتى نهاية الموسم على الأرجح، ناهيك عن إصابات عديدة متفرقة آخرها إصابة ديوغو غوتا التي ستُبعده عن الملاعب من 4 لـ 6 أسابيع كاملة، وما بين تلك الإصابات كانت إصابة أليسون وصلاح وتياغو ألكانتارا وأليكساندر أرنولد.
كل تلك الإصابات وأسباب أخرى جعلت ليفربول يقع في فخ عدة نتائج سيئة أمام فرق أقل شأنًا منه بمراحل، آخرها التعادل أمام فولهام وكذلك أمام برايتون، وذلك رغم تقديم الأخير لمستوى مثير للإعجاب هذا الموسم حتى وإن أدارت كرة القدم له وجهها أحيانًا، ولا ننسَ السقوط المدوي أمام أستون فيلا بسبعة أهداف.
لكن رغم كل هذا فإن ليفربول لم يتزحزح تقريبًا عن القمة أو ما حولها.. يتصارع مع توتنهام عليها رغم أن الأخير يقدم مستويات مبهرة خاصة مع خط هجومه، وذلك في الوقت الذي لا يقدم خط هجوم ليفربول أفضل مستوياته هذا الموسم وأحيانًا ما يختفي ساديو ماني أو محمد صلاح أو روبيرتو فيرمينو عن المشهد. ومع ذلك ربما يكون ليفربول أثبت علو كعبه في أنفيلد بالفوز 2-1.
أي أنه مع مستوى ليس في القمة من ليفربول، فإن الفريق ما يزال قادرًا على تنحية كل الصعاب، حتى وإن اقتضى الأمر اللعب بفابينيو وأحد المراهقين في خط الدفاع.. في أغلب الأوقات سيخرج الريدز فائزًا على فرق من عينة ولفرهامتون وليستر سيتي بالأربعة وبالثلاثة وبسيطرة تامة على اللقاء.
تلك السطور كتبت قبل قمة ليفربول وتوتنهام.. تلك القمة التي اعتبر البعض أنها تحدد بعض ملامح البريميرليغ هذا الموسم، لكنها برأيي ستحدد ملامح توتنهام هذا الموسم، فيما ملامح ليفربول تبدو لي واضحة وهو أنه سيستمر أهم منافس على اللقب هذا الموسم وسيحتاج أي فريق آخر لمستوى استثنائي حتى يزيحه عن القمة عند وصولنا إلى مايو المقبل.