بونو والنصيري يعيدان ذاكرة الفتح الإسلامي للأندلس

تحديثات مباشرة
Off
تاريخ النشر:
2023-06-05 15:34
-
آخر تعديل:
2023-06-05 17:47
يوسف النصيري نجم المنتخب المغربي ونادي إشبيلية الإسباني (Getty)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

الأزمنة والأمكنة والبشر.. ثلاثية حياة تصنع التاريخ وتشكل عصب الماضي والمستقبل واللحظة الراهنة، فحنين البشر إلى المدن والأزمان القديمة لا يخمد، فلكل مدينة تاريخها وتواريخها وأبطالها وأماكنها التي شهدت العديد من الأحداث على مر الأزمان، ورغم كبر واتساع المدن الآن وعمليات التغيير والتطوير التي طرأت عليها، فإن هناك دومًا ما يحمل عبقها القديم وملامحها الأصيلة وذكرياتها التليدة، هنا جولة في ربوع المدن والحواضر الإسلامية، حيث أنفاس التاريخ تمتزج مع أنفاس البشر.

فها هو بونو ومواطنه النصيري أحييا الذاكرة العربية بعبق قديم، وأعادانا للنبش في تاريخ العرب بالأندلس وكلنا فخر، فأكبر فتح إسلامي على الإطلاق هو الذي تمكن خلاله المسلمون من عبور البحر المتوسط انطلاقًا من المغرب والدخول إلى الأندلس.

عندما دخل المسلمون إلى الأندلس قبيل نهاية القرن الهجري الأول، كانت إشبيلية مجرد مدينة صغيرة، وقبل أن تسقط المدينة في أيدي ملوك قشتالة من نصارى إسبانيا كانت إشبيلية قد أصبحت واحدة من أكبر وأشهر مدن القارة الأوروبية.

فقد بات حارس المرمى المغربي ياسين بونو ومواطنه المهاجم يوسف النصيري أول لاعبين عربيين يتوجان بلقبين قاريين بعدما أسهما في فوز إشبيلية بلقب الدوري الأوروبي للمرة الثانية، وكأنهما يعيدان لنا ذاكرة الشموخ العربي أيام الفتوحات الأندلسية.

هذا هو اللقب الثاني للنجمين المغربيين العربيين، وهو امتداد للتألق مع المنتخب المغربي، في مونديال قطر التاريخي، بعد وصوله إلى نصف النهائي وحل رابعًا على العالم.

فيما أكد فريقهما الأندلسي أنه ملك المسابقة بلقب سابع فيها، في سابع مباراة نهائية، وهذا لم ينطلق من فراغ بل من طموح ومفتاح وصراع جعل إشبيلية تتربع على عرش أوروبا، وكان للاعبين المغربيين الدور الرئيسي في ذلك.

يمكن أن نقبل ضعف مستوى اللاعبين، وملل المباريات، وركاكة الجانب الفني والتكتيكي، لكن الخروج عن النص لا مكان له في الملاعب برمتها، ولا نريد رؤيته أبداً، ومرفوض بتاتاً، فبعدما حرم إشبيلية المدرب مورينيو الظفر باللقب القاري السادس في سادس مباراة نهائية؛ لكن رغم شعور كثيرين من المشجعين بالتعاطف، إلا أنه أسقط مجدداً قناع الرزانة والكبرياء، ليظهر بمظهر الفاقد للكرامة وللحس الرياضي، لأن مجده الشخصي تحطم، متهماً الحكم الإنجليزي أندي تايلر بأنه السبب، وطبعاً لن يكون تكتيكه البائد والعقلية الدفاعية في تحضير لاعبيه لخوض المباراة أمام فريق عادي عانى كثيراً هذا الموسم في الدوري الإسباني، وسيكون هناك الآلاف من عشاق «مورينيو» مستعدين للدفاع عنه، وإيجاد الأعذار له بدل كشف الحقيقة وانتقاده بشكل بناء والاعتراف بأن أساليبه الكروية صارت متجاوزة، والأدهى أن «السبيشال وان»، وهو اللقب الذي يلقب به نفسه، كان يدافع طيلة المباراة أمام إشبيلية، لكنه كان يهاجم بضراوة في المؤتمر الصحفي بعد المباراة بل ادعى أنه وفريقه خسرا المباراة؛ لكنهما احتفظا بكرامتهما.

