عيد الإعلاميين وحزن المغتربين! 

2022-10-23 13:44
العمل الإعلامي رسالة هادفة غرضها المعرفة (Getty)
إياد الصالحي
كاتب رأي
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

أحزنني جدّاً النداء المُتكرّر الذي أطلقهُ الإعلامي الرياضي القدير رِفعت النجّار، المُقيم في العاصمة الإيطالية روما، ضمن المساحة الإعلامية الحُرّة في تطبيق "واتساب" التي دعانا للانضمام إليها الزميل محمد بن عبدات، فالرجل (النجّار) غنيّ عن التعريف بمسيرته المهنيّة والمحطّات المهمّة التي ترك فيها بصمات مؤثّرة في الصحافة الرياضية العربية والدولية، وليس مطلوبًا منه أو منّا أن نُذكِّر الزملاء في الاتحاد العربي للصحافة الرياضية بضرورة دعوته إلى ملتقى البحرين لتكريمه، أسوة بالإعلاميين الرياضيين العرب في عيدهم السنوي الثاني عشر، الذي سيُقام يوم 29 من أكتوبر/ تشرين الأول الحالي في المنامة، بل يُفترض أن ينبري رئيس الاتحاد، الزميل محمد جميل عبد القادر، أو من ينوب عنه الزميل الأمين العام عوني فريج، لإبداء الرأي في أحقيّة المُنادي بدعوة الحضور من عدمها، وهل يُمكن شموله بالتكريم هو وغيره الذين اضطرّتهم الظروف الخاصّة للهجرة والعيش بعيداً عن أوطانهم وعن زملائهم والاتحادات المهنيّة المُنتمين إليها، التي تناستهم تماماً هي الأخرى، ولم تعد تذكر عنهم أي شيء؟ للأسف عُدّوا شبه مُغيّبين عن مشهد التقييم والتكريم، حتى يأتي استذكارهم بين سطور بيانات التعزية لوفاتهم، إن كانوا محظوظين وشاعَ خبر رحيلهم في المهجر! 

إنصافاً لعشرات المُغتربين من جيل النجّار، ومن امتهنَ العمل الإعلامي من بعدهم، نقترح تشكيل لجنة خاصّة في الاتحاد العربي للصحافة الرياضية تتقصّى عن أسماء الإعلاميين الرياضيين غير المُقيمين في أراضي بُلدانهم، لغرض الوقوف على ظروفهم القاسية لأغلبهم وفتح قناة اتصال إلكترونية معهم، ومتابعة أنشطتهم إن وجدت، ومحاولة تذليل معاناتهم حيثما سمحت ظروف وقدرات الاتحاد العربي المادية، كونه الجهة المعنيّة، كما يفترض، بالتواصل الاعتباري معهم عبر موقعه الرسمي، وإشعارهم بمدى الاهتمام والحرص لطالما شكّلوا أعمدة أساسيّة أسندت الاتحاد نفسه والاتحادات الوطنيّة الأخرى عبر سنين طوال.

لبّوا نداء النجّار بما يحفظ تاريخه واسمه، ولا نريد أن يتعرَّض للخدش مع كلِّ نداء يتفاعل معهُ الزُملاء في المساحة الحُرّة، فالرجل يعي تماماً مدى حراجة الاتحاد العربي وبالذات رئيسه لمجاهرته بطلب تكريمه؛ مبرّراً ذلك (حتى لا يكون الغائب عن العين هو الغائب ذاته عن القلب!)، وتساءَل: "هل يوجد من يتكرّم ويدعو النجّار الصحفي العربي الدولي الذي حلّق مُغطّياً 10 بطولات مونديال، وغيرها من بطولات أوروبا والعالم لمختلف الألعاب الرياضيّة الدوليّة، وأكثرها بطولات العالم لألعاب القوى؟" وأردف "مَن يُشرّفني بالدعوة لألتقي عن قُرب بأعزّ الزُملاء في عيدنا الـ 12 بعد عُمر طويل من اللقاء عن بُعد؟".

حقيقة أن هناك غبنًا كبيرًا لحق بالعديد من الزملاء المُقيمين في دول أوروبا وأمريكا، بعضهم هرب خشية من بطش حاكِم لا يرحم لاحقته أجهزته الظالمة في زمنٍ ما، ومنهم مَن لم يجد غير تقديم اللجوء لأسباب إنسانية بعدما حرقتْ مدافع الحرب بيته وشرّدته مع أولاده باحثاً عن وطنٍ بديل، وقسم آخر وجد الرعاية المهنيّة في دول متقدّمة وفّرت له كلّ مستلزمات الإبداع في العمل ضمن أجواء احترافيّة عالية، وبين هذا وذاك بعضهم شارف على لفظ أنفاسه الأخيرة بعيداً عن وطنه الذي أهمل تفقّده نتيجة تغيير مسؤولي العمل، وعدم التفاتتهم نحو السابقين؛ ما أدّى إلى ضياع حقوقهم وحرمانهم من فرص العدالة في تكريمهم حسب قِدَمهم، وكل ذلك يتحمّله اتحاد الصحافة الرياضي في بلده الأم، ومعه مناصفة الاتحاد العربي للصحافة الرياضية.

عندما تُكرِّس مبادئ تكريم المُحاربين القدامى في السُلطة الرابعة كنماذج مُشرّفة لأبناء الزمن الجديد، فإن ذلك يُحفّز الصحفيين الرياضيين الشباب للسير على خُطاهم وتفحّص سيرهم الذاتية بعناية والاستفادة من دروسهم، وما قدّموه لأوطانهم ورياضاتها، وكيفيّة بلوغهم المكانة العُليا في تاريخ عملهم المهني، وهو تشريف كبير لعائلة الإعلامي نفسه التي تفتخر أنّ وليَّ أمرها، الذي تقدّم به العمر أو لبّى نداء ربّه الرحيم، ترك لهم الوسام المُذهَّب عرفاناً من الاتحاد العربي بدوره العظيم في تقويم المجتمع الرياضي وقادته، أو المساهمة في صناعة الأبطال الموهوبين، أو كشف الفاسدين والغشّاشين والمزوّرين الذين عبثوا في لوائح المنافسات بتناولهم للمنشطات، أو المغامرة في تتبّع قضايا مسكوت عنها في دهاليز مؤسسات رياضية كبيرة أخلّتْ بشروط النزاهة وهدّدتْ نتائج استقصائهِا حياته أو فرصة عمله!

ليكن عيد الإعلاميين الرياضيين الثاني عشر هو آخر الأعياد الذي يُنظّمه الاتحاد العربي للصحافة الرياضية بسياقات المُفاضلة الحاليّة، وعلى الاتحاد نفسه أن يُعيد النظر في دعواته للأعوام التالية وفقاً لتوصية أعضاء لجنة المُتابعة والتقييم، التي لابدَّ من استحداثها، ليضعوا أيديهم على ملفٍّ متكاملٍ يحتوي أوراق المُلزم تكريمهم حسب الاستحقاق، وقيمة العطاء، وسنوات الخدمة، والتأثير الإعلامي في المحيطين المحلي والعربي، والمنجزات المهنيّة المحفوظة.

نريد طُرق تكريم الاتحاد العربي أن تؤدّي إلى لقاء جميع الزملاء المستحقّين في كل مُدن العرب، وألا تنسى روما وصديقاتها المُضمِّدة لجراحات المغتربين!

شارك: