حلم صامويل إيتو إعصار أفريقي..!

تاريخ النشر:
2022-11-14 18:53
صامويل إيتو رئيس الاتحاد الكاميروني لكرة القدم (Getty)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

تعلمنا في تجارب الحياة أن أي إنجاز مصدره حلم، ودرسنا أن الطموح يُبنى بالفعل وليس بالكلام. حملنا الأمل في القلب، وزرعنا بذرة التفاؤل في الحياة، وجعلنا من التغيير نحو الأحسن غاية ومطلبا مستعجلا دون إبطاء.

كل مغربي وعربي وأفريقي حمل الأمل في قلبه فاصطدم بواقع آخر شوه أحلامه، من خلال خروج جل هذه المنتخبات الأفريقية والعربية، مطأطأة الرأس، من منافسات كأس العالم، وكأن بعض هذه المنتخبات تذهب من أجل تنشيط هذه التظاهرة الكونية، وتملأ البيانات، فهي مجرد رقم، وسرعان ما تعود أدراجها مكلومة، خائبة.. لتجد نفسها أول المغادرين على أول طائرة، ومعها تهكم بعض رواد التواصل الاجتماعي، بضرورة ترك محركات الطائرة مشغلة، لتكون العودة سريعة ومرنة.

أحيانا قد نجد الحلم جميلا عندما كان أمرا من الصعب علينا تحقيقه، وقد نتجاهل بعض ما نحققه؛ لأنه ليس حلما، فنحن بين الأحلام وتحقيقها متجاذبون متنافرون، ودوما ما نقع في حيرة ونتساءل أيهما أقرب لأنفسنا؛ حلم نتمنى أن يتحقق، أم أمر يتحقق ولم نحلم به قط.

ولن نختلف هنا ونقف كثيرا، المهم أن يكون لدينا أحلام حقيقية ومشروعة تمنحنا قيمة في دائرة الكرة العالمية، وتعطينا معنى جميلا للعشق الكروي ونكسر هيمنة أوروبا وأمريكا اللاتينية، حلمنا ليس كحلم ليلي تغتاله اليقظة، وتشتته الصحوة.

حين نحلم بأمر ما نريد تحقيقه لا بد أن نعرف أنفسنا، وحاجاتنا، وقدراتنا، ولن ينقطع الإنسان عن ذلك، فلا يمكن أن يحلم أحدنا بما لا يستطيع تحقيقه، كما أن تأثير الحلم الهوائي أو الطيفي علينا يجعلنا نعطل اهتماماتنا، ونكثف تحسرنا، فنفقد الأهداف الحقيقية.

هل كان عيبا أن نغازل الحلم علّه يتحول إلى واقع في يوم من الأيام.. وما رأيك في الحلم الهدف لصامويل إيتو.. والمثير للغاية؟

حلم صامويل إيتو

 في غفلة من جميع المحللين يطل علينا صامويل إيتو، أسطورة كرة القدم الكاميرونية وسفير كأس العالم قطر 2022، بتوقعات اعتبرها البعض حلما، وآخرون نعتوها بالغريبة والمجنونة، لأنه هرب بالزمان بعيدا، وقفز  بعيدا عن كل الحواجز الأوروبية وأمريكا اللاتينية، وأراد من منتخب بلاده كتابة تاريخ جديد، وأن يصنع المجد ليصبح أول منتخب أفريقي يتوج بلقب المونديال، يرفع كأس العالم 2022 في استاد لوسيل يوم 18 كانون الأول/ ديسمبر، خلال احتفالات اليوم الوطني لدولة قطر .

يومها سيتحول الحلم إلى حقيقة، فالفوز بالألقاب حلم لأي لاعب، فكم من حلم (هدف) تحول إلى واقع، من سينسى روجي ميلا نجم الكاميرون وهو يرقص رقصته الشهيرة، بعدما فاجأت الكاميرون العالم بالفوز على الأرجنتين، حامل لقب كأس العالم ومعهم مارادونا، بهدف دون رد، قبل التغلب على كولومبيا القوية بنتيجة 2-1، بعد أن خدع روجيه ميلا الحارس هيغيتا وخطف منه الكرة، وسجل هدفاً رائعاً ورقص رقصته الشهيرة التي أذهلت المعمورة، فأصبح الأسود أول منتخب أفريقي يتأهل لربع نهائي كأس العالم.

ولم تقتصر توقعات إيتو المتفائلة على منتخب الكاميرون فقط، بل شملت جميع المنتخبات الأفريقية الخمسة المشاركة في المونديال، وتوقع تأهل المغرب للنهائي لمواجهة الكاميرون، ووصول جميع المنتخبات الأفريقية إلى دور الـ16، وتصدر الكاميرون والمغرب والسنغال لمجموعاتهم في البطولة.

المنتخبات الأفريقية تمتلك ما يؤهلها لتحقيق نتائج جيدة في كأس العالم، ولكن حتى الآن لم تقدم أفضل ما لديها خلال مشاركاتها السابقة في المونديال. ويبقى إنجاز وصول الكاميرون لمرحلة الربع هو الوحيد أفريقيًا، ويبقى تراكم الخبرة يزداد مع كل مشاركة! وأعتقد أن الأداء المشرف لم يعد يكفي، فالجاهزية وثقافة التتويج يعوزهما العرب والأفارقة.. هذا حلم إيتو.. وهو حلم مشروع لابن أفريقيا.. يرسم إيتو بأحلامه خارطة اللقاءات، بوصول المنتخبين الكاميروني والمغربي إلى المباراة النهائية.

آخر الكلام

عندما تحضر كرة القدم تتراجع الموضوعات الأخرى كلّها إلى الخلفيّة، تاركة المجال مفتوحاً على آخره للساحرة كي تمارس سحرها على عشاق ومجانين الكرة، في كل مكان من أول جزيرة تشرق عليها الشمس في اليابان إلى آخر طرف آلاسكا، لكن شمس الكرة في العالم ستشرق من الدوحة، لترخي خيوطها الذهبية، وتتحول إلى منارة شاهدة على إنجازات رائدة، قَلّ نظيرها، وكأس عالم فريدة شكلا ومضمونا.

إن كل هذه التحولات الكبرى التي تحققت، والاكتشافات العظيمة التي نرفل في نعيم نتائجها، قد بدأت بحلم، والحلم مفتاح النجاح، فلا يمكنك أن تغير شيئاً أو تحرك ساكناً، ما لم يخامرك شك ما، أو تساؤل معين، فتركض وراء فرضياته ومجاهيله لتفككها، وتفهمها، ومن ثم تعمل على تغييرها. والتغيير يحتاج إلى زمن، حيث لا شيء يتغير تحت سحابة النهار، لكن التغيير يحدث في النهاية بالجهد والعمل والإرادة، ويتحول الحلم الهدف إلى حقيقة.

ها هي قطر حولت الحلم إلى واقع وحقيقة بتنظيم أول كأس العالم، رغم تكالب عدة دول لتقويض عملها وجعلها تنسحب، لكن إيمانها الراسخ، وإيمانها بالتحدي بوأها النجاح، فمتى ستُحمل أول كأس عالم على أكتاف عربية أو أفريقية؟ متى يتحقق الحلم؟

شارك: