بعد أحداث ملعب رادس:عنف الملاعب صفحة سوداء في الكرة التونسية
تواصلت ظاهرة الشغب في الملاعب التونسية في السنوات الأخيرة لدرجة مثيرة للقلق في الوسط الرياضي و خارجه، و لا يكاد يخلو أسبوع دون حدوث كوارث وخسائر مادية وبشرية في هذا الملعب الرياضي أو ذاك، وفي شتى مناطق البلاد بدون استثناء، ولدى جماهير مختلف الأندية، و في مختلف درجات الدوري.
وعرفت مباراة الأفريقي و الصفاقسي في الكلاسيكو التقليدي أمس الأحد أحداثا مؤسفة، شارك فيها بعض اللاعبين الذين احتكوا ببعض المشجعين رغم أن المباراة تقام دون حضور الجماهير .وسجلت كاميرا التلفزيون التونسي مشادات حادة، وعنف وتراشق بالتهم استدعى تدخل رجال الأمن في محاولة للسيطرة على الوضع.
وعلق مكرم العبروقي مرافق فرع كرة القدم بالنادي الأفريقي على هذه الأحداث قائلا :"ستبقى علاقتنا بالنادي الصفاقسي طيبة رغم هذه الأحداث"، واتهم العبروقي أطرافا خارجية بتأجيج الموقف.
وأظهرت الصور حارس النادي الصفاقسي أيمن دحمان وهو يخرج تحت حماية رجال الأمن. واستهدف الحارس من بعض مشجعي الأفريقي لما بدر منه من عبارات اعتبرت مسيئة للنادي. وسوف يناقش اتحاد الكرة التونسي مجريات هذه الأحداث ويتخذ ما يراه مناسبا من عقوبات في حق الأشخاص المذنبين سواء كانوا لاعبين أو مسؤولين .
و لعل ما حدث من تبادل للعنف و سيطرة الفوضى بعد المباراة التي جمعت يوم أمس الأحد بين النادي الأفريقي ونظيره النادي الصفاقسي على أرضية ملعب رادس، يندرج ضمن صور كثيرة يحتفظ بها تاريخ أحداث العنف التي عرفتها الملاعب التونسية، و التي ستظل حتما عالقة بأذهان الجمهور الرياضي نظرا لتجاوزها كل الخطوط الحمراء في احترام الروح الرياضية.
في التقرير التالي يستعرض موقع winwin أكثر الأحداث المأساوية التي عرفتها كرة تونس منذ السبعينات وحتى اليوم:
نهائي كأس تونس 1971 الشرارة الأولى
يعبتر نهائي كأس تونس لسنة 1971 الذي جمع الترجي التونسي بالنادي الرياضي الصفاقسي من بين الأشهر في تاريخ شغب الملاعب إلى يومنا هذا في تونس، ليس للعروض الكروية الكبيرة التي قدمت، أو لنتيجة اللقاء النهائية، و إنما بسبب أحداث الشغب والشغب الذي وقع في ملعب الأولمبي بالمنزه في العاصمة التونسية، و أيضا للقرارت التاريخية التي وقع اتخاذها أنذاك، و التي وصلت لحل فريق الترجي و إنهاء وتجميد نشاطه قبل أن تقرر الحكومة إعادة الفريق لاستئناف نشاطه في الموسم الموالي.
تجميد نشاط النجم الساحلي في عام 1962
عرفت مدينة سوسة أحداثا عنيفة وشغبا عقب مباراة النجم الساحلي والترجي في موسم 1962، وقام مشجعو النجم في ذلك الوقت بملعب محمد معروف الترابي بأعمال عنف أدت إلى تسليط عقوبة تجميد النجم الساحلي وحله لمدة موسم كامل.
