بدعة اختبارات الشباب!

تحديثات مباشرة
Off
تاريخ النشر:
2023-07-23 15:29
جانب من منافسات دوري الشباب العراقي لأندية الممتاز (Iraq F.A)
إياد الصالحي
كاتب رأي
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

ما إن نسمع أو نقرأ عن حالة جديدة ليس لها مثيل يتم استحداثها بسلوكٍ أو فِعل يُثير الجدل ولا يُحقّق الإجماع عليه، فسُرعان ما نقول إنها بِدعة تستوجب معالجتها كي لا تصبح عُرفاً أو عادة سائِدة ومُتّبعة مستقبلاً بقواعد مُبتكرة من تكرار السلوك.

ما أثار انتباهي حقّاً، إعلان الاتحاد العراقي لكرة القدم، المنشور أمس السبت في قناتهِ الإعلاميّة، والذي يُشير إلى أنّ الجهاز التدريبيّ لمنتخب الشباب قرّرَ إجراء اختباراتٍ للاعبين المحلّيين من مواليد (2005 و2006 و2007) وفق التسجيل الإلكتروني، وبعد إكمال اللاعب التسجيل تصله رسالة إلى بريده الإلكتروني ورقم (الواتساب) الخاص به، تُبلِغه بدعوتهِ لموعد الاختبار ومكانه، وبعدها يتم الإعلان عن جدول خاص لجميع المحافظات قُبيل إجراء الاختبارات. 

بإعلان كهذا، ضرب اتحاد الكرة مَهمَّة الكشّافين وما أكثرهم ممّن يمتلكون الخبرات والتجارب والنتائج الإيجابيّة مع اللاعبين البراعم والأشبال والناشئين والشباب، ويعملون في مراكز الموهبة بالعاصمة بغداد والاتحادات الفرعيّة في بقيّة المحافظات، عرض الحائط، واستعاض عنهم باستمارة إلكترونيّة تُملأ من اللاعب نفسه أو ذويه ليُرشّح نفسه إلى الملاك التدريبي لمنتخب الشباب، ويخضع للاختبار حسب الموعد الذي سيُحدّد له لاحقاً، وهي عمليّة طويلة تستنزف الجهود والأموال والوقت لأشهر طويلة من أجل التحضير لدخول المنتخب في مرحلة إعداد مثالي استعداداً للاستحقاقات المُقبلة؛ وأبرزها تصفيات كأس آسيا في 21 سبتمبر/ أيلول 2024، مثلما برّر الاتحاد الغاية من إعلانه المذكور.

بلد بحجم العراق يمتلك ثروة بشريّة كبيرة من المدرّبين الذين مرّوا عبر تاريخه الرياضي مع نُخبة من الأكاديميين والخُبراء ومُستشاري الاتحادين الآسيوي والدولي مُنذ تأسيس اتحاد الكرة العراقي قبل 75 عاماً، وحائز على لقب بطل آسيا للشباب خمس مرّات أعوام (1975، 1977، 1978، 1988، 2000) ومتأهِّل إلى مونديال الشباب ست مرّات أعوام (1977، 1979، 1989، 2001، 2013، 2023) ألا ينبغي مُراعاة ذلك من الاتحاد للمحافظة على التاريخ والسعي لإضافة مُنجزات جديدة من خلال آلية عمل تُناظِر ما يجري في بقية الاتحادات العربية (المتطوّرة)؟

كيف أجازَ الاتحاد تمرير آليّة كهذه لاختيار لاعبين جُدد لمنتخب الشباب ولديه دوري مُنتظم للفئات العمريّة ومراكز للموهوبين في عموم المحافظات، أين ذهبت جهود المدرّبين وهُم الأدرى بكنوز فرقهم الثمينة ومنحتهم الخبرة الدراية الدقيقة بمواصفات اللاعب الجاهز للتدريب والمُنتج في العطاء بعد الاحتكاك في اللعب الودّي والرسمي مع الفرق المحلّية والأجنبيّة؟

إن نتائج الاختبارات للسنين الثلاثة الماضية التي انشغل بها الملاك التدريبي لمنتخب الشباب وأضاع وقتاً مهمّاً من برنامج التحضير لم تكن مُشجِّعة، بل أثارتْ الامتعاض حول استدعاء هذا اللاعب وإهمال ذاك، وبالفعل لم تكن التشكيلة المُختارة لأكثر من مناسبة آسيويّة وعالميّة مستوفية للمعايير البدنية والمقدرة الفرديّة والانسجام الجماعي، بدليل أن المدرب عماد محمد انشغل في كيفيّة مواجهة منتقديه عبر منصّات التواصل الاجتماعي أكثر من انهماكه بعمله مع المنتخب.

الطامة الكبرى هي غياب التقييم الحقيقي من لجنة فنيّة حصيفة بُعيد عودة منتخب الشباب بنتائج خجولة من منافسات بطولة كأس العالم للشباب تحت 20 سنة في الأرجنتين مايو/ أيار الماضي، بعد خسارتهِ من الأوروغواي (0-4) ومن تونس (0-3) وتعادل مع إنجلترا سلبيّاً، مُسجِّلاً تراجُعاً فنيّاً واضحاً لعدم توفّر الخبرة الكافية للملاك التدريبي تُنقذه من ورطة صراعات تكتيكيّة عالية المستوى.

إن إصرار مدرب الشباب على دعوة عشرات اللاعبين لم يشاهدهم سابقاً لاختبارات لا تتجاوز مدّة مشاهدة كُلّ لاعب سوى دقائق معدودة هو نهج خاطئ استمرَّ عليه مُنذ تسميته مدرّباً لمنتخب الناشئين لتولّد (2004-2003) في 18 مارس/ آذار 2019، حيث دأب على إجراء الاختبار لما يُقارب 20 فريقاً في كلّ محافظة بتوقيت 6-8 ساعات في محطّات مُتنقّلة لمحافظات الوسط والجنوب وإقليم كردستان، ولم يستفدْ منها كثيراً، وذلك لعدم استعانتهِ بالكشّافين الذين يُمكن أن يُقدِّموا له 100 لاعب يجري اختبارهم بنفسهِ ثم يختار 40 منهم يواصلوا التدريب المُنتظم معه، حتى يمتلك القناعة بتقديم قائمة تضمُّ 25 شاباً إلى اتحاد الكرة يستحقّون الثِقة بلا تردُّد للدفاع عن الكرة العراقية في بطولات عام 2024.

نُذكِّر الجميع، صعب جداً أن يُضيّع العراق مواهب فريدة في تاريخهِ بعد انتهاء كلّ بطولة قاريّة لم يُحسِن اتحاد اللعبة اختيار المدرّب المناسب له، فالأخطاء الفنيّة الفادِحة التي رافقتْ آخر مُنتخب شارك في بطولة آسيا تحت 20 عاماً في أوزبكستان مارس الماضي، كانت كفيلة بتغيير المدرب وإن تأهَّلَ الفريق إلى المونديال، فالشباب بحاجة إلى من يُعلّمهم لا أن يتعلّم منهم ويفشلا معاً.

شارك: