خرافة الكَوادِيك التي أقعدت كرة القدم السودانية
بسبب الجهل والخوف والرغبة في السيطرة وقبل الاعتقاد في الآلهة، تورط العقل البشري في الإيمان بالسِّحر واستخدام الطلاسم والتعاويذ للسيطرة على الريح والبرق والرعد، ولاحقًا لجأ إلى القوى الخفية لتحقيق رغباته الاجتماعية كالزواج أو جلب الرزق أو إلحاق الأذى بشخص آخر مختلف معه، أيضًا أحلامه بالفوز في المستطيل الأخضر ساقته لاستخدام السِّحر الأسود للتلاعب بنتائج مباريات كرة القدم.
واختلفت أسماء السِّحر الأسود بالطبع من منطقة ثقافية لأخرى، ففي غرب أفريقيا مثلًا يُسمى الجوجو أو الفودو، وفي دول الخليج يُسمى الدنبوشي وفي بلاد السودان يُطلق عليه اسم الكادوك أو الرِتَينزا.
ومن الأمثلة العديدة على استخدام هذه الشعوذات في التاريخ القريب، كشف شقيق بول بوغبا لاعب خط وسط يوفنتوس حقيقة استعمال شقيقه للسِّحر ضد كيليان مبابي نجم باريس سان جيرمان، أيضًا في مباراة مالي ورواندا وبعد تقدم رواندا في الشوط الأول بهدف وفشل هجمات الفريق المالي في إحراز هدف تعادل، نجح موسى كامارا -الفيديو منتشر على يوتيوب- في استخراج ورقة مدفونه بعناية جوار قائم المرمى ويسلمها إلى مدربه ليعود بعدها لإحراز هدف التعادل للفريق المالي في شوط المباراة الثاني.
لا أحد بالطبع يستطيع أن يُجزم بقوة تأثير مفعول السِّحر الأسود في تغيير نتائج المباريات، وإلا لكان نهائي كأس العالم في جميع دوراته حصرًا على دول تشتهر باستخدام السِّحر الأسود مثل الهند ونيجيريا والسودان والكاميرون بدلًا عن الدول المسيطرة عليه حاليًا بسبب مهارتها وخطط لعبها العلمية.
من المضحكات المُبكيات في سِفر كرة القدم السودانية علي سبيل المثال أن لكل نادٍ رياضي مشعوذًا يستعين به لضمان الفوز، يُسمى هذا المشعوذ "الفكي" أو "الأنطون" والأنطون في اللغة اللاتينية تعني الرجل الذي لا مثيل له، الذي يقوم بالمهام الصعبة والمستحيلة.
يستخدم الأنطون السِّحر والطلاسم بالطبع، وبعضهم لديه أساليب مضحكة لمساعدة الفريق على الفوز كتقديم إكسِير للاعبين لشرابه قبل المباراة أو جعلهم يدهنون أجسادهم بزيت ذي رائحة مُنفرة ونفّاذة أو إطلاق البخور داخل غرفة ملابس اللاعبين قبل المباراة، وفي أحيان كثيرة إعطاء اللاعبين نباتات لمضغها في أثناء المباراة.
شَهدت مباراة شهيرة في الدوري الممتاز السوداني حدثت في العام 1997 بين فريق المريخ السوداني و فريق هلال بورتسودان قصة طريفة رواها لي صديقي كابتن المريخ آنذاك والذي كان مشاركًا في المباراة.
كما هو معلوم أنّ فُرق مدينة بورتسودان تعتبر كابوسًا عظيمًا لطرفي القمة السودانية الهلال والمريخ بسبب مهارة لاعبيها وشهرة استعانة إدارات تلك الفرق بالسِّحر الأسود "الكواديك" لتحقيق الفوز.
ويحكي صديقي: صادف قبل تلك المباراة أنني كنت مُصابًا في عضلة الساق اليمني الأمامية وانتشر الخبر، وأوردته الصحف الرياضية، نُشِرت أسماء المشاركين وأسماء المصابين، وبالطبع ورد اسمي في كشوف الإصابة، ثم تفاجأت لاحقًا في آخر تمرين قبل المباراة باسمي بين أسماء المسافرين إلى بورتسودان؛ بالطبع اندهشت، وذهبت إلى مدرب الفريق وقتها المدرب سيد سليم -عليه رحمة الله- مُستفسرًا؛ لكنه أصر علي سفري مع الفريق، ولاحقًا بعد وصول البعثة إلى مدينة بورتسودان تفاجأت بوجود اسمي في كشف اللاعبين أيضًا فذهبت إليه مجددًا مستفسرًا، فأخبرني الكوتش سيد سليم بأن ألعب وألّا أُرهِق نفسي، فكل المطلوب مني إحراز هدف، وللمصادفة هذا ما حدث لاحقًا بحذافيره في أثناء المباراة، ونجحت في مراوغة المراقبة اللصيقة، وأحرزت هدف المباراة اليتيم من ضربة رأسية؛ ليكسب نادي المريخ نقاط المباراة الثلاثة.
ولاحقًا تبيّن لي أن نشر الصحف لأسماء المصابين بما فيهم اسمي قد أنقذني من أن أكون ضمن القائمة السوداء للاعبين الذين وضعهم الأنطون تحت سيطرة سحره الأسود أو كواديكه.