بيليه ومارادونا.. لأيهما أعطت كرة القدم مجدها؟

تاريخ النشر:
2022-12-30 01:43
أرشيفية- البرازيلي بيليه (يمين) برفقة الأرجنتيني (يسار) دييغو أرماندو مارادونا (Getty)
Source
المصدر
AFP
+ الخط -

وضعت كرة القدم أسطورتها البرازيلية بيليه، الراحل الخميس عن سن 82 عاماً، في مصاف العظماء، وفي تنافس غير قابل للحسم على لقب "الأعظم في التاريخ"، مع الساحر الآخر للمستديرة، الأرجنتيني دييغو أرماندو مارادونا؛ الذي توفي في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2020 عن عمر 60 عاما بسكتة قلبية.

وعلى الرغم من أن اللعبة الشعبية الأولى أنتجت في تاريخها الحديث مواهب فذة قادرة على المنافسة على لقب "الأعظم"، لاسيما الأرجنتيني ليونيل ميسي؛ المتوج أخيراً بلقب مونديال قطر 2022، إلا أن بيليه ومارادونا حظيا بشهرة تاريخية امتدت لفترة عقود. وفي ما يأتي أربعة أوجه أساسية للمقارنة بينهما:

تتويج ثلاثي لبيليه وآخر لمارادونا

شارك بيليه في أربع نهائيات من كأس العالم مابين 1958 و1970، وما يزال حتى الآن اللاعب الوحيد الذي توّج باللقب ثلاث مرات أعوام 1958، 1962 (حين غاب عن غالبية المباريات بعد تعرضه لإصابة مبكرة) و1970.

أتى التتويج الأول في السويد وبيليه لمّا يزل في السابعة عشرة من العمر، وحقق يومها إنجازا تاريخيا حين أصبح أول مراهق يسجل في مباراة نهائية من كأس العالم، وبقي منفردا بذلك إلى نهائي مونديال روسيا 2018 في حين انضم إليه الفرنسي كيليان مبابي. وسجل البرازيلي ستة أهداف في موندياله الأول، اثنان منها في النهائي وهاتريك في نصف النهائي.

بعد أربعة أعوام، رفع الكأس مجددا على رغم مساهمته المحدودة بعد إصابته في المباراة الثانية من النهائيات، وبعد الخروج المخيب من مونديال إنجلترا عام 1966، عاد بيليه بقوة في نسخة المكسيك عام 1970 وقاد بلاده للتتويج باللقب الثالث.

أما مارادونا، الذي ولد في عام 1960 (أي يصغر بيليه بعشرين عامًا)، فغاب عن التشكيلة الأرجنتينية التي رفعت كأس العالم للمرة الأولى في تاريخها في مونديال 1978 على أرضها. وحضر في مونديال إسبانيا 1982، ولكنه تلقى بطاقة حمراء في الخسارة أمام البرازيل 1-3 في الدور الثاني (المرحلة الأخيرة قبل نصف النهائي بحسب نظام البطولة يومها).

طبع مارادونا مونديال المكسيك 1986 باسمه دون منازع لأسباب مختلفة، أبرزها قيادته الأرجنتين إلى لقبها العالمي الثاني بعد مباريات قدم فيها لمحات لا تمحى من ذاكرة مشجعي اللعبة. ولعلّ المباراة الأبرز التي ستبقى عالقة في الأذهان، لقاء ربع النهائي أمام منتخب إنجليزي كان يضم في صفوفه يومها هداف المونديال غاري لينيكر.

في 22 يونيو/ حزيران 1986، منح مارادونا منتخب بلاده الفوز 2-1 بهدفين خالدين؛ الأول في الدقيقة (51) بلمسة يد واضحة لم يحتسبها الحكم، ووصفها اللاعب الأرجنتيني بعد ذلك بأنها كانت "يد الله"، والثاني في الدقيقة (55) إثر مجهود فردي مذهل من منتصف الملعب تخطى خلاله أكثر من لاعب إنجليزي والحارس بيتر شيلتون، قبل أن يودع الكرة في المرمى مسجلا هدفا يعتبره العديد من النقاد الأجمل في التاريخ الحديث بالنسبة للعبة.

سجل هدفي الفوز على بلجيكا في نصف النهائي (2-0). وعلى الرغم من أنه صام عن التهديف في النهائي ضد ألمانيا الغربية (3-2)، فقد منح التمريرة الحاسمة لهدف الفوز الذي سجله خورخي بوروتشاغا (84).

 الرقم 10 والرقم 10 

ارتدى اللاعبان القميص رقم 10 الذي يحمل رمزية كبيرة في فرق كرة القدم: بيليه ما بين 1956 و1977، ومارادونا ما بين 1976 و1997.

غالبا ما نظر إلى دور بيليه في الملعب كـ "الرقم 9 ونصف"، مع غزارة تهديفية وصلت إلى 1281 هدفا في 1363 مباراة (بحسب إحصاءات الاتحاد الدولي للعبة فيفا)، وتتوزع بين فريقين دافع عن ألوانهما، أي سانتوس البرازيلي ونيويورك كوزموس الأمريكي، ومنتخب "السيليساو" الذي خاض معه 92 مباراة، وما يزال هدافه التاريخي ب 77 هدفاً بالتساوي مع النجم الحالي نيمار.

أما مارادونا فكان ينظر إليه بأنه أكثر صانع للألعاب مع تمتعه بالحرية فهو يختال بين المدافعين كما يشاء، وقد سجل خلال مسيرته 345 هدفا في 692 مباراة.

قدوة ومشاغب 

عرف بيليه ناديين فقط خلال مسيرته الطويلة؛ سانتوس ما بين عامي 1956و1974 ونيويورك كوزموس ما بين عامي 1975 و1977، وكان ينظر إليه دائما كبطل ملتزم، ورجل محترم، وقدوة في عالم اللعبة لم تلوث مسيرته الكروية أي فضيحة تذكر.

أما مارادونا، ابن البلاد التي أنجبت تشي غيفارا، فقد كان الطفل المشاغب على المستطيل الأخضر وخارجه؛ وقد تنقل بين ستة أندية، ونال بطاقة حمراء في مونديال 1982، وطرد من المنتخب خلال مونديال الولايات المتحدة 1994 بعد فشله في فحص المنشطات، وعانى من إدمان تعاطي الكوكايين.

برازيلي وأرجنتيني

جانب آخر من الندية بين اللاعبين يعود إلى انتمائهما الأمريكي الجنوبي، والصراع على الموقع بين البرازيل والأرجنتين، ولم تكن العلاقة بينهما في أفضل أحوالها، وزاد الطين بلة فيها تصريحات وتصرفات من الطرفين، وأيضا من مشجعي كل منهما.

بيليه المكرّم بمتحف يحمل اسمه في البرازيل، سبق له أن اعتبر أن مارادونا لا يشكل مثالا يحتذى بالنسبة للأطفال العاشقين للعبة، لاسيما على خلفية مشاكله الدائمة مع المخدرات.

مارادونا في المقابل، سخر بشكل علني من السقوط المذل للبرازيل على أرضها في نصف نهائي مونديال البرازيل عام 2014 بنتيجة 1-7 أمام ألمانيا.

كرة القدم ودعت مارادونا عام 2020 وبيليه عام 2022

وردّ المشجعون البرازيليون بأهازيج قارنوا فيها بين بيليه "الذي سجل ألف هدف" ومارادونا "الذي يشمّ (الكوكايين)"، وسألوا خلالها الأرجنتينيين عن شعورهم بأن يكونوا متوجين بكأسين فقط، أي أنهم "أقل بلقب من بيليه".

وكان تعليق بيليه الأبرز بعد وفاة مارادونا "ذات يوم، بقوله آمل أن نلعب كرة القدم سويًا في السماء". وبعدها بأسبوع، وجّه له رسالة جاء فيها "تميّزت رحلتك بالصدق. وكنت دائما واضحا. وبطريقتك الفريدة والمميّزة، علمتنا أن علينا أن نحب ونقول "أحبك" في كثير من الأحيان (...) ورحيلك السريع لم يسمح لي أن أقول ذلك لك، لذلك سوف أكتب فقط: أحبك، دييغو".

شارك: