بالحبر السري.. قامات ومقامات عراقية
أكتب هذه المقالة وأنا أشهد هنا في البصرة، بلد السياب، احتفالات عارمة للشعب العراقي العزيز على قلوبنا بالتأهل إلى المباراة النهائية من كأس الخليج 25، التي حولت العراق إلى محط أنظار العالم، وأصبحت مركز الأحداث الكروية الخليجية بنسخة الحلم الخليجي، بعد تنظيم البطولة وافتتاحها والانتصارات المدوية لأسود الرافدين.
تعطلت الشوارع وتوقفت محركات السيارات ونزل حشد جماهيري للشوارع منذ الصباح الباكر، منهم مَن دخل الملعب وأغلبهم احتفلوا خارج الملعب، وسط المنازل والطرقات والساحات، وعلى شط العرب رقص العراقيون طرباً ونصراً وفرحاً بتحقيق كل النجاحات داخل الملعب وخارجه.
كان وراء هذا النجاح المبهر قيادات وشخصيات وقامات رياضية عاشقة ومحبة للعمل الرياضي، فأعطوا كل وقتهم وتفكيرهم ليكون خليجي البصرة حدثاً استثنائياً بمعنى الكلمة، ووعدوا فأوفوا، وعملوا فنجحوا، تكاتفوا فأبهروا، وتابعوا أدق التفاصيل فصاغوا مقاماً رفيعاً في التنظيم رغم الظروف، وركزوا في العمل فأنجزوا بسرعة البرق، وواصلوا العمل ليلًا ونهارًا لأنهم قدر المسؤولية، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.
شخصيات يُرفع لها القبعة، وتُوجه لهم التحية لمجهوداتهم الجبارة، ولأنهم وضعوا العراق نصب أعينهم، تغاضوا عن كثير من الأمور لأن همهم الأول ضيوفهم من الخليج العربي الذين "إذا جئتهم تحول العراقيون ليصبحوا الضيوف والخليجيون رب المنزل"، وطبقوا المثل العراقي القائل: "عين غطى وعين فراش".
شكّلت الشخصيات العراقية قوة ضاربة في التنظيم وتحقيق النجاح، نجاح ليس كأي نجاح آخر، عندما قدموا البصرة والعراق معاً إلى موقع لبطولة تاريخية سجلت أرقاماً قياسيةً من الصعب أن تتكرر، ووضعوا كل الإمكانات طوعاً لبطولة يعشقها القاصي والداني في الخليج العربي.
أسماء متفانية لن تنساها ذاكرة دورات الخليج، صاغوا منظومة عمل رياضية ناجحة بكل المقاييس، يتقدمهم رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الذي فتح أبواب بلاد الرافدين للجماهير الخليجية، وقال لهم: "أبواب العراق مشرعة لكم أيها الأحبة الكرام"، وهو شهم كريم، حمل ضيوف البطولة على أكف الراحة.
وزير الرياضة والشباب العراقي، معالي أحمد المبرقع، الذي كان قريباً، يلامس كل صغيرة وكبيرة، ويستمع بإنصات لكل المقترحات، ويملك طموحات تعانق عنان السماء، وهو أحد "صقور العراق" الذين يملكون رؤية كبيرة لتطوير الرياضة العراقية.
الكابتن عدنان درجال، رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم، خُلق بموهبة القيادي، وقد ناضل لسنوات لتعود كأس الخليج إلى العراق، ولم يكن يشك للحظة واحدة في أن حلمه وحلم العراقين لن يتحقق، رغم أنه مر بالكثير والعديد من المطبات، وبين شد وجذب، نجح الرجل في أن يحقق الحلم العراقي، وهو أحد نسور العراق.
محافظ البصرة، أسعد العيداني، الذي عمل بكل الإمكانات ليحول البصرة إلى واحة جميلة، لقد تفاعل العيداني مع كل اللحظات قبل البطولة وفي أثنائها، وبصماته واضحة في مدينة السحر والجمال والعلم والأدب.
قيادات وقامات ومقامات وضعت العراق نصب أعينها، وكأس الخليج من أوليات نجاحها، والجماهير الخليجية شقيقة للشعب العراقي الكريم والمضياف، كتبوا تاريخاً جديداً بمداد من ذهب امتداداً لتاريخ العراق الموغل في القدم، الكل جعل العراق جميلة، وهي رائعة منذ 7000 سنة.