تحليل | موسيماني انتحر أمام الهلال ومارادونا المعتزل برازيلي
أكرم الهلال السعودي وفادة استقلال الإيراني بثلاثة أهداف دون مقابل في المباراة التي جرت بين الفريقين على ملعب "المملكة أرينا" ضمن مباريات الجولة الرابعة من دوري أبطال آسيا للنخبة.
ونجح الموج الأزرق في تحقيق الانتصار بفضل هاتريك من هدافه الصربي ألكسندر ميتروفيتش في الدقائق 15 و33 و74، ليحرز الانتصار الرابع على التوالي ويتصدر جدول ترتيب المجموعة الغربية رفقة مواطنه الأهلي.
موسيماني ينتحر
دخل المدير الفني لاستقلال بيتسو موسيماني المباراة بخط دفاعي خماسي. فكرة المدرب الجنوب أفريقي هي التحول لخط دفاع رباعي بصعود الظهير الأيمن رضايان ليكون جناحًا أيمن أو لاعبً حرًا في منتصف الملعب، واستمرار جايل كاكوتا على الرواق الأيمن.
الفكرة كادت أن تتحول إلى نجاح مبدئي كبير بعدما توغل رضايان إلى داخل منطقة جزاء الهلال دون رقابة ليتلقى عرضية بارعة من كاكوتا لكن رأسية صاحب الرقم 10 اصطدمت بالقائم وكلفت موسيماني التبديل الأول بعدما سقط رضايان مصابًا في كتفه.
لم يحد مدرب الأهلي وصن داونز السابق عن فكرته، فبعدما أخرج رضايان وقام بإعادة لاعب آخر بنزعة هجومية هو رأس الحربة محمد حسين إسلامي ليصبح الظهير الأيمن في أثناء الحالة الدفاعية ليشترك علي رضا كوشكي كرأس حربة.
الخطة كانت بمثابة انتحار لمدرب فريق العاصمة الإيرانية، فالجبهة اليمنى لاستقلال كانت مستباحة تمامًا، فمن هذا الذي يفكر في أن يضع لاعبين لا يجيدون الدفاع أمام أحد أهم مفاتيح خطورة الأزرق السعودي.
الهلال يهيمن
هنا جاء دور "الزعيم السعودي" ليأكلوا كتف الضيوف ولا بأس من الساقين كذلك! فجورجي جيسوس لم يعبأ بمحاولة موسيماني تحصين تلك الجبهة اليمنى له بلاعب إضافي، إذ إن الهلال لم يكتفِ بوجود رينان لودي –الذي تحول في الأسابيع الماضية ليكون أحد أهم مفاتيح لعب جيسوس- ومن أمامه سالم الدوسري، بل كان ميلينكوفيتش سافيتش أو حمدان أو كلاهما يميل باستمرار إلى تلك الجبهة لخلق زيادة عددية وتشتيت لاعبي الاستقلال.
لم يفكر جيسوس قط في أن تكون تلك الجبهة كلاسيكية، حيث الظهير والجناح وحدهما أمام غابة من اللاعبين، بل إن وصول لاعبي الوسط وربما ميتروفيتش كذلك كان عاملًا مساعدًا على اختراق تلك الجبهة، بل سحب عدد من لاعبي الاستقلال لإفساح مساحة لجواو كانسيلو ومالكوم عندما تصبح الجبهة اليسرى مغلقة.
هذا التشتيت كان عاملًا مساعدًا في تسجيل الهدف الأول بعدما سحب الدوسري إسلامي معه إلى عمق منطقة الجزاء ليتسلل ميتروفيتش من خلف فلاح دون تغطية عكسية ويسجل الهدف الأول.
سلمان الفرج بُعث من جديد
أما الهدف الثاني فلم يكن يحتاج سوى ظهير أيمن لا يجيد الدفاع بعد خطيئة موسيماني تجاه فريقه، ثم لتحرك ذكي من لودي والأهم لاعب أنيق اسمه ناصر الدوسري كل شيء فيه يذكرك بسلمان الفرج.
الدوسري أرسل تمريرة بديعة خلف الدفاعات للودي الذي مرر لميتروفيتش أمام المرمى ليسجل الهدف الثاني الحاسم إلى حدٍ كبير، لكنها لم تكن لقطة الدوسري الوحيدة، فقد برع كثيرًا في تناقل الكرات مع زملائه والسيطرة على وسط الملعب ونسق فريقه رغم قيامه بهذا الأمر وحده في بعض الأحيان مع صعود ميلينكوفيتش وحمدان للمزيد من الأدوار الهجومية.
لاعب الوسط الأعسر كان قادرًا على أن يمرر بدقة بعدما وصلت دقة تمريراته على صعوبة بعضها إلى 92% بعد 47 تمريرة صحيحة من أصل 51 من بينها 5 تمريرات طويلة صحيحة من أصل 6.
بل إن الدوسري نجح في كسب 7 صراعات ثنائية من أصل 10 خاضها، وإن كان لا يمكن نسيان الإشادة بميلينكوفيتش وحتى حمدان اللذين ساهما في استعادة الكثير من الكرات قبل خروج مرتدة الإيرانيين عن السيطرة.
قلبا دفاع من حديد
وسط سيطرة الهلال وإحكام قبضته بشكل كبير على المباراة كان الحل أمام فريق موسيماني في الكرات الطولية الأمامية المباشرة، لكن كان هذا الحل فاشلًا إلى حدٍ كبير مع تلك القوة الكبيرة التي تمتع بها كوليبالي وحسان تمبكتي اللذين منعا أي إمكانية لأن يكون أحد لاعبي الاستقلال بمثابة محطة لشن مرتدات خطيرة، فكسبا الكثير من الكرات لفريقهما وأقصى ما خرجا به من خسائر هي ضربات حرة للضيوف من أماكن غير مؤثرة.
استفاقة متأخرة ومارادونا المعتزل برازيلي!
الشوط الثاني وسط استمرار السيطرة الهلالية، كان الاستقلال يستفيق ويقاوم. المثير هو أن تلك الاستفاقة كاتت على يد لاعبين موجودين في الملعب وليسوا من الخارج، إذ تحول مستوى مشاريبوف لتأثير أكبر مع هذا التطور في مستوى ديدييه إندونغ الذي كان سريعًا قويًا يستغل مساحات الهلال الشاغرة في الوسط.
أما لماذا كانت تلك المساحات موجودة، فالواقع يقول إن الهلال تحول لشكل استعراضي أكثر مع مرور الوقت في الشوط الثاني. في البداية تخلص الفريق الأزرق من إحكام الحصار حول جبهته اليسرى عبر التمريرات المفاجئة المميزة من جانب سالم الدوسري إلى عمق الملعب لإخراج أكثر من لاعب يميل تجاه جبهة لودي، ومن ثم يحدث الترابط بين الدوسري وميلينكوفيتش وكذلك نيمار الذي دخل في الشوط الثاني.
لكن بعد عدة دقائق نجح فيها نيمار في مراوغة بديعة، بدا واضحًا أن البرازيلي بعيد كثيرًا عن الحضور البدني والذهني. مهارته موجودة بلا ريب لكن طريقة لعبه كانت تشبه مارادونا في المباريات الودية عقب اعتزاله. بالتأكيد ليس مطلوبًا منه تقديم مستوى قوي منذ البداية لكن هو مجرد تقييم آني لما رأيناه.
بخلاف ذلك كان الهلال هو الطرف الأفضل في غالبية المباراة واستحق الانتصار بوضوح تاركًا موسيماني يتساءل عما كان سيحدث إذا كانت كرة فريقه الخطيرة قد سجلت في بداية المباراة.