حاتم الطرابلسي وجماهير الترجي.. حلقة جديدة من جدل لا ينتهي!
عاد المسلسل الجدلي بين حاتم الطرابلسي وجماهير الترجي الرياضي التونسي إلى الواجهة بقوة في الأيام الأخيرة، ولا سيما بعد تأهل فريق "الدم والذهب" إلى المباراة النهائية في مسابقة دوري أبطال أفريقيا لكرة القدم.
ونجح الترجي في بلوغ الدور النهائي للمسابقة الأهم على مستوى القارة السمراء للمرة التاسعة في تاريخه، بعد إزاحته منافسه القوي، ماميلودي صن داونز الجنوب أفريقي بالفوز عليه في قمتي نصف النهائي بين الذهاب والإياب، بذات النتيجة (1-0).
وسيواجه الترجي الذي توّج بلقب البطولة في 4 مرات سابقة (1994 و2011 و2018 و2019)، نظيره الأهلي حامل لقب نسخة العام الماضي وصاحب الرقم القياسي في التتويج بالمسابقة (11 مرة).
وسيُلعب النهائي القاري على مباراتين، إذ سيكون الذهاب بتاريخ 18 مايو/ أيار الجاري على ملعب "حمادي العقربي" برادس، في حين سيُجرى الإياب في الـ25 من الشهر ذاته على أرضية استاد القاهرة الدولي.
عودة قوية لصراع الطرابلسي مع جمهور الترجي
دخل الطرابلسي في معمعة جديدة مع جماهير الترجي ولكن هذه المرة بشكل غير مقصود، حيث وضع سؤال مفاجئ لمذيع قنوات beIN SPORTS محمد سعدون الكواري خلال استوديو التغطية المباشرة لمباريات دوري أبطال أوروبا، الدولي التونسي السابق، أمام واقع الإجابة بشكل مباشر وصريح عن هوية من سيشجعه في النهائي الأفريقي بين الترجي والأهلي، لتكون إجابة الأخير: "لا، لن أشجّع أحدًا".
ولئن لم يستعدّ حاتم الطرابلسي لإثارة الجدل عن قصد مع جماهير الترجي هذه المرة، إلا أنّ تصريحه أعاد تنشيط صراعه المحتدم مع جماهير النادي العريق، حيث عبّر نجم "نسور قرطاج" السابق في أكثر من مناسبة عن عدم مساندته للترجي في أي استحقاق قاري، ليعتبر المتابعون للشأن الرياضي ما حدث مؤخرًا، حلقة جديدة لمسلسل اللاعب مع جماهير "الأحمر والأصفر".
موقف حاتم الطرابلسي بين التأييد والرفض
وبعد حالة الجدل التي شهدت انتشارًا واسعًا في الشارع الرياضي التونسي، اتّخذ حاتم الطرابلسي قرار التفاعل مع ما يحدث من خلال بث مباشر له على منصاته الخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث شدّد محلل beIN SPORTS، على أنّ لا فريق يشجّعه باستثناء النادي الرياصي الصفاقسي، فريقه الأم، وأنه يستغرب الحملة التي أثيرت ضدّه، خاصة وأنه قرّر الالتزام بالمبدأ وكان واضحاً باختيار الوقوف على الحياد، ورافضاً ما وصفه بـ"الغطرسة والتعنّت" في فرض تشجيع فريق معيّن بشعار "الوطنية".
ولم يفوّت الطرابلسي الفرصة لتوجيه سهام النّقد لثلة من الصحفيين في الإعلام الرياضي التونسي، متّهمًا إياهم بأنّهم مسيّرون وليسوا مخيّرين حيث يتمّ التحكم بما يقولون من خلال "جهاز تحكم" حسب تعبيره.
المفاجئ في الموضوع أنّ موقف حاتم الطرابلسي لم يشهد نقدًا مضادًا جارفًا، حيث رأى عدد لا بأس به من المحللين وحتى المقربين من الترجي، أنّ حرية التعبير أمر مكفول، وثمّنوا صراحة نجم الصفاقسي السابق، معتبرين إياه "رجلاً حقيقيًا" ومواقفه لا تتغيّر بتغيّر الظروف، في حين رأى الأغلبية أنّ موقف الطرابلسي أمر يمسّ من "وطنيته" إذ يعتبرون مساندة أي فريق تونسي أمام أي فريق منافس خارج حدود المسابقات المحلية "أمر واجب"، وهو ما لا يراه الظهير الأيسر السابق لمنتخب تونس.
الجزيري في صف قائده السابق
في وقت نأى فيه أغلب نجوم الكرة التونسية بأنفسهم عن الدخول في هذا الصراع الدائر بين حاتم الطرابلسي وجماهير فريق "باب سويقة"، فإن زياد الجزيري هداف منتخب تونس السابق وأيقونة النجم الساحلي، أبى إلا اقتحام الحملة الجماهيرية بالوقوف في صف قائده السابق في المنتخب.
وفي تدخّل على موجات إحدى الإذاعات الخاصة، دافع الجزيري بشراسة عن زميله السابق، الذي توّج معه بلقب كأس أمم أفريقيا 2004 بتونس قائلاً: "من واجب جميع اللاعبين الذين عرفوا حاتم في الملاعب الدفاع عنه. هو لم يقل شيئًا خارجًا، ومن حقه التعبير عن رأيه طالما أنه لم يشكك في نجاحات الآخرين".
وتابع: أنا أرفض التحامل عليه، فهو شخصية من أنظف ما عرفت الكرة التونسية، لذلك أود أن نقول له إبأننا جميعًا في صفه وهو ليس وحيدًا فأنا معه قلبًا وقالبًا".
تاريخ من التصريحات النارية يُبطن صراعًا دفينًا
لا يعتبر الصراع بين حاتم الطرابلسي وجمهور الترجي جديدًا، فهو فصل جديد من مسلسل التصريحات النارية للنجم السابق للـ"سي.أس.أس" بحق الفريق العاصمي، حيث سبق له أن فجّر جدلًا كبيراً عندما وصف القائد السابق للترجي، خليل شمام، بأنّه "ليس لاعب كرة قدم"، لتنشأ إثر ذلك حرب كلامية بينه وبين والدة اللاعب المعتزل.
ثم استمرت المناوشات بين الطرفين، حين كتب "الغزال الأسمر" تدوينة إثر تتويج الترجي بلقب دوري أبطال أفريقيا 2018 على حساب الأهلي، جاء فيها: "لم أفرح بتتويج الترجي برابطة الأبطال.. وأنا حر".
وعلّق في وقت لاحق على الحملة الجماهيرية التي أثيرت ضدّه آنذاك، قائلاً: "إنجاز الترجي يهم فقط جماهير الترجي.. فماذا يريدون مني".
على جانب آخر، تعيد بعض التأويلات البعيدة عن اليقينية في مطلق الأحوال، أصل "العداوة" بين حاتم الطرابلسي، رفض إدارة الترجي التعاقد معه في سنوات سابقة بسبب مشكل طبّي، غير أنّ هذه الرواية لم تتأكد على لسان أي طرف، لذلك فإنّ التسليم بها يعدّ ضرباً من ضروب العبث، ولكن بالمقابل يتوجّه البعض لتحليل أكثر عقلانية، يتلخص في أنّ هيمنة الترجي على واقع الكرة التونسية يخلق بدوره العديد من الحساسيات باعتباره "مثالاً ناجحًا" بينه وبين بقية الأندية الغارقة في وحل الصعوبات والمكبّلة بقيود المشاكل، ليُفرض عليها واقع التقهقر قصرًا لا اختيارًا.