خيارات المدرب وليد الركراكي تُقسّم الجماهير المغربية
فجّر وليد الركراكي، المدير الفني للمنتخب المغربي لكرة القدم، الجدل في الشارع الرياضي بالمغرب، بعد خروجه الإعلامي الأخير على إحدى المحطات الإذاعية، الخميس الماضي، وحديثه عن لاعبين عدةمثل يوسف النصيري وعبد الرزاق حمد الله ومنير الحدادي وسفيان رحيمي.
وبحسب متابعين فقد أطلق الركراكي مبررات بدت متناقضة حول رأيه في بعض لاعبي المنتخب المغربي، ما جعل الجمهور يتكهن بالأسماء التي لن ترافقه إلى قطر لخوض كأس العالم 2022 بناء على تصريحاته.
قضية حمد الله تعود للواجهة من جديد
وعاد موضوع عبد الرزاق حمد الله من جديد ليطفو على سطح النقاش الرياضي وسط الجمهور المغربي، بعدما صرح الركراكي أنه شاهد مباراة للاعب مباشرة بعد عودته من عقوبة الإيقاف ولم يعجبه ما قدمه فيها، علما أن حمد الله عاد في المباريات اللاحقة وسجل لفريقه أهدافا ثمينة، لم يتحدث عنها المدير الفني المغربي.
وقال الركراكي إنه يريد مهاجما يشارك في اللعب الدفاعي، عكس حمد الله الذي يظل في منطقة العمليات وينتظر تمرير الكرة إليه. بعد هذا التصريح سارع نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بينهم الصحفي الرياضي محمد الروحلي إلى نشر فيديوهات لحمد الله تظهر إسهامه في الدفاع وفي صناعة اللعب ومد زملائه بتمريرات حاسمة، عكس ما صرح به الركراكي.
وما زاد من استياء شريحة واسعة من الجمهور المغربي، هو حديث الركراكي عن لاعبين آخرين لا يشاركون كثيراً مع أنديتهم ولا يسجلون أهدافاً معها، ورغم ذلك قال إنه معجب بهم وسيكونون ضمن قائمته في المونديال، وعلى رأسهم يوسف النصيري مهاجم إشبيلية الإسباني، ومنير الحدادي لاعب خيتافي الإسباني.
وذهب ملاحظون إلى أن قرار إبعاد حمد الله عن المنتخب المغربي أكبر من أن يتخذه الركراكي، معتبرين أن هناك "جهات ما" لا تريد اللاعب في صفوف المغرب، وأن المدير الفني حاول إعادته، لكنه وُوجه بالرفض من تلك "الجهات"، لا سيما أن الركراكي ألغى في آخر لحظة زيارة كان قد رتّبها للقاء اللاعب في السعودية، قبل أن يعتذر له بدعوى انشغاله في قطر بحفل تكريمه من قبل نادي الدحيل القطري.
وقال الناقد الرياضي المغربي محمد الماغودي إنه يدعم الركراكي في مهمته لقيادة المنتخب المغربي في المونديال، مشيرا إلى أن الدعم لا يعني الصمت على بعض الانزلاقات.
وأضاف في تدوينة على حسابه الشخصي على منصة فيسبوك: "دعني أصارحك (يقصد الركراكي) خرجتك الإعلامية كنت الخاسر الوحيد فيها، خاصة في موضوع حمد الله، لسقوطك في تناقضات فاضحة، ما يعني أنك لست صاحب القرار، ما جعلك تفشل في الإقناع، لسنا بُلداء إلى هذه الدرجة''.
واعتبر الماغودي أن الركراكي حاول جاهدا تبرئة فوزي لقجع، رئيس الاتحاد المغربي، من قرار إبعاد حمد الله، لكنه للأسف أساء لنفسه بذلك.
خيارات "استراتيجية" وليست فنية
من جهته، قال المدرب المغربي إدريس عبيس، المتخصص في التحليل الفني لكرة القدم، إن الركراكي من خلال كلامه يريد أن يوجه رسالة غير مباشرة للجمهور المغربي، حول أسبابه الخاصة في عدم استدعاء لاعب معين، بالرغم من المطالب باستدعائه؛ كحمد الله أو سفيان رحيمي مثلا.
وأضاف في تصريح لـ"winwin": "أن المدير الفني يرغب في أن يُفهم الجمهور المغربي أنه المسؤول الأول والأخير عن اختياراته البشرية في بطولة مغلقة مثل كأس العالم، يلعب فيها انسجام المجموعة دوراً كبيراً في تحقيق النتائج في المباريات، وهو ما يفسر تبريراته التي بدت متناقضة حول أسباب اختياراته لهذا اللاعب وتجاهل ذاك".
وتابع شارحا وجهة نظره: "خيارات الركراكي لن تكون جميعها مبنية على معطيات فنية ومهارية أو بدنية، بل سيكون بعضها استراتيجية، وهو ما يؤكد حديثه عن رغبته في استدعاء لاعبين لم يشاركوا في المباريات، لكنهم يرفعون معنويات بقية اللاعبين، ويكسبون المجموعة لحمة قوية بين أفرادها، وطبعا هذه النظرة الاستراتيجية لن يتقبلها الجمهور بسهولة".
وعاتب عبيس المدرب المغربي على عدم وضوحه في خرجاته الإعلامية، ما يجعله يسقط في فخ التناقض وتقديم مبررات للاعب وعدم تقديمها لآخر، كما هو الحال بالنسبة إلى النصيري الذي قال إنه سيضمه للمونديال حتى لو لم يسجل، بينما يطالب حمد الله بتسجيل الأهداف والعودة لمساندة الدفاع والإسهام في التمريرات.
وزاد موضحاً، يقول: "كان حرياً بالركراكي أن يكون واضحاً، وأن يشرح بكل شفافية أسباب اختياراته، بعيداً عن مخرجات تُسقطه في تناقضات عديدة تثير غضب الجمهور".
الركراكي ودرس حاليلوزيتش
من جهته، يرى الإعلامي المغربي حمدي السموني أن على الجمهور والرأي العام الرياضي في المغرب، تجنب إثارة الجدل حول لاعب ما، وترك المدير الفني يركز في عمله وفق اختياراته وفلسفته الخاصة، دون التدخل فيها، وتقديم الدعم اللا مشروط له، لا سيما أنه سيقود المنتخب المغربي في أكبر بطولة كروية، وهي المونديال.
وتابع السموني في تصريح لـ"winwin"، يقول فيها: "ربما ذنب الركراكي الوحيد أنه أكثر من الخرجات الإعلامية قبل المونديال، عليه أن يستفيد مثلاً من درس سلفه البوسني وحيد حاليلوزيتش، الذي كان قليل الخرجات الصحفية، ويرفض اللقاءات الإعلامية، ويكتفي فقط بالمؤتمرات الرسمية قبل المباريات والمعسكرات الإعدادية، فرغم أن معظم اختياراته كانت تلاقي اعتراض الجمهور المغربي فإنه استطاع الصمود أمام كل الانتقادات طيلة ما يقارب ثلاث سنوات، ساعده في ذلك صمته معظم الوقت".
وختم يقول: "للأسف بعض المحللين الفنيين والناقدين الرياضيين تحدثوا عن أشياء لم يقلها الركراكي، كالتحكم في خياراته عبر "المكالمات الهاتفية والتعليمات العليا"، وهاجموه حول حديثه عن وزن اللاعب سفيان رحيمي وضعف الدوري المغربي، وفي الحقيقة شارعنا الرياضي لا يصلح له سوى مدرب أخرس مثل حاليلوزيتش".