غوارديولا وأنشيلوتي.. المتناقضان اللذان يتشابهان أحيانًا!

تحديثات مباشرة
Off
تاريخ النشر:
2024-04-09 11:10
بيب غوارديولا وكارلو أنشيلوتي (Eurosport)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

لن تكون مواجهتا ريال مدريد ومانشستر سيتي بقيادة كارلو أنشيلوتي وبيب غوارديولا سهلتين أبدًا، فتقارب المستوى قد يبدو شديدًا مقارنة ما كان عليه الحال الموسم الماضي، لكن ريال مدريد أصبح أفضل حالًا من المواجهة التي لُعبت قبل 11 شهرًا بينما تبدو نسخة مانشستر سيتي الحالية أقل قوة من تلك التي كانت عليها قبل نفس المدة.

المواجهتان تقامان ضمن سلسلة طويلة من المواجهات بين المدربين اللذين يجمعان معًا 7 ألقاب لدوري أبطال أوروبا حققاها مع فريقين مختلفين لكلٍ منهما مع أفضلية أنشيلوتي بالتتويج في 4 مرات سابقة.

غوارديولا وأنشيلوتي.. تناقض صارخ

حسنًا، على الأرجح ستتفق مع هذا القسم من التقرير، فبيب غوارديولا وأنشيلوتي هما مثالان صارخان على تناقض أسلوبي التدريب.

يحرص المدرب الإسباني على السيطرة على أدق تفاصيل اللعبة والاهتمام بأصغر الصغائر إلى الدرجة التي اتهمه البعض بالمبالغة التي أدت لنتائج عكسية في بعض المباريات المهمة في مسيرته كما كان الحال مثلًا مع نهائي 2021 ضد تشيلسي عندما قرر استبعاد رودريغو من التشكيلة الأساسية للقاء بشكل مفاجئ.

مدرب برشلونة وبايرن السابق يريد دائمًا من لاعبيه الالتزام بما يقول وتنفيذه بحذافيره. يقول النجم الفرنسي السابق تييري هنري قصة شهيرة عن إحدى المباريات التي طلب فيها غوارديولا منه أن يلتزم الطرف الأيسر بما يشبه الالتصاق بالخط، فما كان من مهاجم أرسنال السابق إلا أن أصابه الملل من فرط التمريرات التي يمررها ثلاثي وسط برشلونة بوسكيتس وتشافي وإنيستا فيما بينهم مع مشاركة ميسي في سلسلة التمريرات المتواصلة.

الخوف يحاصر 4 لاعبين من ريال مدريد في مواجهة مانشستر سيتي

ونظرًا لطبيعته كمهاجم وكونه ليس جناحًا أيسر في الأصل كما لعب طوال فترته مع برشلونة، قرر تييري هنري أن يخالف تعليمات بيب ويدخل لعمق الملعب لينجح في إحدى الكرات في تسجيل هدف قبل نهاية الشوط الأول.

يروي بطل العالم في 1998 القصة التي حدثت بينه وبين غوارديولا بين شوطي المباراة، فبينما كان يدخل سعيدًا لغرف الملابس بعدما سجل هدفًا إذا به يرى مدربه متجهمًا، ولا تبدو عليه علامات الرضا بسبب مخالفته لتعليماته، وهي القصة التي تمنحك انطباعًا واضحًا عن شخصية المدرب الكتالوني.

على الجانب الآخر فإن كارلو أنشيلوتي هو مثال واضح على المدرب الذي يتمناه أغلب اللاعبين المهاريين، فمقدار الحرية التي يمنحهم إياها قد تفوق كل المدربين الكبار الآخرين.

المدرب الإيطالي قد يرسم خطة المباراة، لكن كل الشواهد تقول إنه يؤمن بارتجال اللاعب الموهوب وأنه لا يمكن أن يطلق موهبته كاملة دون مساحة من الحرية التي تجعله مرتجلًا غير متوقع ومن ثم لا يمكن إيقافه.

الأمر وصل بأنشيلوتي إلى أن يُسأل عن سر إشراكه لداني كارفاخال كقلب دفاع أيسر في مباراة جيرونا بينما اشترك تشواميني كقلب دفاع أيمن، وذلك بعد غيابات قوية ضربت خط دفاع ريال مدريد، في الوقت الذي يقضي منطق إشراك كارفاخال اضطراريًا كقلب دفاع إلى وجوده على الجانب الأيمن كونه ظهير أيمن في الأصل ما يسهّل عليه التعامل مع مركزه المؤقت.

فما كان من المدير الفني الإيطالي إلى أن أجاب ببساطة أن السر في ذلك يرجع إلى أنه سأل تشواميني عن الجبهة التي يحب أن يلعب في قلب الدفاع فأخبره بأنه يفضّل الجانب الأيمن. لا اختراعات هنا ولا تفاصيل فنية وتكتيكية معقدة كانت أو مبسطة في الاختيار.. فقط رغبة اللاعب هي ما حسمت الأمر!

بيب وكارليتو .. تشابهات قد تفاجئك!

في الوقت الذي لم يفاجئك كثيرًا ما تم سرده مسبقًا من اختلافات وتناقضات كبيرة في شخصية المدربين، إلا أنك قد تكتشف مع التالي أن كلا المدربين يحملان كذلك تشابهات قد تقنعك بدلًا من أن تفاجئك.

