بنزيما ورونالدو واللاحقون.. وعروض لا ترفض
هناك عروض من الصعب جدًا على المرء رفضها، والعرض الذي قدمه نادي اتحاد جدة السعودي لكرة القدم إلى نجم ريال مدريد، المهاجم الفرنسي كريم بنزيما، كان مغريًا للغاية وخياليًا لكي لا يقبل، هكذا فعل البرتغالي كريستيانو رونالدو وانضم إلى صفوف نادي النصر، وعلى غرارهما سيمضي، على الأرجح وقريبًا، عدد آخر من نجوم الدوريات الأوروبية ومن بينهم، إن تمت الصفقات على ما يرام، ليونيل ميسي ولوكا مودريتش وسيرجيو راموس وجوردي ألبا وسيرخيو بوسكيتس وغيرهم من النجوم الكبار.
كوكبة من أشهر اللاعبين العالميين شارفوا على نهاية مشوارهم الكروي تجذبهم إغراءات مالية ضخمة تعدهم بما يمكن وصفه بـ "تقاعد ذهبي" تعجز أغنى الأندية الأوروبية والعالمية وأعرقها عن توفيره لهم، خاصة بعد أن نضبت تمويلاتها مثلما نضبت أموال نظرائها في الولايات المتحدة والصين واليابان.
استجاب رونالدو لبريق 400 مليون يورو لمدة موسمين، وميسي يدرس جديًا صفقةً تقارب المليار، وقبل بنزيما بعقد قدره 200 مليون يورو معفى من الضرائب لموسمين وقابل للتمديد لموسم ثالث، هذا عدا ما سيتقاضونه من مستحقات مالية ضخمة مقابل ترويجهم للسياحة والرياضة في البلاد.
فهل كان في وسع النجم الفرنسي والهداف التاريخي الثاني لريال مدريد، بعد رونالدو، برصيد 354 هدفًا بعد 648 مباراةً والفائز في 25 لقبًا إسبانيًا وأوروبيًا وعالميًا وبالكرة الذهبية لعام 2022، أن يرفض، وهو في الخامسة والثلاثين من عمره، هذا المبلغ الذي يوازي أو يفوق بقليل ثلاثة أضعاف مرتب كيليان مبابي نجم المنتخب الفرنسي ونادي باريس سان جيرمان، علمًا أن عقد بنزيما الأخير مع النادي الملكي يبلغ 13 مليون يورو سنويًا أي ما يعادل 8 ملايين يورو بعد خصم الضرائب.
في المقابل تستفيد السعودية من خلال رسم صورة لامعة لكرة القدم في المملكة عبر رصد أموال ضخمة وتشجيع أنديتها ومساعدتها على استقطاب كبار نجوم المستديرة في تحقيق عدة أهداف أخرى.
ولقد بات من نافلة القول إن السعودية اختارت دعم رياضة كرة القدم كأحد روافد تعزيز "قوتها الناعمة" واحتلال مكانة سياسية واقتصادية بارزة في الساحة الدولية وتلميع صورتها عالميًا؛ وهي باستقطابها لهؤلاء النجوم تبتغي، أيضًا، الترويج للسياحة والتشجيع على إيجاد فرص ومجالات أخرى لتنويع مصادر الدخل، والعمل على الفوز بتنظيم مونديال 2030 أو مونديال 2034.
هذا التماشي مفيد لتحقيق هذه الأهداف، وفي اعتقادي أنه لا بد لبلوغ الغايات المنشودة في المستقبل المنظور من التفكير جديًا -ومن الآن- في استقطاب نجوم شبان مثل كيليان مبابي وإيرلينغ هالاند وغيرهما ممن تتنافس على التعاقد معهم خلال هذا الميركاتو الصيفي أكبر الأندية الأوروبية، وليس الاكتفاء فقط بمن هم على أبواب "التقاعد".