حلم جميل.. سيدات المغرب يكتبن التاريخ في بطولة أفريقيا
كان حضور المنتخب المغربي للسيدات في كرة القدم لافتًا خلال الأيام الماضية، بعد تمكنه من حجز بطاقة تأهله إلى النسخة القادمة من بطولة كأس العالم للسيدات، والتي ستُقام في أستراليا ونيوزيلندا العام المقبل 2023، ليغدو المغرب أول منتخب عربي يشارك في العرس العالمي.
وجاء الإنجاز المغربي بالتأهل للمونديال خلال بطولة كأس الأمم الأفريقية للسيدات، المُقامة في المغرب خلال الفترة من 2 إلى 23 يوليو/ تموز 2022، وذلك بعد الفوز على بوتسوانا بنتيجة 2-1، يوم الأربعاء 13 يوليو، والعبور إلى الدور نصف النهائي من المسابقة.
ولم يكن هذا التأهل لكأس العالم كافيًا بالنسبة إلى سيدات المغرب، حيث واصلن طريقهن بنجاح، وحققن المفاجأة بانتصارهن يوم الإثنين 18 يوليو في نصف النهائي على نيجيريا بنتيجة (5-4) في ركلات الترجيح، بعد نهاية الوقتين الأصلي والإضافي للقاء بالتعادل (1-1)، لتنطلق الأفراح في الشارع الرياضي المغربي، الذي اعتبر أن ما يحدث بمثابة حلم جميل صنعته "سيدات المغرب".
ويُعتبر المنتخب النيجيري للسيدات هو الأعرق في القارة السمراء، حيث حصد لقب كأس الأمم الأفريقية في 11 مناسبة، من أصل 13 نسخة أُقيمت فيها البطولة قبل نسخة 2022، فيما تمكن منتخب غينيا الاستوائية من الفوز باللقب مرتين؛ لذا فإن الانتصار المغربي على نيجيريا لم يكن يسيرًا على الإطلاق، حسب ما أشار إليه مراقبون.
ويسعى المنتخب المغربي للسيدات لتحقيق لقبه الأفريقي الأول من خلال نهائي البطولة أمام جنوب أفريقيا، أمسية السبت 23 يوليو، على مجمع "الأمير عبد الله" الرياضي في الرباط، لتأكيد التطور الكبير الذي عاشته كرة القدم النسائية في المغرب خلال السنوات الماضية.
خطوات مدروسة وراء تألق منتخب المغرب للسيدات
تألق المنتخب المغربي للسيدات لم يكن وليد الصدفة، بعد الخطة التي انتهجها الاتحاد المغربي لكرة القدم في الفترة الماضية من أجل تطوير كرة القدم النسوية في البلاد، والتي تضمنت مجموعة من الإجراءات والتدابير، انطلاقًا من بلورة رؤية تقنية جديدة شاركت فيها جميع الهيئات المعنية.
ومن بين الإجراءات المُشار إليها تقديم الدعم المباشر لأندية كرة القدم النسائية ولاعباتها في المغرب، وإعادة هيكلة البطولة الوطنية لكرة القدم للسيدات، مع خلق فئات شبابية في الأندية تحت 16 و17 عامًا، وإطلاق برامج لتطوير كرة القدم النسائية على المستوى المحلي.
كما تمت مراجعة هيكلة الأندية والبطولة الوطنية لكرة القدم النسائية، إضافة إلى مراجعة الجانب المالي المتعلق بتطوير كرة القدم النسائية ودعمها من قبل الاتحاد المغربي؛ لضمان التمويل الذي يُلبي الحاجيات، وضبط الحد الأدنى للأجور التي يضمنها الاتحاد المغربي للاعبات أندية كرة القدم.
وقبل عامين، أطلق الاتحاد المغربي، برئاسة فوزي لقجع، مشروعًا لتكوين 1000 مدربة و90 ألف ممارسة بحلول سنة 2024، حيث أعلن الاتحاد المحلي أن هناك استراتيجية وطنية لزيادة عدد ممارسات كرة القدم النسوية بـ3 أضعاف، وأكد أن هذا الأمر سيمثل منعطفًا في تاريخ كرة القدم النسوية الوطنية، وبداية عهد جديد من الاحتراف.
كذلك وقّع اتحاد الكرة المغربي على اتفاقية مع الرابطة الوطنية لكرة القدم النسائية، والمديرية التقنية الوطنية، بما يتضمن خطة إطلاق بطولة احترافية للدرجتين الأولى والثانية، وإنشاء بطولة وطنية تحت 17 و15 عامًا، وبطولات إقليمية للفئات الصغرى في جميع أنحاء البلاد، مع زيادة عدد اللاعبات وتزويدهن بعقود احترافية تضمن استقرارهن المالي.
وحسب تقارير صحفية مغربية، فإن هذه الاتفاقية سمحت لفِرق الدرجة الأولى في الدوري النسائي بالحصول على تمويل شهري من الاتحاد المغربي يصل إلى 130 ألف دولار أمريكي، ولفرق الدرجة الثانية بالحصول على تمويل شهري من الاتحاد يصل إلى 86 ألف دولار، وذلك بهدف المساعدة في دفع رواتب اللاعبات والطاقم الفني.
كل هذه الخطوات ساعدت كثيرًا في تطور الكرة النسائية بالمغرب، وجاء مردودها سريعًا بعد تأهل سيدات المغرب إلى نهائي كأس أمم أفريقيا 2022، وضمان الظهور في المونديال المقبل، في إنجازين لم يحققهما أي منتخب عربي من قبل.