حقيقة سقوط قادة الاتحاد في قبضة نيابة الفساد
الكاتب : حافظ محمد أحمد
مرت كرة القدم السودانية بعديد المنعطفات التي ساهمت في تراجعها وإقعادها لتحيد عن المسار الصحيح ويتراجع تصنيفها من مؤسس للاتحاد الإفريقي آواخر خمسينيات القرن الماضي لترتيب متراجع خلف منتخبات حديثة عهد بكرة القدم، المؤكد أن السبب الأساسي لا يخرج عن كونه إداريا بحتا، وليس ببعيد ما حدث في الدورتين الماضيتين لاتحاد كرة القدم السابق الذي فشل في إكمال موسمه الرياضي وتتويج الفائز بلقب الدوري الممتاز في الملعب بفريقين ونال المريخ لقب موسم (2015) دون أن يحضر الهلال للملعب وتكرر ذات المشهد في الموسم الذي يليه مع اختلاف فقط في هوية الفريق الثاني الذي لم يتواجد على أرضية ملعب الخرطوم وهو المريخ.
غياب التخطيط والإمكانات المالية الضعيفة ساهم بقدر وافر أيضا في تراجع اللعبة الشعبية الأولى في بلد يرزح تحت خط الفقر ويعاني على كل المستويات، غير أن الفساد وقضاياه كانت بعيدة تماما ولم تظهر مطلقا إلا في آخر عهد الاتحاد السابق الذي شهد أول قضية فساد طالت الأمين العام لاتحاد الكرة أسامة عطا المنان أحد أبرز قيادات الاتحاد الذي قاده الدكتور الصيدلاني معتصم جعفر غير أن عطان المنان خرج مرفوع الرأس بعد أن برأت المحكمة ذمته من قضايا فساد كانت قد وصلت ردهات المحاكم فعليا في سابقة وصفت بالتأريخية وقتها.
دولارات الإمارات وشرارة أزمة الفساد
تفاصيل قضية الفساد التي طالت مسؤولين بارزين باتحاد كرة القدم السوداني تعود شرارتها للثاني من نوفمبر في العام (2018) بدعوة من الاتحاد الإماراتي لكرة القدم بإقامة مباراة القمة بين المريخ و الهلال وهى المباراة التي شهدت شدا وجذبا جماهيريا برفض أنصار الفريقين لإقامة مباراة قبل بداية الموسم وقبل أن يخوضا اعدادا ودون تدريب واحد إلا على أرض الإمارات غير أن إغراء المال كان أكبر من أن يتمترس مجلس إدارة الفريقين واتحاد الكرة خلف رفض منطقي بعد أن سعوا نحو الدولارات التي فجرت القضية لاحقا وقادت عدد من قادة اتحاد كرة القدم نحو نيابة الفساد بعد أن قرر اتحاد الكرة شراء"4" سيارات فخمة بعائد المنحة المخصص للوفد وبلا مناقصات أو عطاءات تم شراء السيارات وتواصلت الملاحقات القضائية في فوارق إقامة بعثة ساوتومي الذي واجه المنتخب السوداني في تصفيات أمم إفريقيا, لتكون كبلاغ ثان، تلك القضية كان للصحافة السودانية دورا بارزا فيها بعد أضطلعت بدورها الرقابي وكشفت تفاصيلها لتتولى وزارة الشباب والرياضة مهمة فتح بلاغات في النيابة ويتم استدعاء المتورطين فيها وهم الدكتور حسن أبوجبل الأمين العام لاتحاد الكرة، نصر الدين حميدتي نائب رئيس اتحاد الكرة للشؤون المالية ووالدكتور أحمد حلمي المدير المالي للاتحاد بجانب يعقوب محمد علي مدير الشئون المالية الإدارية والخدمات باتحاد الكرة وعبد القادر عوض الأمين العام لاتحاد عطبرة وعضو اتحاد كرة القدم السوداني. وبعد تحرير "أمر قبض" في مواجهتهم تم اقتيادهم لردهات النيابة ومكثوا ساعات طويلة وتأخرت ردة فعل اتحاد الكرة للوقوف مع منسوبيه وهو ما فسره البعض بالصدمة التي لم تكن متوقعة لقادة الاتحاد قبل أن يتحركوا ويجتهدوا في إخراجهم من سرايا النيابة بالضمانة.
ردة فعل المتهمين..بعد التحقيق
وبعد خروجه من سريا النيابة وفي حديثه لموقع (win,win) قال نصر الدين حميدتي نائب رئيس اتحاد الكرة واحد أبرز المتهمين في القضية أنه تعامل بهدوء كامل وكشف تفاصيل ما حدث معه في جلسة التحقيق بنيابة الفساد وأشار إلى أن التحقيق شمل كل البلاغات الواردة للنيابة لافتا إلى أنه تعامل مع الأمر بصورة أكثر من عادية لأنه ليس لديه ما يخيفيه ولأنه يثق في سلامة موقفه ونوه حميدتي إلي أنه دافع عن نفسه في مواجهة الاتهامات المقدمة ضده المتمثلة في شراء سيارات بالدولارات لاتحاد كرة القدم إبان مباراة القمة بين المريخ والهلال التي جرت في احتفالات زايد، ولفت حميدتي إلى أنه كان يمتلك كل المستندات التي تؤكد سلامة موقفه لذلك قدم دفوعات ومستنداته مبينا أنه غير معني بقضية فروقات فاتورة الإقامة في أحد الفنادق بالعاصمة وأن الإجراء ورغم طبيعته المالية لكنه لم يمر عبره وبالتالي لم يتم التحري معه حول فروقات المبلغ.
وعلى الجانب الآخر لم يتحدث الأمين العام لاتحاد الكرة مطلقا وكعادته في القضايا المصيرية والمهمة التزم الصمت التام رافضا الحديث عن القضية وابعادها.
شداد مطلوب في نيابة الفساد
ولم تمر سوى ساعات على خروج قادة اتحاد الكرة من سرايا النيابة إلا أمر وكيل النيابة الأعلى لنيابة مكافحة الفساد باستدعاء الدكتور كمال شداد رئيس الاتحاد السوداني لكرة القدم لاستجوابه في التجاوزات المالية المنسوبة للاتحاد كما أمر بمخاطبة وزارة المالية الاتحادية وديوان المراجع العام عن مدى علمهما بواقعة شراء "4" سيارات للاتحاد كذلك أمر وكيل النيابة الأعلى باستدعاء ممثل الشركة التي اشترى منها الاتحاد السيارات وممثل الشركة التي تعاقد معها الاتحاد لتركيب كاميرات مراقبة في مقر الاتحاد وكان المستشار القانوني لوزارة الشباب والرياضة قد تقدم "الثلاثاء" باستئناف ضد قرار الإفراج عن المتهمين في القضية بالضمانة العادية.
عضو اللجنة القانونية باتحاد الكرة يوضح
وقال محمد سليمان حلفا عضو مجلس اتحاد الكرة وعضو اللجنة القانونية بالاتحاد في حديثه لموقع "win.win" أنهم لن يتستروا على أي فساد مؤمنا على أن الشفافية ينبغي أن تكون حاضرة في هكذا قضايا، لافتا إلى أن الأمر برمته أمام القضاء حاليا والتعاطف مع زملاءه لن يجدي فتيلا، كما أن تجريمهم قبل أن يقول القضاء كلمته فيه ظلم واضح مختتما أن الساعات القليلة القادمة ستكشف الجديد والمثير.
وزارة الرياضة تتوعد
لم تكتف وزارة الشباب والرياضة بالبلاغ الذي قدمته واردفت ذلك ببيان "الثلاثاء" أعلنت فيها أنها من تبنت فتح تلك البلاغات ضد الاتحاد في نيابة الفساد وتعهدت الوزارة بضرب أوكار الفساد بلا رحمة وذكرت في بيانها أن الوزارة ظلت تبذل مجهودا كبيرا ومتواصلا لمكافحة الفساد في مختلف المؤسسات والهيائات الشبابية وتأكيدا لتلك القيم واستمرار في جهود تفعيل دور الدولة الرقابي في مكافحة الفساد الإداري والمالي، وتابعت وزارة الشباب والرياضة في وقت سابق تقرير المراجع العام الذي كشف عن شبهات فساد مالي بالاتحاد العام لكرة القدم، وفتحت بلاغا لدى نيابة الفساد والمال العام تمت متابعته بشكل لصيق بواسطة الإدارة القانونية، وأكدت الوزارة في بيانها الصادر أن القضية في طور التقاضي والتحريات وطالبت بمشاركة المجتمع بمدها بمعلومات بما لا يؤثر على سير القضية مؤكدة أنها لن تتوانى في آداء دورها الرقابي على كل المؤسسات والهيئات والكشف عن بؤر الفساد ومواجهتها بالقانون بالتنسيق مع الأجهزة المختصة.
طلب رفع الحصانة من الوزيرة
وفي ردة فعل سريعة لبيان وزارة الشباب والرياضة شرع اتحاد كرة القدم السوداني في تقديم طلب للنائب العام برفع الحصانة عن وزيرة الشباب والرياضة ولاء البوشي توطئة لمقاضاتها وذلك بحسب ما ذكره اتحاد الكرة على موقعه الرسمي.ويري قانوني ضليع في الشئون الرياضية وقضاياها، فضل حجب اسمه أن جرأة وزارة الشباب والرياضة وتحركها بفتح بلاغات في نيابة الفساد ضد اتحاد الكرة إجراء سليم ومقنع، مبينا أن كرة القدم لم تكن تعرف تلك البلاغات ولا التقصي في الحقائق وقد تمر بعض القضايا التي تتعلق بالفساد دون محاسبة لعدم وجود رقيب أو ربما التستر لذلك لم تعرف الاتحادات المختلفة قضايا مماثلة إلا نادرا وهو أمر لا يتسق مع ما يحدث من تراجع وشراهة في العمل الإداري التطوعي بالاتحادات والذي يحتاج للصبر وكثير من المعاناة ولا يغري مطلقا في ظل ضغوطات مستمرة، مبينا أن الحديث عن قضية في ردهات المحاكم أمر صعب للغاية، غير أن تفاصيل القضية تشير إلى أن هناك فساد فعلي فضلا عن قوة الحجة المقدمة في البلاغ الذي تولته وزارة الشباب والرياضة متوقعا إدانة بعض قادة اتحاد الكرة، غير أن الأمر سيكون شخصيا بحت ولن يؤثر على كتلة الاتحاد أو موقفه بشكل عام وستطال العقوبة أفراد بعينهم.
القضية التي شغلت الرأي العام السوداني ستتوالى ردود أفعالها وقياسا بالإصرار على المضي قدما في القضية من وزارة الشباب والرياضة وفي آخر عام للدورة الحالية لاتحاد الكرة يتوقع أن تضع اتحاد الكرة تحت مجهر وفلترة جديدة لم تكن في الحسبان لتكون ثاني قضية للاتحادات السودانية في دوراتها المختلفة مع اختلاف التفاصيل وتشابه في التوقيت لكون قضية الاتحاد السابق جاءت مع اقتراب خواتيم دورته غير أن النهاية كانت سعيدة للاتحاد فيما ما تزال قضية الفساد التي تم اتهام الاتحاد فيها طور القضاء ليكون الشارع الرياضي السوداني منتظرا الفصل فيها ومعرفة ما ستؤول إليه أحداثها وهو ما ستكشفه الفترة القصيرة القادمة