يمتلك بيب غوارديولا وكارلو أنشيلوتي قدرة كبيرة على إيجاد حلول للثغرات التي تضرب تشكيلاتهما. ظهر ذلك جليًا عندما فقد بيب غوارديولا جواو كانسيلو وزينتشنكو من تشكيلته دون تعويض مناسب، ليقوم بإدخال ريكي لويس في الحسبة قبل أن يعيد اكتشاف عدة قلوب دفاع يسرى في هذا المركز سواء كان ناثان آكي أو جفارديول.

على الجانب الآخر لم يشتك كارلو أنشيلوتي من الإحجام الواضح لفلورنتينو بيريز عن ضم قلب دفاع جديد حتى عندما ضربت الإصابات خط دفاعه ففقد ميليتاو ثم ألابا ثم روديغير ليكتشف تشواميني في مركز قلب الدفاع وكذلك لعب كارفاخال في هذا المركز، وبناء على الخطوة الأولى لعب بتوني كروس كلاعب ارتكاز كما فعل لبعض الوقت في موسم 2014/2015 وتمامًا كما كان يفعل مع أندريا بيرلو لكن في هذه المرة قام بحماية الدولي الألماني بكامافينغا وفالفيردي ليقدم كروس نسخة مميزة جدًا منه.

الأمر لا يتوقف عند هذا الأمر، بل إن كلا المدربين كان قادرًا على إعادة إنتاج شكل تكتيكي مختلف تمامًا للفريق بناءً على ما يمتلك من عناصر وإن اختلفت الظروف.

أنشيلوتي وجد نفسه دون رأس حربة من الطراز العالمي بعدما فقد كريم بنزيما قبل بداية الموسم وعوضه فلورنتينو بيريز بخوسيلو، ليقرر المدرب الإيطالي اللعب بدون مهاجم لكن مع منح بيلينغهام مساحة حرية كبيرة كونه لاعب رابع في خط الوسط أو ثالث في خط الهجوم من العمق، ليكافئه الدولي الإنجليزي بفهم كبير لمجريات المباريات واختيارات ذكية في الانطلاق ومهاجمة المساحة.

غوارديولا كان قد سبقه لشكل شبيه جدًا عندما وجد نفسه دون مهاجم بعد إصابات لشهور طويلة لسيرخيو أجويرو وغابرييل جيسوس ليقدم للعالم نسخة مرعبة من إيلكاي غندوغان بعدما أدرك المدرب الإسباني ذكاء الدولي الألماني ليقدم ذو الأصول التركية مستوى رائع من حيث التحركات وإجادة اللعب كلاعب وسط يعرف متى يتحول لمهاجم يجيد التسجيل أو تمهيد الكرة لمن هو قادم لإسكانها في الشباك.

وإن عدنا للخلف لسنواتٍ طويلة سنجد أن مدرب السيتي دشن هذه الفكرة راسخة في صميم العقول التدريبية -حتى إن لم يكن أول من فعلها- لكن بوجود جناح في الأصل مثل ليونيل ميسي بعدما نقله إلى مركز صانع الألعاب لكن كانت الخطوة الأهم التي فجرت قوى ميسي المبهرة هي في لعبه كمهاجم وهمي بعدما قرر الاستغناء عن خدمات زلاتان إبراهيموفيتش وتقديم برسا خارق اكتسح الأخضر واليابس وقدم نسخة في 2011 التي يعدها كثيرون أنها النسخة الأقوى لفريق كرة قدم على مر التاريخ.

أما كارليتو فكان له السبق الأكبر في تحويل ريال مدريد لأول مرة لطريقة 4/3/3 بعدما قضى عقود ما بين الـ 4/4/2 في عصر الجالاكتيكوس وما بعده والـ 4/2/3/1 التي اتبعها جوزيه مورينيو. فبتعديل عبقري صنع أنشيلوتي بعبعًا اسمه أنخيل دي ماريا بعدما نقله من مركز الجناح الأيمن إلى لاعب الوسط الأيسر الذي ينتقل إلى الجناح الأيسر بمجرد انطلاق كريستيانو رونالدو للعمق ليقدم الريال نسخة مبهرة في دوري أبطال 2014.

مستوى المرونة كان مبهرًا لدى غوارديولا الذي تفوق على أنشيلوتي على مستوى الأفكار المتجددة، فهو الرجل الذي صدم الجميع بتخليه عن جو هارت فقط لأنه لا يجيد اللعب بقدميه قبل أن يستسيغ العالم كله تلك الفكرة بعد ذلك ويجدونها مقبولة بعد أن لمسوا أهمية ما رآه بيب قبل الجميع بسنوات، كما أن استمرارية أفكاره لا تخطئها العين، والأمثلة كثيرة من الأظهرة المقلوبة التي تدخل للعمق مع كانسيلو وزينتشنكو إلى قلوب الدفاع التي تتحول للاعبي وسط مع ستونز وأكانجي.

وإن لم تقنعك هذه التشابهات، في كيفية التصرف مع الغيابات، والمرونة التكتيكية مع الفوارق، فلا بأس.. يمكنك أن تكتفي بأن كليهما فاز بدوري الأبطال كلاعب ومدرب مع نفس النادي!

شارك: