بيليه ارتقى بكرة القدم في أمريكا الشمالية مع نادي كوزموس
"إذا ذهبت إلى ريال أو يوفنتوس، ستفوز من دون شك بلقب دوري آخر. إذا جئت إلى نيويورك، سيكون هناك بلد بأكمله تحت قدميك". بهذه الكلمات أغرى مالك نيويورك كوزموس الأمريكي، كلايف توي، أسطورة البرازيل بيليه للانضمام إلى فريقه.
ولم يكن القرار الذي اتخذه البرازيلي في تلك الفترة خاطئا على الإطلاق؛ إذ انتقل من شبه اعتزال مع فريقه الأبدي سانتوس إلى مكانة عزز بها أسطورته خلال الفترة التي أمضاها مع كوزموس بين 1975 و1977، وارتقى باللعبة في بلاد العم سام إلى مستوى من الشعبية لم يسبق له مثيل منذ ذلك الحين.
كان بيليه في الـ34 من عمره عندما اتصلت به إدارة نيويورك كوزموس، لإقناعه بالانضمام إلى فريقها عوضاً عن الاكتفاء بخوض حفنة من المباريات مع سانتوس، مقدما له عرضا سخيا جدا بلغ بين 3 و5 ملايين دولار بعقد لمدة ثلاثة مواسم.
حساب نادي كوزموس ينعي عائلة بيليه
قبل أن يحل بيليه في دوري شمال أمريكا "إن إي إس إل"، كانت الـ"سوكر"، كما يطلق على كرة القدم في أمريكا الشمالية، لعبة مهمشة تقام مبارياتها بمدرجات شبه خالية وبفرق نصف محترفة.
لكن كان هناك رجل خلف كوزموس بشخص ستيف روس، مؤسسة شرك "وورنر" للإنتاج السينمائي وتسجيل الأسطوانات والمعلوماتية.
طوّر شغفه بكرة القدم وأحلامه بتأسيس بطولة كرة قدم منافسة لبطولتي كرة القدم الأمريكية (إن إف إل) والبيسبول (إم إل بي) اللتين كانتا ولا تزالان الأكثر شعبية في البلاد.
كسر حالة اللامبالاة وحتى الكراهية
في الفيلم الوثائقي "مرّة واحدة في العمر" المخصص لملحمة كوزموس خلال حقبة بيليه، قال توي: "كان هناك لاعب واحد فقط في العالم قادر على كسر اللامبالاة العميقة، حتى الكراهية تجاه كرة القدم في الولايات المتحدة هو بيليه".
وما إن حلّ في الولايات المتحدة، حتى أثار بطل العالم ثلاث مرات، الذي قُدِّمَ كأفضل لاعب في التاريخ، إعجاب زملائه في الفريق، وبدأ عدد المتفرجين يتزايد لمشاهدة براعته الفنية وجاذبيته في مباريات كوزموس.
لكن كان على مشجعي كوزموس الانتظار حتى موسم 1977، ووصول البرازيلي الآخر كارلوس ألبرتو و"القيصر" الألماني فرانتس بكنباور للفوز باللقب الغالي.
لكن في غضون ذلك، حقّق "الملك" بيليه الذي سجل 31 هدفا في 56 مباراة خاضها في الدوري الأمريكي، ما كان بمثابة حلم: كرة القدم تجذب الجماهير وتغريها.
إذ ارتفع عدد الجمهور في مباريات كوزموس 3 أضعاف من 1974 إلى 1975، ثم من 1975 إلى 1977، واضطر إلى الانتقال إلى ملعب "يانكيز"، ثم إلى ملعب "جاينتس" الذي يتسع لـ70 ألف مقعد.
في نيويورك، عزّز بيليه أسطورته أيضا كلعوب خارج المستطيل الأخضر بعشقه للسهر.
فكل يوم إثنين، كان لاعبو كوزموس يتوجهون بسيارة الليموزين برفقة عارضات إلى "ستوديو 54"، الملهى الليلي العصري؛ حيث كانوا يحتفلون حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي مع ميك جاغر وروبرت ريدفورد وممثلين أو فنانين أو سياسيين.
بعد عودة بيليه إلى البرازيل، عاش الدوري الأمريكي موسمين جيدين آخرين، قبل أن ينهار؛ بسبب فشل صفقات حقوق البث التلفزيوني المباشر وخيبات أمل العديد من الفرق التي أرادت تقليد كوزموس من خلال التعاقد مع نجوم كبار آخرين في نهاية مسيرتهم الكروية؛ مثل الهولندي يوهان كرويف أو الإيرلندي الشمالي جورج بست.
وبعدما غاب عن الأضواء منذ عام 1985، عاد كوزموس من بين "الأنقاض" في 2010، وكان بيليه موجودا للإعلان عن العودة. ولعب الفريق في دوري أُطلق عليه اسم "إن إي إس إل"، واعتبر في المستوى الثاني بعد "إم إل إس".
وفي محاولة لاستعادة شيء من أمجاد الماضي، عيّن كوزموس النجم الفرنسي السابق، إريك كانتونا، لفترة وجيزة مديرا رياضيا، ثم تعاقد في 2015 مع نجم كبير بشخص المهاجم الإسباني راؤول غونزاليس.
أحرز كوزموس ثلاثة ألقاب في 2013 و2015 و2016، لكن "إن إي إس إل" اختفت عام 2018، وبات النادي يشارك في دوري المستوى الرابع الأمريكي.