طبعاً هذا كان في المؤتمر الصحفي أمام أعين الكاميرات والصحفيين، لكن بمجرد انتهاء هذا المؤتمر، نزع رداء المدرب وأسقط قناعه، وتحول لرجل آخر، متعجرف فلاحق الحكم إلى موقف السيارات وانتظره قبل ركوب حافلته ليقذفه بسيل من الكلمات المهينة بكل اللغات التي يتقنها، ليؤجج الكراهية اتجاهه، ما قاد العشرات من أنصار نادي روما إلى انتظار الحكم الإنجليزي المصحوب بعائلته، في المطار لتبدأ حفلة جديدة من اللعن والشتم وقذف الكراسي وقارورات المياه على رأس من كان في محيط تايلر وعائلته الذي سارع إلى دخول غرفة خاصة، وكأننا أمام مدرب يمارس في إحدى أندية الهواة من الدرجة السادسة، يؤجج الوضع ويتوارى عن الأنظار.

لا شيء يؤلم أكثر من سقوط قناع ظنناه يوماً وجهاً حقيقياً، فالهجوم على حكام اللقاء لم يكن ليحدث لولا إصرار مورينيو على أن الحكم تغاضى عن ركلة جزاء، أصلا كانت «كرة إلى يد» وليست العكس، أو تغاضيه عن منح بطاقة صفراء للاعب "لاميلا" كانت قد تصبح حمراء، علماً أن لاعبيه حصلوا على سبع منها، وست بطاقات للاعبي إشبيلية في مباراة اشتهرت بخشونتها المفرطة، أكثر من أي فنيات أخرى، بل كانت مباراة تقليدية لفريق يدربه مورينيو، ومع ذلك وضع مورينيو كل اللوم على الحكم، ولا شيء عليه هو.

 لكن لا غبار على ادِّعاء هذا المدرب الزئبق، فهو يعرف ماذا يقول للصحفيين، من عشق لأنديته ولجماهيرها، وهو في الحقيقة لا يعشق سوى مجده الشخصي، وفي حين انطلى ما جرى هذا الموسم على روما؛ فإنه لم ينطلِ على دانييل ليفي، رئيس نادي توتنهام، قبل عامين، الذي أقاله قبل المباراة النهائية لكأس المحترفين بستة أيام، لأن المدرب البرتغالي آثر إراحة نجومه في مباريات الدوري، حيث كان الفريق يصارع للحصول على المركز الرابع، والذي يعني التأهل إلى دوري الأبطال وحل مشكلة مادية كان النادي بأمس الحاجة لها عقب جائحة كورونا، لأن مورينيو ببساطة كان يبحث عن مجده الشخصي وليس عن مصلحة النادي.

لكن في روما فإنهم عشقوه بصورة عمياء وصدقوا ما قاله، حتى عندما أنفق 130 مليون يورو في انتقالات الموسم الماضي، وهو المبلع الأعلى بين كل الأندية الإيطالية، لكن مركزه لم يتحسن في الدوري سوى مركز (من السابع إلى السادس) ، وحتى هذا الموسم، ورغم تبجحه بعدم صرف سوى سبعة ملايين يورو، عقد خمس صفقات مجانية مع مخضرمين أمثال ديبالا وفينالدوم ويورينتي وبيلوتي وماتيتش، كلفوا خزينة النادي الكثير بالرواتب والعمولات، وهو يقبع في المركز السادس، وضحى بفرص روما في دوري الأبطال بفقدانه فرصة الفوز في الدوري في آخر سبع مباريات، قبل خوض نصف نهائي ونهائي الدوري الأوروبي، بحثاً عن المجد الشخصي.

والجنون الذي قد يصيبنا جميعا حينما أثار جوزيه مورينيو الجدل، مثل عادته، ولكن هذه المرة بسبب مباراة للأطفال، حضرها وأثار سخط الحاضرين فيها بسبب تصرفاته، وكان المدرب البرتغالي بين الحضور في مباراة تحت سن 14 عامًا، بين قطبي العاصمة الإيطالية، روما ولاتسيو، لتشجيع أطفال نادي روما، الذي يدرب فريقه الأول، وقام بتصرفات غريبة خلال "مباراة الصغار"، بدأت بإطلاقه لصافرات استهجان تجاه لاعب لاتسيو البالغ من العمر 13 عامًا، خلال تنفيذه ركلة جزاء، تخيلوا معي مورينيو ذا 60 ربيعًا يستهجن طفلًا!

كما اتهم مورينيو بعدها بحديثه مع “براعم” فريق روما، حين حثهم على ادعاء الإصابة والتمثيل لإضاعة الوقت، عند التقدم بالنتيجة، ودخل في مواجهة مع مدرب لاتسيو للبراعم بسبب تصرفاته التي أصابت الجميع بالذهول.

لأن وصول مثل هذه المشاهد إلى المراحل السنية يعني أن مورينيو قد دق آخر مسمار في نعشه التدريبي، وأكد أنه مصاب بجنون العظمة.

شارك: