ساعات الجمر في البيت الأهلاوي
كان الأهلي، وهو أكثر الأندية المصرية تتويجا بالألقاب في كرة القدم، يمر بحالة من الاستقرار والهدوء التامين، قبل أن يقرر القائمون على اللعبة الشعبية إيقاف الفعاليات كافة؛ بفعل تفشي وانتشار فيروس كورونا المُستجد "كوفيد-19"، الذي استشرى في البلاد، مخلفا أعدادا كبيرة من الإصابات والقتلى.
تمكن الأهلي، في فترة ما قبل "كورونا"، من اعتلاء صدارة ترتيب الدوري المصري الممتاز، كما أظهر الفريق مستويات جد مميزة وملفتة للانتباه خلال مشواره القاري، بمسابقة دوري أبطال أفريقيا لكرة القدم، وقبل كل ذلك كان التتويج بلقب كأس السوبر المحلية، في بداية مبشرة للموسم الرياضي 2019/20، تحت إمرة فنية للمدرب السويسري رينيه فايلر.
لكنه... ولأن العالم لم يعد كما كان قبل جائحة الوباء التاجي، عاد الأهلي من فترة التوقف والانغلاق، بصورة مختلفة ومغايرة عن تلك التي ظهر بها في الأشهر الأولى للموسم؛ إذ بدا الفريق في حال متراجعة على مستوى المردود والنتائج المسجلة، وإن تمكن من حسم تتويجه بلقب الدوري المحلي للمرة الثانية والأربعين تاريخيا، وهو رقم قياسي.
مع فرحة الفوز بلقب الدوري المصري الممتاز، بدأت شريحة واسعة من جماهير الفريق في تناسي مرحلة الأداء المتراجع، والتي تضمنت خسارة مؤلمة لديربي العاصمة المصرية، أمام الزمالك، وبدأت التفكير في المنافسات القادمة، خصيصا تلك المتعلقة بمواجهة الوداد البيضاوي المغربي، برسم الدور نصف النهائي لدوري أبطال أفريقيا، والمُحدد لها يوم السابع عشر من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل ذهابا، والثالث والعشرين من الشهر نفسه إيابا.
تعاقبت أيام، وظهرت في أوساط محيطة ومهتمة بشئون النادي ثمة دلائل أن التغيرات لا تزال قائمة، وأن هدوء الاحتفاء بلقب الدوري الخامس تواليا ما هو إلا سابق لعاصفة، شأنها أن تبدل أمورا كثيرا، شأنها أن تغير حاضر الأهلي ومستقبله.
اندلاع شرارة الأزمة تمثل في تأويلات عن رغبة السويسري فايلر في مغادرة الأهلي، متسلحا في ذلك بشرط يخول له الرحيل المجاني، مع نهاية شهر سبتمبر (أيلول) الجاري... ومع الوقت، تأكد رحيل المدرب الشاب صاحب 47 عاما، وبات مجلس إدارة النادي، بقيادة رئيسه محمود الخطيب، مُضطرا للتعامل مع الوضع غير المستقر الجديد.
الأحاديث تكاد لا تتوقف في مصر عن انتهاء تجربة فاير "الناجحة" مع الأهلي، لكنها أيضا لا تتوقف عن الكيفية التي صارت عليها الأمور بالأشهر الأخيرة، ولماذا آلت العلاقة بين المدرب وإدارة النادي إلى هذا المشهد العبثي، خاصة مع هالة الضبابية وغياب الشفافية التي تغلفت بها صفحات الملف قاطبة، ولا أحد يعلم، هل أراد فايلر الرحيل حقا، أم أن هناك أبعادا وحيثيات أخرى، رددها البعض فعليا، وإن ظلت مُبهمة، غير مؤكدة، في ساعات يترقب نهايتها الجميع.
الأهلي أعلن فعليا عن عقده، يوم غد الخمس، لمؤتمر صحافي، سيعلن خلاله عن القرار النهائي بشأن فايلر ومصيره كمدرب للفريق الأول لكرة القدم بالنادي، كما تؤكد وسائل الإعلام أن مباراة باكر، ضد الترسانة، بإطار الدور ثمن النهائي لمسابقة الكأس المحلية، ستكون هي الأخيرة للسويسري على رأس العارضة الفنية للشياطين الحمر.
مرة أخرى، ذلك، كل ذلك، يحدث قبل ساعات قليلة من مواجهة الترسانة في دور الـ 16 لكأس مصر، وهي البطولة الغائبة عن خزائن النادي منذ العام 2017، كما أن واقع وجود مدرب جديد للفريق قبل أسبوعين تقريبا من مواجهة الوداد المُنتظرة، في نصف نهائي دوري الأبطال، لا يزال يؤرق الكثيرين ويفرض غموضا أكبر على حظوظ الأهلي، نادي القرن الأفريقي، في المنافسة الجادة على اللقب القاري.
هي ساعات مرتقبة بكل تأكيد... فيها سيغادر فايلر، فيها سيخوض الأهلي مباراة إقصائية ضد الترسانة، وفيها سيعلن الفريق جهازه الفني الجديد... ولنا هنا وقفة.
من سيكون بديل فايلر في الأهلي؟ الشارع المصري لا يملك جوابا محددا لهذا الاستفهام الصعب والمعقد، لكن الأكيد أن الإدارة رسمت سيناريو ما، لخوض تحديات المرحلة القادمة، بنحو قد يشمل اللجوء مباشرة لحل المدرب الأجنبي أو الانتظار بعض الوقت، والاستعانة بأحد أبناء النادي كمدير فني مؤقت.
ساعات مرتقبة يعيشها الأهلي، ساعات ينتهي بها مشوار فايلر كمدرب للفريق الأحمر، وساعات تمثل بداية لحقبة جديدة، يأملها الرجل الأهلاوي أن تمضي شاهدة على استرجاع النادي لهدوئه، شاهدة على استعادة الفريق للقب دوري الأبطال.