"عاتي الجبال" يشرِّف الكرة الكردفانية
في مقام الاحتفاء بنادي حيدوب النهود الرياضي الذي يطلق عليه تحببًا "عاتي الجبال" والذي أحرز مؤخرًا انتصارين هامين لا يحدثان عادة إلا لفرق العاصمة، نكتب مقال اليوم؛ فالانتصار الأول كان صعوده كأول نادٍ من غرب كردفان ينال شرف الوصول إلى مصاف أندية الدوري الممتاز في العام 2022 بعد مثابرة مستمرة طوال السنوات الماضية، والثاني كان باختيار اتحاد كرة القدم السوداني له للمشاركة في بطولة الاتحاد الأفريقي لكونفيدرالية (CAF Confederation Cup) في معية نادي حي العرب بورتسودان، إضافة إلى قطبي القمة الكروية السودانية الهلال والمريخ للمشاركة في بطولات الاتحاد الأفريقي بالنسخة الحالية من دوري أبطال أفريقيا.
تأسس نادي حيدوب النهود الرياضي في العام 1957 في مدينة النهود في الجانب الشرقي لولاية غرب كردفان، حيث تتمتع المدينة بمناخ معتدل وأرض رملية وطبيعة ساحرة وبيئة اجتماعية مترابطة ومتسامحة تعشق كرة القدم، وأخذ الفريق اسمه تيمنًا بجبل حيدوب الذي يقع في الجهة الشرقية للمدينة وأخذ الجبل نفسه اسمه من العمدة حمدان حيدوب الوايلي أحد أعيان الإدارة الأهلية في المنطقة قبل عقود.
ويقف خلف نادي حيدوب النهود جمهور كبير محب ومساند للفريق يعد أحد العوامل الرئيسية التي تضافرت -في تقديري- وأدت إلى صعود الفريق للدوري الممتاز واختياره للكونفدرالية، بالإضافة إلى مجلس الإدارة المستقر إداريًا وماليًا والحريص على تطور الفريق وأخيرًا التدريب المتقدم والمحترف.
ولعب مجلس إدارة النادي الدور الرئيسي في استقرار الفريق فنيًا وماليًا؛ إذ بعد تجاهل حكومة الولاية لإنجازات الفريق والإحجام عن دعمه ماليًا أطلق مجلس إدارة النادي مبادرة "إدعم ناديك" في 2021 لتحقق نجاحًا كبيرًا بفضل التفاف جمهور الفريق حوله ودعمه حتى إنه نجح في ضم أربعة محترفين من إثيوبيا والكاميرون ونيجيريا للعب في صفوف الفريق هذا الموسم.
مؤخرًا وفي تصريح لرئيس القطاع الرياضي بالنادي لمراسل winwin، قال: "إنّ الفريق سيقيم معسكرًا خارجيًا رغمًا عن ظروف الحرب بالغة التعقيد التي يعيشها الشعب السوداني؛ لكننا نرفض الاستسلام وسنجتهد من أجل إنجاح المعسكر، ونتطلع لخوض تجربتنا الأفريقية الأولى والظهور المتميز، على الرغم من الظروف التي تعيشها البلاد".
بالطبع أتت الحرب لتطيح بكل ذلك الجهد والعرق الذي بذله الفريق طوال الأعوام الأربعة الماضية، وحقق نجاحات مشهودة كما أسلفت ليتفرق للأسف كل ذلك الجهد أيدي سبأ، وما قصة هروب المحترف النيجيري الذي يلعب لحيدوب النهود كولينز إلا نموذج ناصع لسوء الحرب، حيث تداولت المواقع والصحف الرياضية قصة نجاة شارلس كولينز من جحيم الحرب وعودته لبلاده بحقيبة ظهر فقط.
ويروي كولينز البالغ من العمر ثمانية وعشرين عامًا والذي يسكن بأحد أحياء الخرطوم منذ ثلاث سنوات عمر احترافه في السودان، أن الحرب حين وصلت داره هرب مرتديًا سرواله الرياضي الأسود القصير فقط، ولم يكن كولينز يحلم في أسوأ كوابيسه بأن مستقبله الكروي في السودان ستنهيه حرب عبثية جعلته يترك خلفه أمواله التي جناها من عقده مع نادي حيدوب بالإضافة إلى نشاط تجاري كان يديره بالخرطوم، ولم يكن يعلم أنه سيعود إلى بلاده ليبدأ من جديد بعد أن أسهم في صعود نادي حيدوب النهود للممتاز والكونفدرالية.
تستحق جهود حيدوب النهود الاحتفاء والتقدير، هذا النادي الإقليمي الذي تحدى الصعاب وتحول بفضل مجلس إدارته وإخلاص جمهوره إلى نادٍ عملاق يشارك باسم السودان في المحافل الدولية.