سقوط ضحايا في ملعب باجة
حصلت اشتباكات خطيرة، و تبادل للعنف، و سيطرة للفوضى خلال مباراة الأولمبي الباجي و الترجي التونسي سنة 1999 في مسابقة كأس تونس، أسفرت عن وفاة 3 مشجعين من فريق الأولمبي الباجي، و تجاوز عدد المصابين 18 شخصا، واتهمت أنذاك أطراف كثيرة فيما حدث، منها الرئيس السابق للترجي سليم شيبوب الذي رفعت شكوى ضده من قبل بعض مشجعي الأولمبي الباجي، بعد أكثر من 20 سنة من تاريخ المباراة بتهمة التحريض على القتل.
استفحال ظاهرة الشغب بعد الثورة التونسية
ارتفعت حدة الشغب في ملاعب كرة القدم التونسية بشكل جنوني خاصة خلال السنوات القليلة الماضية، بعد قيام الثورة التونسية عام 2011، وأرجع الباحث في علم الاجتماع معاذ بنصير في حديثه لـwinwin عن شغب الملاعب، تفشي هذه الظاهرة لعدة أسباب: " جيل ما بعد الثورة عاش الفراغ بشتى أنواعه: النفسي، الاجتماعي و التربوي وأصبح يتصف بالتمرّد وعدم الخضوع، و لا يستطيع أي تنظيم أو مؤسسة أن تستقطبه أو تساعده بهذا الشكل".
و بحسب بن نصير فإن دور العائلة ضروري لمزيد من التوجيه والتوعية كما أن المؤسسة التربوية و بالذات المدرسة يجب أن تعود إلى سالف عهدها عندما كانت تلعب دورا محوريا في بناء شخصية الطفل أو الشاب.
أحداث عنف واشتباكات بمباراة الصفاقسي والأفريقي التي انتهت بالتعادل السلبي بدون أهداف pic.twitter.com/NivRp2jQ9l
— التيار الأخضر (@tide_green) March 7, 2021
و من بين أبرز أحداث العنف التي عرفتها الملاعب التونسية بعد الثورة نذكر أحداث صائفة 2012 في مباراة قارية بين النجم و الترجي، عندما اجتاح عدد من أنصار النجم الساحلي أرضية الملعب الأولمبي بسوسة خلال مباراة فريقهم مع الترجي ضمن دور مجموعات دوري أبطال أفريقيا، وهو ما تسبب في توقف المباراة بقرار من الحكم قبل 20 دقيقة من صافرة نهايتها وفريق الترجي متقدم حينها بهدفين دون رد، إثر إلقاء المقذوفات بأنواعها واجتياح الملعب الأمر الذي تطلب تدخلا من الأمن باستعمال القنابل المسيلة للدموع، وتفريق الجمهور الذي نزل الى الأرضية. وتسببت أحداث اقتحام الملعب في إصابة 23 من أفراد الأمن التونسي.
و تكررت الأحداث ذاتها تقريبا بمناسبة نهائي كأس تونس 2014 بين النجم الساحلي والنادي الصفاقسي، والذي انتهى بتتويج فريق جوهرة الساحل باللقب، وشهد اللقاء أحداثا مؤسفة حيث حصل تبادل عنيف بين لاعبي الفريقين بعدأن أقدم عدد من لاعبي النجم أثناء الاحتفال باللقب على استفزاز جمهور فريق عاصمة الجنوب، الأمر الذي لم يرق للاعبي هذا الأخير ليتحول المستطيل الأخضر إلى ما يشبه حلبة مصارعة تطلبت تدخلا من العناصر الأمنية لإيقاف هذا الانفلات وأسفرت المواجهات عن إصابة أربعة من عناصر الشرطة.
كما لا يمكن نسيان ما حدث بمناسبة نهائي سنة 2018 بين النادي الأفريقي و النجم الساحلي، و بالذات حادثة الطفل عمر العبيدي مشجع الأفريقي والذي فارق الحياة غرقا بوادي مليان المجاور لملعب رادس، تبقى الحادثة الأكثر إيلاما لعشاق الرياضة في تونس. فقد حصلت أحداث شغب في مدرجات ملعب رادس بمناسبة إحدى مباريات النادي الأفريقي، إذ تم اتهام عناصر الأمن بالتخاذل وعدم مد العون له لإنقاذ الطفل.